هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"أكثر ما يمكن أن نقوم به هو لمة الأسرة حول فيلم أو مسرحية بالتليفزيون، أما الاحتفال فله ناسه"، فقرة عبرت بها بائعة مصرية، عن طريقة احتفال فقراء المصريين بليلة رأس السنة، بالوقت الذي تسود فيه الاحتفالات بقاع الأرض بالعالم الجديد.
أم محمد، بائعة الخبز بمنطقة شعبية بالقاهرة تقول
لـ"عربي21": "نحن كمصريين نحتفل بأعياد كثيرة ونصنع بها الأطعمة
والأكلات ونشتري لها الملابس ونوفر القرش على القرش لهذا اليوم، ولكن لم نتعود
الاحتفال بالسنة الجديدة، ويكفينا نحن الغلابة أن نسمع عن احتفالات البهوات والبشوات"، بحسب تعبيرها.
هنا يحتفل الأغنياء
ومن حديث أم محمد للحديث عن احتفالات الأثرياء ورجال
الأعمال وبعض النخب برأس السنة بالفنادق والمنتجعات؛ والتي بدأت يوم 23 كانون
الأول/ ديسمبر، بحفل اللبنانية هيفاء وهبي، والمطرب محمود العسيلي، بفندق بشرق
القاهرة، بسعر التذكرة من 2000 جنيه وحتى 4000 جنيه.
وتتابعت الحفلات بفنادق القاهرة وبواخرها النيلية
ومدينتي شرم الشيخ والغردقة والساحل الشمالي، أيام 25 و31 كانون الأول/ ديسمبر،
وغلب على أسعار التذاكر ببلد يقبع 30.2 بالمئة من سكانه تحت خط الفقر، ويلامس نصفه
معدلات الفقر حسب البنك الدولي؛ ما بين ألفي جنيه وحتى 10 آلاف جنيه.
اقرأ أيضا: هكذا تلقى المصريون أول صدمة لعام 2019.. ما علاقة أردوغان؟
وحسب رصد بسيط فإنه أقيم حفل المطرب عمرو دياب بفندق
بالقاهرة الجديدة، بأسعار تذاكر بين 3500 و5000 جنيه، وتحيي شيرين
عبدالوهاب، وصابر الرباعي، حفلا بفندق على النيل بأسعار تذاكر 6000 و8000
و10000 جنيه.
وتحيي السعودية وعد، وأحمد سعد والراقصة دينا حفلا
بأحد المنتجعات، بأسعار 2500 وحتى 5000 جنيه، فيما يحيي السعودي رابح صقر، حفله
بأحد فنادق القاهرة، وأسعار التذاكر بين 4000 وحتى 10000 جنيه.
احتفال الطبقة الوسطى
وتقول الكاتبة المهتمة بشؤون الأسرة والمجتمع، دينا
درويش، "أنا أحتفل برأس السنة كل عام بجمع الأصدقاء بمنزلي وتقديم الطعام عبر
وليمة تشاركية، بمعنى أن كل أسرة تعد طبقا".
وأضافت درويش لـ"عربي21"، "هذا العام
لن نحتفل بسبب مرض أحد أقاربي مراعاة لمشاعر أسرته، وسنقضي الليلة بمنزلنا أمام
فيلم (فورست جامب)، حيث أريد أن يراه أبنائي لأنه يحمل فكرة رائعة وهي أن الرزق
بيد الله".
ويقول المسوق العقاري حمدي الزملي، "رغم أنني
عشت بأوروبا كثيرا وشهدت احتفالات الكريسماس حيث الجميع يحتفلون وأنا واحد من
المجموع؛ إلا أنني الآن بمصر لا أحتفل برأس السنة فهو لا يعنيني وليس على قائمة اهتماماتي"،
مضيفا لـ"عربي21"، "أرى أن المصريين يحتفلون بهذه الليلة أكثر من
احتفالهم بالأعياد الرسمية".
اقرأ أيضا: تعرف على أبرز مؤشرات الاقتصاد المصري في 2018
ويفيد الشاعر عبدالرحمن مقلد، بأنه "ليس لي شكل
معين للاحتفال؛ لأنى أحتفل بشكل دائم ولا أتوقف أبدا"، مشيرا إلى أن الاحتفال
بالنسبة لي لا يرتبط بأسباب اقتصادية، موضحا أن أجمل احتفال له برأس السنة "وسط مجموعة شعراء وبأرخص أماكن وبالشارع"، مؤكدا أن معظم احتفالاتهم كأدباء
مصريين وبينها رأس السنة عبارة عن إنشاد القصائد والسير بنشوة في شوارع القاهرة.
وحول كيفية احتفال معظم المصريين برأس السنة يرى
مقلد بحديثه لـ"عربي21"، أنه "بشكل عام ودون أي أسباب دينية أو
سياسية أو اقتصادية وراء ذلك؛ فالمصريون لم يعرفوا أعياد الكريسماس بشكل كبير والاحتفالات
تقتصر على الفئات الغنية والمثقفين فقط"، معتقدا أن "المصريين ينفقون
الكثير على الأعياد مثل الكعك والبسكويت في عيد الفطر وليس هناك أسباب اقتصادية
تمنعهم من ذلك في رأس السنة".
أين يحتفل الموظفون؟
المهندس رضا، مدير الكهرباء بإحدى المدن الصناعية يقول
"في طوارئ"، موضحا لـ"عربي21"، إنهم خلال الأعياد بشكل عام
وفي رأس السنة بشكل خاص يكونون بحالة طوارئ لا تنتهي إلا بانتهاء الاحتفال.
ورغم أن امتحانات منتصف العام تتزامن مع احتفالات
رأس السنة، إلا أنه تم الإعلان عن حفلات لمطربين شعبيين بمناطق عدة، حيث بدت مؤخرا
ظاهرة المطربين الشعبيين "حمو بيكا" و"مجدي شطا"، التي جذبت
قطاعا من صغار الشباب رغم ما يقدمانه من كلمات مبتذلة وفن هابط، بحسب نقاد.
وفي تعليقها تقول الكاتبة المتخصصة بشؤون الأسرة
والمجتمع ناهد إمام: "ما بين التقليد الأعمى الاعتيادي والتيه البين يحتفل
المصريون بالعام الجديد؛ ويحتفلون بالواقع الافتراضي بالكوميكس والسخرية والسطحية
وذكر مساوئ العام المنصرم والسخرية مما قد يأتي به العام القادم وبعضهم يرتدي
اللباس التحفيزي مخالفا الأغلبية الساخرة".
الكاتبة الصحفية إمام أضافت لـ"عربي21"، أن "الاحتفالات تختلف بالكمبوندات والأحياء والمناطق الراقية للنخبة بالطبع عن الفقيرة والعشوائيات، ولكن السمة العامة هي وجود بابا نويل بالمولات الفخمة المنتشرة وزينة أعياد الميلاد وصولا للمحلات بالأزقة بهدف ترويج السلع واستغلال أجواء تبدو مبهجة لترويج تجارات كاسدة".
وتعتقد الباحثة الاجتماعية أن "معظم الناس
يكتفون بالمشاهدة أيضا ليلة رأس السنة، على البقية التي تحتفل عبر ما ستنقله
الفضائيات من احتفالات على بعض المسارح أو البرامج وما شابهه، في ما هو أشبه بالجزر
المنعزلة، كل في واد، وكل يغني على ليلاه".
وختمت بالقول: "وعلى أية حال كل الاحتفالات
بحقيقتها برأيي سواء ما يصنعه الفقراء أو النخب الأثرياء حفلات دق الزار؛ أناس لا
وعي لديهم بالأساس أو لديهم وعي زائف وآخرون يريدون فقد الوعي هروبا من مواجهة
آلام الواقع النفسية والاجتماعية والاقتصادية".