هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
احتل ملف اللاجئين السوريين في لبنان حيزا هاما من اهتمامات السياسيين ومحادثاتهم خلال عام 2018، وسط انقسام واضح حول آلية وتوقيت عودة اللاجئين إلى ديارهم وسط دعوات متزايدة من قوى سياسية من بينها التيار الوطني الحر الموالي لرئيس الجمهورية ميشال عون بضرورة الإسراع في إعادة اللاجئين إلى ديارهم تخفيفا من الأعباء التي يكابدها الاقتصاد اللبناني.
لكن دعوات هذه القوى عارضتها مواقف من قوى أخرى
من بينها تيار المستقبل الذي يعتبر أنّ أي "عودة عشوائية" قد تكون حكما
بالإعدام على اللاجئ السوري بفعل ما يجري في بلاده من عمليات انتقام وقتل واعتقال
يمارسها النظام السوري.
الحل المؤقت
وكان ابتداع "الحل المؤقت" على
الطريقة اللبنانية حاضرا لجهة تنظيم جهاز الأمن العام عملية عودة أُطلق عليها
تسمية العودة الطوعية للاجئين السوريين، كما ساهم حزب الله بشكل فعّال في تشجيع
هذا العودة، وأنشأ مكاتب خاصة لاستقبال طلبات العائدين.
وتشير أرقام الأمن العام إلى عودة أكثر من
خمسين ألف سوري خلال الأشهر الماضية، فيما بدت التحذيرات أكثر جدية على مصير
العائدين عندما أشار الوزير معين المرعبي إلى أنّ معطيات توفرت لوزارته تؤكد حصول
تجاوزات من تنكيل واعتقال بحق عائدين من اللجوء من لبنان إلى سوريا.
وتحدّثت هيئة علماء المسلمين
لـ"عربي21" عن المخاطر التي تحدق باللاجئين السوريين العائدين، فأشارت إلى أنها عبرت مرارا عن تخوفاتها من عمليات التنكيل والقتل والاستهداف بحق
المعارضين للنظام.
وأشار عضو الهيئة الشيخ عدنان إمامة إلى أن
النظام "يفسح مسافة شهر أمام العائد المعارض له قبل أن يعمل على اعتقاله وفي
بعض الأحيان تصفيته".
ويبدو أن موقف المفوضية السامية للاجئين لا
يعدو كونه مراقبا، بينما تدل مواقفها الصادرة في بياناتها عن تخوفات خجولة ومحدودة،
بينما تشير المعطيات على الأرض إلى تراجع دور المفوضية في دعم ومساندة اللاجئين في
أماكن تواجدهم، بفعل انحسار ميزانية المفاوضية في لبنان تحديدا.
المنظمات الحقوقية
وعبرت المنظمات الحقوقية عن ريبتها مما يخطط
للاجئين السوريين، وأكد مدير المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان نبيل
الحلبي ما وصفه "بالموقف الثابت لجهة
عدم إعادة اللاجىء السوري دون إرادته خصوصا من دون تقديم أيّ ضمانات دولية لحمايته
على المستوى الشخصي".
وأشار الحلبي لـ"عربي21" إلى ضرورة أخذ الموضوع اللوجستي في الاعتبار
"كون أغلبية اللاجئين السوريين الموجودين في لبنان ينتمون إلى مناطق كريف حمص
موالية للمعارضة وهي مدمرة مما يحمل مخاطر كبيرة على العائدين".
وتطرّق الى أسباب اللجوء، قائلا:
"لم يكن أمام السوري الفارّ من العنف خيار سوى ترك بلاده نتيجة الخطر المحدق
عليه سواء بالاعتقال بفعل ملاحقة النظام لمن يعتبرهم ثائرين ضده، أو بفعل المعارك
التي ما زالت دائرة في مناطق سورية عدّة".
وشدّد على ضرورة عدم "التعاطي باستخفاف مع
مسألة اللاجئين الذين حضروا إلى لبنان من دون مرورهم بالمعابر الحدودية الخاضعة
للنظام خشية من اعتقالهم والتنكيل بهم"، لافتا إلى أنّ "الحديث عن مناطق
آمنة من قبل مسؤولين في الدولة اللبنانية يقصد بها المناطق الخاضعة تحت سيطرة
النظام السوري، ما يؤكد وجود أهداف سياسية وراء محاولة الدفع بعودة السوريين في
لبنان الى بلادهم بهذه الطريقة".
إقرأ أيضا: تركيا تعلن عودة نحو 300 ألف سوري إلى بلادهم
وتوقّع أن يأتي عام 2019 بالنسبة للاجئ السوري
حاملا "مزيدا من الأعباء المالية والمتاعب في ظل تخفيض المفاوضية السامية
للاجئين مخصصاتها عاما بعد آخر، بالتوازي مع الضغوطات التي تمارسها السلطات
اللبنانية على السوريين بمواصلة منعهم من حق العمل أو من خلال الضغوطات الأمنية
بتنفيذ اعتقالات بحق عدد منهم وبعضها يكون جماعيا وعشوائيا يطال معيلي العائلات
السورية".
وحذر من صعوبة أوضاع اللاجئين مع دخول موسم
الأمطار والثلوج مع تواجد أعداد كبيرة منهم في مناطق تخضع لظروف مناخية قاسية مع
عدم توفر الإمكانيات اللازمة في مخيماتهم غير النظامية أو المجهزة بوسائل وقائية
وبنى تحتية مناسبة"، مشددا على أنّ "ما يكابده السوريون في لبنان ليس
جديدا حيث تسجل سنويا وفيات بصفوفهم خصوصا الأطفال منهم جراء العواصف وتحديدا في
مناطق البقاع والشمال".
ودعا الحلبي المجتمع الدولي إلى اعتماد خطة
آمنة وسليمة لإعادة اللاجئين إلى ديارهم، مع الإشارة إلى صدور قرار ملزم من مجلس
الأمن رقم 2254 وينص على إعادة اللاجئين إلى مدنهم وبلداتهم الأصيلة، ما يؤكد حق
السوري العودة إلى منطقته وليس إلى مناطق سورية أخرى، مما يعارض سياسة التغيير
الديموغرافي المتبعة حاليا في سوريا".