هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن تأثير الانسحاب العسكري الأمريكي من سوريا على مختلف الجهات الفاعلة والمتدخلة في المنطقة وخاصة إسرائيل.
في الواقع، يعد الانسحاب الأمريكي ضربة موجعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي لطالما اعتمد على دعم واشنطن لتحقيق أهدافه في سوريا.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، سعى جاهدا للتكتم عن امتعاضه إزاء الانسحاب العسكري للولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، الذي تم تأكيده الخميس 20 كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتانياهو نجح في تحقيق فوزيْن مذهلين بفضل قربه من دونالد ترامب. ويتجسد الفوز الأول في الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر سنة 2017 يليه النقل الرمزي للسفارة الأمريكية.
أما الفوز الثاني، فكان من خلال انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاق النووي الإيراني في بداية أيار/ مايو الماضي. ومنذ ذلك الحين، يحاول المسؤولون الإسرائيليون، دون جدوى، إقناع نظرائهم الأمريكيين بالتروي قبل مغادرة سوريا.
اقرأ أيضا: NYT: هؤلاء أهم الرابحين والخاسرين من قرار ترامب بسوريا
وأضافت الصحيفة أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نشر تغريدة على تويتر مفادها أن الولايات المتحدة لا ترغب في أن تكون "الشرطي المسؤول عن الشرق الأوسط".
من جانبها، تتمثل الأولوية القصوى لإسرائيل في تعزيز جبهة واسعة النطاق تتألف من واشنطن ودول الخليج بغية مجابهة طموحات إيران في المنطقة.
نتنياهو يتجنب النقد
ونوهت الصحيفة إلى أن نتانياهو تجنب توجيه أي انتقاد علني لإدارة ترامب، وذلك تفاديا للمسّ من العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. وفي إشارة إلى عملية "درع الشمال" على الحدود اللبنانية، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن القرار الأمريكي لن يثبط العزيمة الإسرائيلية.
وفي سياق متصل، قال نتانياهو: "سنواصل اتخاذ إجراءات قوية ضد محاولات إيران للاستيطان داخل سوريا" وأضاف "لا ننوي الحدّ من مجهوداتنا في أي من هذه المجالات، بل سنعمل على تكثيفها. وأنا على يقين بأننا سنفعل ذلك بدعم كامل من الولايات المتحدة".
وأوردت الصحيفة أنه على الصعيد العملي، لم تساعد القوات الأمريكية إسرائيل في شن غاراتها ضد حزب الله أو القوات الإيرانية في سوريا. لكن من ناحية أخرى، يعد وجود الجنود الأمريكيين في حد ذاته رادعا نفسيا وعسكريا.
وفي هذا الصدد، يقول الأستاذ في قسم تاريخ أفريقيا والشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، إيال زيسر، إن "هؤلاء الجنود البالغ عددهم 2000، لا يمثلون قوة كبيرة للغاية، لكنهم زرعوا الخوف بين السوريين والإيرانيين، وحتى الروس لأن وجودهم كان ذا معنى، أما الآن فسيكون هؤلاء أقل حذرا".
اقرأ أيضا: محللون: هذه مكاسب إيران من الانسحاب الأمريكي من سوريا
وذكرت الصحيفة تغريدة نشرها مدير معهد دراسات الأمن القومي والرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الاسرائيلية، عاموس يدلين، قال فيها إنه "ليس هناك داع للشعور بالذعر"، حيث يعتبر يدلين أن إسرائيل لطالما كانت يقظة في الدفاع عن أمنها. في الواقع، يسلط يدلين الضوء على احتمال وجود مفاوضات بين واشنطن وأنقرة إذ ستسحب الولايات المتحدة حمايتها عن الأكراد، مما يمهد الطريق لتركيا كي تشن هجوما.
مخاوف إسرائيلية
وأوضحت الصحيفة أن أكبر مخاوف إسرائيل الناجمة عن الانسحاب المعلن، تكمن في قاعدة "التنف" العسكرية التي تقع جنوب سوريا مع الحدود العراقية. ووفقا لإسرائيل، يتمثل الهدف الأساسي لهذه القاعدة في منع إنشاء ممر شيعي في اتجاه ساحل البحر الأبيض المتوسط الملقب "بطريق الإرهاب" من قبل البعض، حيث يسمح هذا الممر بحرية التنقل للمقاتلين ونقل المعدات العسكرية عبر العراق وسوريا وصولا لحزب الله اللبناني.
وتطرقت الصحيفة إلى تصريح أدلى به الملحق العسكري السابق في السفارة الإسرائيلية في واشنطن، الجنرال إيلي بن مير، الذي أقر أن هذا الانسحاب الأمريكي "لا يعتبر أفضل نتيجة من وجهة نظر إسرائيلية، لكن للولايات المتحدة الأمريكية مصالحها المشروعة". في شأن ذي صلة، أفاد الرئيس السابق لقسم البحث والتحليل في قوات المخابرات التابعة لجيش الدفاع الإسرائيلي، بن مير، أن القرار الأمريكي "لن يؤثر بشكل كبير على قدرة إسرائيل في التصرف" داخل سوريا.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى عمود نشرته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية يوم الخميس، حاول بن مير من خلاله تقديم تحليل جلي وشفاف للوضع حيث قال: "ترامب وبوتين لا يعملان لصالح نتانياهو، على الرغم من الانطباع الذي يحاول هذا الأخير ترسيخه".