هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في أقل من أسبوعين، عادت مرة أخرى أزمة الملابس الساخنة للممثلات المصريات خلال مشاركتهن بمهرجانات وحفلات فنية، وللمرة الثانية تثير الممثلة رانيا يوسف الجدل حول ارتدائها فستان مثير، اعتبره الجمهور المصري استفزازا مقصودا من سيدات الوسط الفني للشعب المصري.
وكانت رانيا أثارت في بداية كانون الأول/ ديسمبر الجاري، الجدل بفستانها المثير الذي ظهرت به في ختام مهرجان القاهرة السينمائي، ما دفع بعض المحامين لتحريك دعاوى قضائية ضدها بتهمة الفعل الفاضح، وقيام نقابة المهن التمثيلية بفتح تحقيق حول الملابس المثيرة، بالإضافة للرفض الإعلامي والشعبي الواسع، ما أجبرها على تقديم اعتذار عبر صفحتها بالفيسبوك لتهدئة الرأي العام.
وبعد أسبوعين قامت رانيا بنشر صورا لإطلالتها الجديدة بختام مهرجان "الديرجيست"، وهي ترتدي فستانا لا يقل إثارة عن الأول، وبررت ذلك بأن الفستان به بطانة على عكس الأول، وهو ما تتطلبه "الموضة" باعتبارها تمثل الوسط الفني في المحافل المختلفة.
فساتين "رانيا" لم تكن الوحيدة التي أثارت أزمة، حيث شهدت المناسبات الفنية الأخيرة بمصر، عدة إطلالات لممثلات، كانت سببا في انتقادات إعلامية وجماهيرية، مثل هيفاء وهبي وفيفي عبده وداليا البحيري، وغادة عادل، وسما المصري، وغادة عبد الرازق، وكذلك نيكول سابا التي ارتدت فستان زفاف مرصع بالألماس تقدر قيمته بـ 200 مليون جنيه مصري (11.3 مليون دولار).
وفي تعليقها على الانتقادات الموجهة ضد ملابسهن الفاضحة علقت الراقصة المصرية فيفي عبده بمقطع فيديو نشرته عبر الفيسبوك قائلة: "أنا حرة .. ألبس اللي عايزاه .. انا عايزة اتشوي في نار جهنم وانت مالك ياللي مش عاجبك، انت مبتبصش (لا تنظر) لما تشوفني عريانة جسمي وانا حرة فيه".
وفي تعليقه على ظاهرة الفساتين المثيرة للممثلات المصريات يؤكد الناقد الفني سامح المهدي لـ "عربي21" أن الفساتين المثيرة التي ظهرت مؤخرا، لها عدة أسباب، منها أن عددا من مصممي الأزياء المتعلقة بالمهرجانات العالمية، فتحوا لهم مؤخرا فروعا بالقاهرة، لنقل الخبرات الأجنبية للسوق المصرية، وهو ما دفع عددا من الممثلات للاعتماد عليهم في المهرجانات المختلفة.
ويوضح المهدي أن الوسط الفني كان يعتبر ثورة يناير 2011، ووصول الإخوان المسلمين للحكم، خطرا يهددهم، وبعد إقصاء الإخوان يعتبرون أنفسهم شركاء لعبد الفتاح السيسي في انقلاب تموز/ يوليو 2013، وبالتالي لم يعد هناك ما يقلقهم أو يهدد ما يعتبرونه حرية لهم، وهو ما ولد لديهم رغبة في تحدي منظومة القيم والأعراف، باعتبارها تعبيرا عن الحرية التي شاركوا في صنعها بمشاركتهم في الإنقلاب.
ويشير الناقد الفني إلى أن عددا من الممثلات اللاتي ظهرن مؤخرا بإطلالات مثيرة، قمن بذلك للفت الأنظار إليهن، خاصة وأنهن لسن من نجمات الصف الأول كما فعلت رانيا يوسف، بالإضافة لأخريات يظهرن بشكل مثير في هذه المناسبات من باب المكايدة والتفاخر داخل الوسط الفني.
ويوضح المهدي أن الوسط الفني في السنوات الأخيرة، أصبح منفصلا بشكل كبير عن الشارع المصري، سواء فيما يقدمه من أعمال فنية، تخاطب فئات معينة، وترسخ لأفكار تخالف طبيعة الشعب المصري، أو من خلال تعاملهم مع باقي فئات الشعب من أبراج عاجية، وهو ما يبرر حالة التضامن الفني مع الممثلات اللاتي أثرن أزمة بسبب ملابسهن الساخنة.
ويحلل الباحث النفسي والاجتماعي مصطفى عزمي لـ "عربي21" ما تقوم به الممثلات المصريات، بأنه نتيجة طبيعية لتراجع منظومة القيم والرقابة المجتمعية داخل الشعب المصري، وفي ظل غياب متعمد من أجهزة الدولة، التي لا تمارس أي دور رقابي رادع لمثل هذه التصرفات حتى لا تتهم بأنها تقف ضد الحرية والإبداع.
ويضيف عزمي أن القطاع الذي مازال حيا في مواجهة هذا الانفلات الأخلاقي، هو التفاعل الشعبي من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن لأن ممثلات الجيل الحالي، لم يعد يشغلهن كثيرا الشعبية الجماهيرية، فإنهن لا يهتممن كثيرا بما تثيره الجماهير من انتقادات، بدليل إصرار "رانيا يوسف" على ارتداء فستان مثير جديد، رغم أزمتها التي لم يمر عليها سوى أيام قليلة.
وحسب الباحث النفسي والاجتماعي فإن تراجع الدور التوجيهي للمؤسسات الدينية الرسمية مثل الأزهر الشريف، لعب دورا مؤثرا في كسر حاجز الخوف أو الترقب، من ردة الفعل لدى هذا القطاع المنفلت من الأساس، وأصبح تعاملهن أكثر جرأة قد تصل في بعض الأحيان للبجاحة، سواء فيما يقدمنه من أعمال تليفزيونية وسينمائية، أو بهذه الإطلالات التي لا يكون المقصود بها الجمهور، وإنما أن يكن على غلاف مجلة فنية، أو يكن عنوانا لخبر صحفي بوسائل الإعلام المختلفة.
ويؤكد عزمي أن حالة التحدي التي ظهرت عليها الممثلات لمنظومة القيم والأخلاق المجتمعية، يبعث برسالة بأنهن لن يقبلن أي انتقادات شعبية، وأنه على الشعب أن يتقبل ذلك، ويتعايش مع كل ما هو قادم من هذا الوسط المدعوم سياسيا وإعلاميا.