هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا لمراسلها لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد سبنسر، يقول فيه إن القاعدة التي تقول "لا تتحدث مبكرا" تنطبق تماما على إعلان الانتصار في الحرب على الإرهاب، التي أصبحت تشبه لعبة whack-a-mole، "حيث يقوم من يلعبها باستخدام مطرقة لضرب خلند بلاستيكي عندما يطل برأسه".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن المدعي العام الفرنسي، المسؤول عن مقاضاة الإرهابيين، قوله في مقابلة هذا الخريف: "لم نشهد صيفا هادئا بهذا الشكل منذ أربع سنوات".
ويؤكد سبنسر أن التهديدات المنسقة بشكل كبير لمهاجمة أوروبا، مثل ذلك الذي وقع في مسرح باتاكلان واستاد فرنسا في باريس قبل ثلاثة أعوام، تضاءلت مع تضاؤل المساحات التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة في العراق وسوريا.
وتستدرك الصحيفة بأن ذلك القتل الجماعي كان الشاذ وليس القاعدة في الأنشطة الجهادية في الغرب، حيث تم تخطيطها في الرقة، وقادها جهاديون فرنسيون وبلجيكيون كانوا قد خدموا مع تنظيم الدولة في سوريا، ثم تسللوا سرا إلى بلدانهم.
ويجد التقرير أنه من الواضح جدا أن الهجمات العشوائية، التي تستمر في التأثير على بريطانيا والقارة الأوروبية، يقوم بها شباب تطرفوا ولم يسافروا إلى أي من مناطق الحرب، مشيرا إلى أنه في بعض الحالات، كما هي الحال بالنسبة للشخص المشتبه بقيامه بهجوم ستراسبورغ، فإن ذلك كان لأنهم كانوا في السجن.
ويرى الكاتب أن "كون ستراسبورغ هدفا ليس بالأمر الغريب، فلدى فرنسا أكبر عدد من الجهاديين الذين ذهبوا للقتال إلى جانب تنظيم الدولة، والتهديد الذي يشكله الجهاديون الذين بقوا أو عادوا هو تهديد كبير في المقابل، ومن المعلوم أن هناك حوالي 400 مواطن فرنسي، بينهم أحداث، عادوا، ما يعني أن هناك 700 آخرين إما يقاتلون وإما أنهم ماتوا، فيما هناك المزيد مسجونون في العراق أو سوريا، أو أن أماكنهم غير معلومة".
وتشير الصحيفة إلى أنه علاوة على ذلك، فإن هناك الآلاف من الرجال والنساء الذين يشك في كونهم متطرفين، بشكل أو بآخر، وهو ما يجعلهم موضع شك للسلطات، لافتة إلى أن نظام مراقبة التطرف في فرنسا أصدر إنذارات بخصوص 25 ألف شخص، بحسب إحصائيات وزارة الداخلية الصادرة العام الماضي، ومن بين هؤلاء هناك 9700 يعتقد أنهم خطيرون جدا.
ويجد التقرير أن السجون تعد مكانا خصبا للتجنيد، حيث يعد الشباب الساخطين هدفا سهلا، فيما تظهر الأرقام الحالية أن هناك 2300 سجينا في السجون الفرنسية يشتبه في كونهم وقعوا في التطرف، ومنهم 450 من المفترض أن ينهوا محكومياتهم العام القادم.
ويلفت سبنسر إلى أن مدينة سترازبوغ الجذابة، التي تقع على الحدود مع ألمانيا، وتضم مقرا للبرلمان الأوروبي، ليست مستثناة، بل إنها تأتي في الترتيب "من حيث الخطر الإرهابي" بعد باريس ومدن ساحل البحر الأبيض المتوسط، مثل مرسيليا؛ بسبب عدد الجهاديين فيها، حيث تتم مراقبة 36 منهم بحسب المحلل البارز للمشهد الجهادي الفرنسي أوليفر غويتا.
وتقول الصحيفة إنه في الوقت الذي انحسرت فيه المساحات التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في سوريا إلى مساحة صغيرة تحاصرها القوات المدعومة من أمريكا، فإنه ليس من الواضح أي اتجاه سيأخذ النشاط "الجهادي" على مستوى العالم، مشيرة إلى أن تقريرا صدر الشهر الماضي عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، قدر بأن هناك ما بين 100 ألف و230 ألف جهادي سلفي نشط في العالم، وهو أكثر بأربع مرات من عددهم عندما تم الإعلان عن "الحرب على الإرهاب" عام 2001.
ويورد التقرير نقلا عن مجموعة الأزمات الدولية، وهي مركز فكري منافس، ردها بالقول إن الرقم شمل عددا كبيرا من الفاعلين، من المتطرفين السنة في صراعات محلية، إلى أتباع تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة الدوليين، وكثير منهم، إن لم يكن غالبيتهم، غير مهتمين باستهداف الغرب.
ويؤكد الكاتب أن خسارة "الخلافة" والوحشية التي سبقت ذلك خيبتا آمال الكثير من الإسلاميين المتشددين، الذين كان من الممكن سابقا أن ينجروا إلى الأنشطة الإرهابية.
وتستدرك الصحيفة بأنه "من الصحيح أيضا أن دعاية تنظيم الدولة زرعت بذرة العنف الذي لا يحتاج إلى تنسيق، أو حتى أيديولوجية متناغمة بشكل كبير: مجرد كراهية الغرب مقرونة برغبة في الإيذاء، وأشار غويتا إلى أن مهاجم سترازبوغ لم يتبع أمرا يعد من أولويات الممارسات الجهادية: فهو هرب بدلا من أن يقوم بتفجير نفسه".
وينقل التقرير عن غويتا، قوله إن إرهاب تنظيم الدولة في الخارج هو بمثابة "ماكدونالد الجهاد"، أي أنه يمكن لأي شخص شراء هذا الامتياز، وأضاف أنه "مجرد أن يكون هناك شك بأنه قد يكون خلف العمل شيء، أو أن الأيديولوجية أدت دورا، فإن هذا يكفي لتحقيق الهدف".
وتختم "التايمز" تقريرها بالقول: "أما عن كيفية حصول مهاجم ستراسبورغ على القنابل والبنادق فإن هذه مسألة متروكة للمحققين في الجريمة، أما من أين أتى بالفكرة فإن الأمر ليس غامضا".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)