هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سلّط السجال بين شيخ الأزهر، أحمد الطيب، ورئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، خلال احتفال الدولة المصرية الرسمي بالمولد النبوي الشريف، الإثنين، الضوء على عمق الأزمة بين موقف الطيب ورغبات السيسي فيما يتعلق بما يسمى "تجديد الخطاب الديني" الذي يطالب به الأخير.
وأثار الخلاف على الهواء مباشرة، والذي تجاهل فيها الطرفان بعضهما البعض، تساؤلات بشأن خيارات السيسي في التعامل مع شيخ الأزهر، والتي تبدو محدودة، خاصة وأن منصبه محصن، ولا يملك رئيس الجمهورية سلطة إقالته.
ووفق المادة 7 من دستور 2014، فالأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة، يختص دون غيره بالقيام على كافة شؤونه، وهو المرجع الأساسي في العلوم الدينية والشؤون الإسلامية، ويتولى مسؤولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية في مصر والعالم.
وتلتزم الدولة بتوفير الاعتمادات المالية الكافية لتحقيق أغراضه. وشيخ الأزهر مستقل غير قابل للعزل، وينظم القانون طريقة اختياره من بين أعضاء هيئة كبار العلماء.
خيارات السيسي
ولم يستبعد مختصون بالشأن الديني ومحللون تحدثوا لـ"عربي21" لجوء السيسي إلى استخدام برلمانه لتعديل المادة السابعة من الدستور يما يسمح بعزل شيخ الأزهر، أو تحديد منصبه بمدة زمنية، كما حدث مع مناصب أخرى حصنها الدستور من العزل، ثم قام بتعديل المواد الخاصة بها، أو دفع للاستقالة.
وفي آذار/ مارس 2016، عزل السيسي رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، المستشار هشام جنينة، بعد أن منح نفسه سلطة عزل رؤساء الهيئات الرقابية والمستقلة.
وفي حزيران/ يونيو 2018، أطاح السيسي بصديقه ووزير دفاعه، صدقي صبحي، في خطوة مفاجئة، رغم حصانته الدستورية، التي تنص على توليه منصبه لفترتين متتاليتين، أي لثمان سنوات.
وبدأ السيسي في كانون الثاني/ يناير 2015، معركته ضد الأزهر خلال احتفال وزارة الأوقاف والأزهر الشريف بالمولد النبوى الشريف، وقال السيسي وقتها إنه يحمّل الأزهر الشريف، إمامًا ودعاة، مسؤولية تجديد الخطاب الديني والدعوة بالحسنى وتصحيح الأفكار والمفاهيم التي ليست من ثوابت الدين، مطالبًا بثورة دينية لتغيير المفاهيم الخاطئة.
الأزهر أساس الدولة
وفي حديثه لـ"عربي21"، انتقد الأمين العام السابق لجبهة علماء الأزهر، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر، يحيى إسماعيل، الدعوة إلى إعادة النظر في السنة؛ لأنه سيأتي من يدعو لإعادة النظر في نصوص القرآن، قائلا: "إن السنة النبوية ركن من أركان الإسلام، والدعوة إلى إعادة النظر فيها دعوة مغرضة، دعا لها المستشرقون والغربيون من قبل، والقرآن لا يفهم من غير السنة".
وبشأن انخراط مؤسسات أخرى في أمور الدين، كالأوقاف والإفتاء، قال: "الفتوى تتبع وزارة العدل، والأوقاف منوط بها إدارة أوقاف المسلمين على وفق نص الواقف، ومصر في الدستور دينها الإسلام، وبناء عليه لا يقبل أبدا أن يكون في مصر اسمها مؤسسة دينية، كل المؤسسات ينبغي أن تكون منضبطة وفق دين الدولة، وعلى كل مؤسسة عدم تجاوز حدودها".
وفيما يتعلق بحصانة شيخ الأزهر، رفض الشيخ يحي المساس بمكانته ورمزيته، قائلا: إن "الإسلام هو الذي أوجد الدولة، وليس العكس، والأزهر هو ممثل الإسلام، ووريث مسجد عمرو بن العاص، والأزهر هو أساس الدولة في مصر على مر العصور، ولا يمكن القول بغير ذلك، وينبغي للأزهر الحرية والحق في اختيار شيخه".
الأزهر سابق على الدستور
استبعد المنسق العام لجبهة شرفاء الأزهر، السابق، حازم رضا، مساس الرئاسة بمصر بمنصب شيخ الأزهر؛ نظرا لحساسية المنصب في مصر، والعالم العربي والإسلامي، قائلا: "لا يستطيع السيسي مس الأزهر ولا شيخه، وحتى لو قام بتعديل الدستور أو قانون الأزهر، فالأمر في نهاية المطاف لهيئة كبار العلماء التي أيدت الطيب وبايعته".
واستدرك بالقول إن "المساس بهذا المنصب (شيخ الأزهر) سيكون سابقة لم تحدث من قبل في تاريخ الأزهر الشريف، فلا يجوز بنص الدستور أو غيره عزله أو إقالته؛ فهو باق في منصبه حتى وفاته، أو تخليه طواعية عن منصبه".
اقرأ أيضا: شيخ الأزهر يثير غضب السيسي.. كيف علق نشطاء؟ (شاهد)
ولكنه رجح أن يستعر ويحتد الصراع بين الطيب والسيسي عقب تلك المساجلة التي استمرت طوال حفل الاحتفال بالمولد النبوي، قائلا: "إن الصراع يحتد يوما تلو الآخر، ووصل إلى طريق لا رجعة فيه؛ شيخ الأزهر أعلنها بوضوح أن الأزهر لن يساند أي مشروع ضد الثوابت الدينية".
إقالة أو استقالة
من جهته؛ قال الخبير القانوني، السيد أبو الخير، لـ"عربي21": إن "شيخ الأزهر باق في منصبه لا يعزل وفق الدستور"، مشيرا إلى أن السيسي أمام عدة خيارات فيما يتعلق بهذا الأمر.
وأوضح أن "الخيار الأول هو تعديل المادة 7 من الدستور بما يسمح بتعيين وإقالة شيخ الأزهر، ثانيا، تحديد منصبه بفترة زمنية من خلال تعديل دستوري أيضا، والثالثة، تقديم شيخ الأزهر استقالته، أو وفاته، فيخلو بذلك المنصب".
بدوره؛ قال السياسي المصري، محمد محيي الدين، لـ"عربي21": "عندما يبدو أن كلام شيخ الأزهر عن قدسية وحتمية احترام والحفاظ على السنة النبوية المطهرة موجه، أو رد على ما يبدو أنه توجهات لرئيس الجمهورية أو لبعض دوائره من إعلاميين أو نواب أو مسؤولين؛ فهذا يعني وجود خلل عنيف لابد من علاجه ويقينا ليس الخلل في جانب من يدافع عن السنة النبوية المطهرة".
وأضاف: "من جهة أخرى ومع كون مصر دولة إسلامية مدنية فما ينطبق على منصب البابا ينطبق ومن باب أولى على منصب شيخ الأزهر؛ لذلك فكل ما يمكن أن يثار عن تعديلات دستورية تخص الأزهر وشيخه أراها وقحة أولا ثم غير قابلة للتحقيق ثانيا".
الإطاحة بالطيب
فيما رجح رئيس حزب الفضيلة ومؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، قيام السيسي بعزل الطيب، وقال لـ"عربي21": "أتوقع أن يعزل السيسي الطيب".
ودلل على ذلك بالقول: "السيسي تخلص من كل من لا يريده، بالدستور وغير الدستور، بما فيهم المستشار هشام جنينة، ووزير دفاعه، وداخليته؛ فالسيسي لا يقبل من الجميع إلا أن يسلموا له تماما، والعمل بما يمليه عليهم جميعا".