التطورات المتسارعة في المنطقة تنعكس بشكل مباشر على تطور العلاقات
بين مختلف القوى والحركات الإسلامية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة بين هذه
الحركات، قد تطوي فترة تداعيات الثورات الشعبية العربية، والتي تركت ندوبا كبيرة
في الساحة الإسلامية.
فبعد
أزمة اغتيال الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية
السعودية في تركيا وتداعياتها، وبعد
العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، ونجاح قوى المقاومة
الفلسطينية في التصدي
له وتحقيق إنجازات أمنية وعسكرية مهمة، ازدادت حركة الاتصالات واللقاءات بين
قيادات الحركات الإسلامية المختلفة، وخصوصا بين قيادات إخوانية مع حزب الله، إضافة
إلى زيادة التعاون والتنسيق بين كل من حركة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي
والقيادة
الإيرانية. كما أن الاتصالات الإيرانية مع القيادات الإخوانية لم تنقطع،
وقد تشهد المزيد من التواصل واللقاءات، ولا سيما على هامش مؤتمر التقريب بين
المذاهب الإسلامية، والذي يعقد في العاصمة الإيرانية طهران في الأيام القليلة
المقبلة، والذي سيكون عنوانه: "القضية الفلسطينية ومواجهة صفقة القرن".
وقد
اختار المسؤولون الإيرانيون القضية الفلسطينية كعنوان لمؤتمر الوحدة الإسلامية
الذي يعقد دوريا في العاصمة الإيرانية بمناسبة أسبوع الوحدة الإسلامية، كون هذه
القضية تشكل العنوان الجامع لجميع القوى والحركات الإسلامية والفصائل الفلسطينية،
خصوصا في ظل التطورات المتسارعة في المنطقة، والتي كانت تمهد لإطلاق صفقة القرن
وتعزيز التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني.
وتشير
مصادر إسلامية مطلعة في بيروت؛ إلى أنه منذ انكشاف عملية اغتيال الصحفي السعودي
جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول، والتداعيات الخطيرة لعملية الاغتيال
على الوضع السعودي الداخلي والأوضاع الإسلامية في كل المنطقة، والدور التركي
والقطري في تصعيد الحملة السياسية والإعلامية على السعودية والاستهداف المباشر
لولي العهد محمد بن سلمان، فإن وتيرة الاتصالات واللقاءات بين قيادات متنوعة من
الحركات الإسلامية في بيروت وعواصم عربية وإسلامية أخرى قد ازدادت، وذلك بهدف
تدارس الأوضاع والبحث في كيفية التعاطي مع التطورات المختلفة، والاتفاق على رؤية
موحدة للمرحلة المقبلة.
وتتابع
هذه المصادر: لكن التطور الاستراتيجي والمهم والذي حصل مؤخرا، تمثل بنجاح قوى
المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالتصدي للعدوان الإسرائيلي الجديد على القطاع،
وتحقيق إنجازات مهمة أمنية وعسكرية، مما فرض على القيادة الإسرائيلية القبول
السريع بوقف النار، وبروز تداعيات خطيرة داخل الكيان الصهيوني سياسيا وأمنيا.
وتعتبر
المصادر الإسلامية أن الانتصار الذي حققته قوى المقاومة الفلسطينية في غزة؛ شكّل
رسالة قوية للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني، والدول التي كانت تعوّل على صفقة
القرن المقبلة أو تراهن على توجيه ضربة جديدة ضد حزب الله أو إيران، بأن الخيار
العسكري قد سقط، وأن قوى المقاومة في المنطقة قادرة على مواجهة أي عدوان إسرائيلي
أو أمريكي جديد، وأن ما لدى قوى المقاومة من إمكانيات تجعلها قادرة على توجيه
ضربات قاسية للكيان الصهيوني في حال اندلاع أي حرب جديدة.
وعلى
ضوء هذه المعطيات والمتغيرات السريعة في المنطقة، تتوقع المصادر الإسلامية المطلعة
في بيروت أن تشهد العلاقات بين مختلف الحركات الإسلامية وبين هذه الحركات
والجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ تطورات إيجابية، كما أن التعاون الإيراني -
التركي - القطري سيزداد في أكثر من اتجاه، مما قد يساعد في حل الأزمات العالقة،
وأن كل ذلك سيكون على حساب المحور السعودي - الإماراتي المدعوم أمريكيا، والذي كان
يراهن عليه القادة الصهاينة والمسؤولون الأمريكيون لتمرير صفقة القرن وتصفية
القضية الفلسطينية.
إذن،
نحن سنكون أمام حراك إسلامي جديد في الأيام المقبلة قد ينهي السنوات العجاف التي
مرت على صعيد العلاقة بين القوى والحركات الإسلامية، مما قد يفتح الباب أمام المزيد
من دعم قوى المقاومة، وإعادة ترتيب وتنظيم محور المقاومة في مواجهة المتغيرات
الحاصلة في المنطقة.