هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تكافح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي من أجل البقاء بعد أن تسببت مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" في استقالة وزراء أساسيين في الحكومة وتمرد في حزبها.
وبعد مرور أكثر من عامين على موافقة البريطانيين في استفتاء على الخروج من التكتل لا يزال من غير الواضح كيف يتم الانسحاب ولا بأي شروط ولا حتى إن كانت بريطانيا ستخرج في الموعد المزمع وهو 29 مارس/ آذار عام 2019.
وكانت ماي التي وصلت إلى المنصب خلال الاضطراب الذي أعقب الاستفتاء الذي أجري في عام 2016 قد سعت إلى التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي يضمن أن تخرج بريطانيا من التكتل بأيسر طريقة ممكنة.
لكن وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دومينيك راب استقال أمس الخميس احتجاجا على مسودة الاتفاق مما تسبب في تراجع قيمة الجنيه الاسترليني. وسعى مشرعون داخل حزبها لتحدي قيادتها علنا وأبلغوها صراحة أن مسودة الاتفاق لن تحصل على موافقة البرلمان.
وكانت ماي قد تعهدت بالبقاء في منصبها وعندما طلب منها مستمع لمحطة إذاعة (إل.بي.سي) في اتصال هاتفي اليوم الجمعة أن "تتنحى باحترام" لم تتناول هذا الطلب على الفور في ردها على سؤال المستمع.
وردا على سؤال عما إذا كانت قد عرضت منصب وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على مايكل جوف أبرز وزير مؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي في حكومتها قالت: "لم أعين وزيرا لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بعد لكن من الطبيعي أنني سأفعل ذلك خلال اليوم المقبل أو في القريب".
سحب الثقة
وغصت تقارير وسائل الإعلام البريطانية بشائعات عن أن ماي ستواجه اقتراعا وشيكا من جانب المشرعين عن حزب العمال الذي تتزعمه بسحب الثقة منها.
وعندما يقدم 48 مشرعا خطابات بذلك إلى ما يسمى لجنة 1922 في الحزب فستواجه ماي اقتراعا بسحب الثقة منها تحتاج فيه إلى أغلبية بسيطة من إجمالي الأصوات لتستمر في رئاسة الحزب والحكومة.
وكتب المشرع مارك فرانسوا المؤيد للانسحاب من الاتحاد الأوروبي في خطاب عنوانه "إنها بالفعل لا تسمع" يقول: "من أجل حزب المحافظين، وللحقيقة من أجل مصير البلاد، أعتقد بأمانة أن الوقت قد حان الآن لإيجاد قيادة جديدة يمكنها أن تحمل هذا البلد إلى خارج الاتحاد الأوروبي".
ومع ذلك تعزز موقف ماي عندما أعلن مايكل جوف (51 عاما) وهو أبرز أعضاء حكومتها المؤيدين للخروج من الاتحاد الأوروبي مساندته لها قائلا إنه باق في منصب وزير البيئة.
وعندما سئل إن كان يؤيد رئيسة الوزراء، قال جوف الذي ضيع على وزير الخارجية السابق بوريس جونسون فرصة زعامة الحزب ورئاسة الحكومة في اللحظة الأخيرة في عام 2016 "أؤيدها تماما".
وأضاف: "أعتقد أن من المهم تماما أن نركز على الحصول على الاتفاق الصحيح في المستقبل والتأكد من أن بإمكاننا الحصول على نتيجة جيدة في المسائل التي تهم الشعب البريطاني أكثر من غيرها".
ووافق مؤيدون آخرون للخروج من الاتحاد الأوروبي على البقاء في الحكومة بحسب تغريدة كتبها تيم شيبمان المحرر السياسي لصحيفة صنداي تايمز.
الاستقالة لا تفيد
وكتب شيبمان على تويتر يقول نقلا عن مصدر لم يسمه: "الاستقالة والانضمام إلى تمرد (على رئيسة الحكومة) لن يفيد بشيء".
لكن صحفيا في صحيفة ديلي تلجراف قال إن ماي ستواجه اقتراعا بسحب الثقة الأسبوع المقبل إذ من المتوقع أن يقدم مشرعون من حزب المحافظين اليوم الجمعة الخطابات المطلوبة لفتح باب المنافسة على القيادة.
وقال كبير المحررين السياسيين للصحيفة كريستوفر هوب على تويتر نقلا عن مصادر مطلعة على شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي إن الاقتراع بسحب الثقة يمكن أن يجرى يوم الثلاثاء.
وقال المشرع البريطاني المحافظ ذو النفوذ ستيف بيكر اليوم الجمعة إنه يعتقد أن المشرعين المتمردين الذين يريدون الإطاحة برئيسة الوزراء يقتربون من الحصول على التأييد الكافي لإجراء اقتراع بسحب الثقة.
وقال بيكر وهو شخصية بارزة في المعسكر المناوئ للاتحاد الأوروبي في حزب المحافظين: "ما حدث أن أشخاصا يتصلون بي ويقولون لي إنهم يقدمون خطاباتهم... وأعتقد أننا لم نعد ببعيد".
وقال ديفيد ليدنجتون نائب رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اليوم الجمعة إن من المرجح أن تفوز ماي في أي اقتراع على الثقة إذا كتب المشرعون عن حزب المحافظين العدد الكافي من الخطابات اللازمة إلى لجنة في الحزب.
وقال في تصريح إذاعي: "إذا وصلت هذه الخطابات أعتقد أنها (ماي) ستكسب أي اقتراع من هذا النوع بحسم وهي جديرة بأن تحقق ذلك".
وأضاف: "هي تبذل أقصى ما في وسعها من أجل البلاد. أعتقد أن المصلحة الوطنية تقول إننا يجب أن نجتمع على تأييدها".
وقال ديفيد ديفيز الوزير البريطاني السابق لشؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي اليوم الجمعة إن البرلمان سيصوت ضد مسودة اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي التي أعدتها ماي بحيث يتعين عليها العودة إلى الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق مختلف.
وقال ديفيز: "أعتقد أن مجلس العموم سيرفض السياسة التي يتعين أن نتعامل بها وبعدها سيكون على رئيسة الوزراء إيجاد بديل".
وامتنع عن الحديث بشأن توقعاته لمستقبل ماي وقال إنه خارج المملكة المتحدة ومن غير اللائق التعليق.
ولا يزال الغموض يحيط بالنتيجة النهائية للأمر إذ تشمل السيناريوهات المحتملة التصديق على اتفاق ماي أو فقدانها لمنصبها أو خروج بريطانيا من التكتل دون اتفاق أو حتى إجراء استفتاء ثان.
ومن المقرر أن يجتمع زعماء الاتحاد الأوروبي يوم 25 نوفمبر/ تشرين الثاني للموافقة على اتفاق خروج بريطانيا.