هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للمعلق ديفيد غاردنر، يقول فيه إن جريمة مقتل جمال خاشقجي قد تترك آثارها على عملية الخلافة في السعودية.
ويقول غاردنر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن العاصفة التي أشعلتها عملية الاغتيال البشعة في القنصلية السعودية في اسطنبول قد توقفت لفترة قصيرة، فالتحقيق السعودي في الجريمة أوقف أي رد دولي، بل يبدو أنه نوع من التغطية لحماية ولي العهد والحاكم الفعلي للمملكة محمد بن سلمان".
ويشير الكاتب إلى أن "الرياض أرسلت النائب العام إلى تركيا للتعاون في التحقيق، وبدلا من تقديم معلومات، فإن الأتراك قالوا إن الفقيه الوهابي كان يريد الاطلاع على ما لدى الأتراك من معلومات عن الجريمة، وكان الجواب، (نعرف الكثير وما هو كاف لتوجيه أصابع الاتهام للقيادة العليا"، وكما فعلوا مع مديرة (سي آي إيه) وبقية الوكالات الاستخباراتية الغربية".
ويجد غاردنر أن "أي شخص يعرف الطريقة التي تعمل فيها السلطة في السعودية يمكنه معرفة القاتل، فإلى جانب المطالبة بالعدالة لخاشقجي فإن مثار القلق هو الأزمة التي تعاني منها الملكية المطلقة المتمركزة في يد شخص واحد، وهو ولي العهد، والأسئلة غير الواضحة هي عما سيحدث بعد؟".
ويلفت الكاتب إلى أن "الملك سلمان البالغ من العمر 82 عاما، الذي ابتعد عن الأمور اليومية في قيادة البلاد، وفوض القرارات لابنه ولي العهد، قام في بعض الأحيان بالتدخل وصحح المسار، ففي مناسبتين هذا العام واجه الملك ابنه، فوضع على الرف خطط بيع حصص من شركة (أرامكو)، وطرح أسهمها في السوق المالية، فيما أكد في المناسبة الثانية دعم العرب للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فأعطى الأمير محمد انطباعا لإسرائيل والولايات المتحدة بأن السعودية لا مشكلة لديها مع اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها".
ويقول عاردنر إن "مثل قضية خاشقجي، لم يعرف الملك بخطة بيع (أرامكو) والموقف من القدس إلا من خلال الرد الدولي، لا النقاشات الداخلية، وهما مسألتان تتعلقان بالسياسات، فيما ترتبط قضية خاشقجي بمسألة الوراثة ومستقبل آل سعود".
وينوه الكاتب إلى أنه "من المتوقع أن يخلف الأمير والده عاجلا وليس آجلا، وقد تمزقت مصداقيته بصفته مصلحا بسبب جريمة قتل لا تشبه الجرائم الأخرى من ناحية وقاحتها وغطرستها وعقمها، باستثناء وحشيتها".
ويقول المعلق: "يمكن لولي العهد الاعتماد على دونالد ترامب، فمع أنه هدد السعودية بالعقوبات الخطيرة، إلا أنه يقوم وبطريقة تكتيكية بالاصطفاف مع الكونغرس لتخفيف مطالبه القصوى، وتقوم إدارة ترامب بعملية إخراج من خلال إنهاء الحرب العبثية التي بدأها ولي العهد في اليمن".
ويرى غاردنر أنه "لو تجاهل التحالف الذي تقوده السعودية مطالب واشنطن فقد يصوت الكونغرس على تعليق مبيعات السلاح إلى السعودية كلها، ومن المتوقع أن تعيد واشنطن محاولاتها لإنهاء الحصار المفروض على قطر، ففي بداية هذا العام أقنعت الولايات المتحدة قطر بالتوقيع على ميثاق ضد الإرهاب، وهي في وضع يمكنها فيه الطلب من السعودية عمل الشيء ذاته".
ويعتقد الكاتب أن "استمرار الإدارة في الاعتقاد بأن السعودية هي حجر الأساس لسياستها في الشرق الأوسط هو مجرد كلام مبتذل، فالسعوديون لا يشكلون قوة دفع لإيران من الناحية العسكرية ولا الأيديولوجية، فأساليبهم المارقة حرفت النظر عن مغامرات إيران الإقليمية، وأخذت الزخم من الدفعة التي يحاول ترامب بناءها ضد الجمهورية الإسلامية، وبدا أن الدفعة الأخيرة من العقوبات ضد إيران فرضت هذا الأسبوع، باستثناء ثماني دول من تصدير النفط والغاز الإيراني لها، وسكت الإيرانيون عن التصريحات التهديدية، حيث راقبت النخبة الإيرانية بفرح الفضيحة العملاقة التي تسببت بها منافستها السعودية".
ويعلق غاردنر قائلا إنه "من الوهم تخيل قدرة محمد بن سلمان على المصادقة على خطة سلام صممت لصالح إسرائيل، وبرخصة سعودية، ثم يقوم بفرضها على الفلسطينيين، فمن الخطأ الكبير أن يقوم ابن عائلة سعود بصفته خادما للحرمين الشريفين، بشرعنة السيطرة الإسرائيلية المطلقة على القدس المقدسة للمسلمين والمسيحيين واليهود، وعلى ما يبدو لم يكن أحد من المحيطين به قادرا على تذكيره بهذه النقطة إلا عندما وصلت إلى والده".
ويقول الكاتب: "السؤال هو عما سيفعله الملك الآن؟ الإجراء الواضح هو إعادة دور العائلة المالكة في الحكم، وتأكيد الإجماع في اتخاذ القرار، وتوزيع السلطة التي يمكن أن تبقى حتى بعد رحيل الملك".
ويختم غاردنر مقاله بالقول: "إنه من الصعب عمل هذا بعد انقلابات القصر العام الماضي، التي صممت لسحق منافسي الأمير محمد، وكل شيء مهم، وهناك حاجة لإحياء النقاش حول مستقبل المملكة، الذي ساواه الأمير بالخروج عليه، وبعد جريمة قتل خاشقجي، شاهدنا نتائج الخروج هذه".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)