هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أكد باحثون وناشطون سيناويون أن ما أعلنه
المتحدث العسكري للقوات المسلحة عن عملية سيناء 2018، زاد الغموض حول مصير العملية
التي بدأت في 9 شباط/ فبراير الماضي، وكان مقررا لها ثلاثة أشهر فقط، ولكنها دخلت
شهرها التاسع دون نتائج واضحة.
ويشير مختصون إلى أن تصريحات المتحدث العسكري للتليفزيون
المصري مساء الأحد حول العملية، تعد الأولى من نوعها، بعد أن اعتمدت القوات
المسلحة على بياناتها الرسمية فقط في توجيه الرأي العام.
وكان المتحدث العسكري تامر الرفاعي أكد أن القوات
المسلحة مستمرة في إنشاء المنطقة العازلة بين رفح المصرية والحدود الفلسطينية
بمساحة 5 كليو متر، وكشف لأول مرة عن تشكيل قوة خاصة من الجيش والشرطة والقوات
الخاصة والمخابرات بمناطق الدلتا لمواجهة العناصر المتسللة من سيناء للعمق المصري.
ورفض الرفاعي تحديد موعد لانتهاء العملية، مشيرا إلى أنها
"تسير وفق المخطط المرسوم لها، وأنهم ما زالوا يواجهون صعوبة مع العناصر
المسلحة بسيناء، نتيجة وجود دعم مادي ومعلوماتي لهم من الخارج، وهو ما تمثل في نوعية
الأسلحة ووسائل الاتصال الموجودة بحوزتهم".
من جانبه يؤكد الناشط السيناوي فراج العريشي لـ"عربي21"
أن الوضع على أرض سيناء يختلف عما تذيعه القوات المسلحة من بيانات وتقارير، موضحا
أن سيناء مازالت مغلقة لا يدخل إليها أحد ولا يخرج منها أحد منذ بدأت العملية
العسكرية، كما أن وسائل الاتصالات والإنترنت تخضع لرقابة صارمة من المخابرات
الحربية، بالإضافة لاعتقال الآلاف وتصفية المئات على يد الجيش والشرطة دون سند من
القانون.
ويؤكد
العريشي أن مسألة التعويضات كذبة كبرى وأن تحديد المنطقة العازلة بخمسة كيلو مترات
ليس حقيقيا، حيث تتجاوز المنطقة العازلة هذه المساحة بكثير، ويتم إجبار الأهالي
على ترك منازلهم بالقوة الغاشمة التي تصل لهدم المنزل فوق من فيها إذا رفضوا الإخلاء.
ويشير
العريشي إلى أن سيناء تحولت لسجن كبير، يخضع كل شيء فيه لرقابة وسلطة الجيش سواء
الأكل أو المياه أو المواصلات والبنزين والسولار، ومن يخالف توجيهات الجيش يتم
معاملته باعتباره إرهابيا، وهو الوصف الذي أصبح شماعة لانتهاكات الجيش والشرطة
المتواصلة.
ودعا
الناشط السيناوي المتحدث العسكري للجيش بأن يوضح شكل الخطورة التي أشار إليها في
بيانه حول اغتيال 52 مواطنا سيناويا، وعن هدم عشرات المنازل بحجة أنها كانت مأوٍ للإرهابيين، بينما الحقيقة أن هؤلاء المواطنين رفضوا إخلاء منازلهم، ورفضوا العمل
كمرشدين للأمن، ومعظهم أعلن رفضه ومعارضته لرئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي
وممارساته على أرض سيناء، ومن ثم تم معاقبتهم.
وحول مصير
العملية العسكرية، يؤكد العريشي أن العملية بدأت دون أهداف إلا تفريغ سيناء وتأديب
أهلها لموقفهم الرافض للانقلاب العسكري، وهو الهدف الذي لم يتحقق حتى الآن رغم كل
آلة الحرب التي تم استخدامها من طائرات ومدرعات ودبابات وصواريخ ومدافع، والتي
حولت قرى بأكملها في رفح والشيخ زويد والعريش لأطلال، وكأنها كانت ساحة حرب بين
جيشين.
وفيما
يتعلق بتعرض قوات الجيش والشرطة لهجمات، أكد العريشي أن الهجمات مستمرة ولم تتوقف
ولا يخل يوم إلا ويشهد قتلى بين العسكريين من الجيش والشرطة، سواء في الكمائن أو
بتدمير آليات عسكرية، وهو ما يؤكد أن ما أعلنه المتحدث العسكري بمحاصرة المسلحين
غير حقيقي، موضحا أن شعور أهالي سيناء تجاه الجيش سيء للغاية، لعدة أمور أبرزها
أنه يعاملهم كأسرى حرب أعداء، أو كمجرمين لا يستحقون العيش على أرض سيناء.
غياب الثقة
ويضيف الباحث في الشؤون العسكرية والأمن القومي حسن مغربي
لـ"عربي21"، أن ما أعلنه المتحدث العسكري يدلل على وجود أزمة تحيط بالعملية،
التي خرجت عن مسارها المعلن من محاربة أنصار ولاية سيناء لتأديب المجتمع السيناوي، طبقا للتقارير التي تخرج باستمرار من أرض الواقع عن نشطاء سيناويين.
ويضيف مغربي أن الندوة التثقيفية التى عقدتها القوات
المسلحة منذ أيام للاحتفال بذكرى انتصار أكتوبر، شهدت نقاشات بين المشاركين فيها حول
تطورات العملية العسكرية، وحذر العديد من المدنيين الذين شاركوا في الندوة من
حالة عدم الثقة لدى رجل الشارع في نتائج العملية التي تجاوزت الوقت المحدد لها،
وأن ما يخرج عن القوات المسلحة في البيانات العسكرية لا يوضح الإنجازات الفعلية
للعملية، وهو ما يبرر الحوار التليفزيوني مع المتحدث العسكري.
ويشير مغربي إلى أن الحكومة صرفت مليار و380 مليون جنيه
مصري (773 مليون دولار) تعويضات لأهالي المنطقة العازلة للبحث عن سكن بديل، ولو تم
إنفاق هذا المبلغ على تنمية وتطوير سيناء بشكل جاد، لما احتاجت القوات المسلحة
للعملية من الأساس، كما أن هذا الرقم لا يعادل على الإطلاق حجم الخسائر في المال
والأرواح التي تكبدها الأهالي طوال أشهر العملية.
ويوضح مغربي أن سيناء أصبحت أرضا مفتوحة لإسرائيل التي
تقوم طائراتها بالدخول والخروج من الأجواء السيناوية دون أي اعتراض، وربما يكون
ذلك بموافقة من الجيش المصري نفسه.