هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت
صحيفة "التايمز" مقالا للكاتب ديفيد أرونوفيتش، تحت عنوان "يجب أن نضرب السعوديين بقوة"، يتحدث فيه عن اختفاء الكاتب السعودي جمال خاشقجي.
ويبدأ الكاتب مقاله بالقول إنه "لا يزال هناك (إذا) وقع القتل، لا أحد لديه دليل، لكن إن كان المعلق جمال خاشقجي لا يزال حيا في مكان ما، فمن هم السعوديون الذين طاروا إلى اسطنبول على طريقة عملاء وكالة الاستخبارات المركزية ثم غادروها بعد ساعات من اختفائه من زيارة لقنصليتهم؟ ربما طاروا فقط لزيارة سريعة لقصر توبكابي الجميل؟".
ويشير أرونوفيتش في مقاله، الذي ترجمته "عربي21" إلى أن الإعلام التركي كشف عن هوياتهم، عسكريين وشخصيات أمنية وطبية، أن الأمر يبدو إعادة لفيلم سكريبال مرة أخرى، عدا عن أنه إن قتلوه فعلا فإن القتلة هذه المرة يتبعون لحليف لنا وليس عدوا، والمستهدف كان رجلا جريمته هو أنه عبر عن رأيه".
ويلفت الكاتب إلى أن "جمال خاشقجي كان كاتب عمود في (واشنطن بوست)، وتحدث في مؤتمرات حول الشرق الأوسط، عادة في لندن، حيث له كثير من الأصدقاء، وعاش في منفى عن السعودية، لكن كثيرا من متابعيه على (تويتر)، والبالغ عددهم 1.69 مليون، هم من السعوديين، وقام بنقد حكومة محمد بن سلمان بشكل جوهري ومنطقي، وربما كان النقد جوهريا جدا ومنطقيا جدا".
ويقول أرونوفيتش: "يعرف القراء أمرين حول السعودية اليوم، الأول هو أن البلد متورط في حرب لا نهاية لها في اليمن، والثاني أن ولي العهد مصلح واجه رجال الدين التقليديين وسمح للنساء بقيادة السيارات".
ويستدرك
الكاتب بأن "ما قد لا يعرفه الكثير هو الدرجة التي لا تحتمل إدارته الإصلاحية
فيها النقد، وكانت وزيرة الخارجية الكندية في آب/ أغسطس، غردت معبرة عن قلقها من
سجن أخت المعارض السعودي، رائف بدوي، المسجون بسبب (شتمه الإسلام على القنوات
الإلكترونية)، وكانت
ردة فعل السعوديين كأن الكنديين أسقطوا لهم طائرة، وقالوا إنهم ساءتهم (مطالب) أوتاوا،
وقامت الرياض بتعليق العلاقات الدبلوماسية، وطردت السفير الكندي، وأعلنت تجميدا
لاستثمار جديد، وسحبت الطلبة السعوديين من كندا".
ويفيد
أرونوفيتش بأن إدارة ترامب ردت بمجرد الإشارة إلى أن كلا البلدين "شريك
مقرب" من الولايات المتحدة، وأخذ الكرملين جانب السعودية، وقالت المتحدثة
الروسية: "ربما ما يحتاجه الشخص في هذه الحالة هو النصيحة البناءة والمساعدة
بدلا من الانتقاد من (متفوق أخلاقي)".
ويعلق
الكاتب قائلا إن "هذا يجعل الشخص يفكر في أي شكل من أشكال (النصح البناء)
يسديه الروس للسعوديين، ربما يعطونهم محاضرات عن (كيفية استرجاع فرق الإعدام من
الدول العضوة في حلف شمال الأطلسي) ربما؟".
ويبين
أرونوفيتش أن بعض السعوديين يعتقدون أن اختفاء خاشقجي يظهر أن النظام تعلم من
الموساد، لكن إن كان هذا صحيحا، فيجب القول إن قتل معلق يختلف جدا عن قتل قائد
للجناح العسكري لحركة حماس، وفي التاريخ المعاصر اعتبرت البلدان التي تغتال
المعارضين في أراضي دول صديقة، دولا غير صديقة، بل عدوة".
ويقول الكاتب: "هناك إشكالية حول بعض الأصدقاء،
وجميل أن نرى مثلا عائلتنا المالكة تمثل (المتوجين السعداء معا) مع حكام الملكيات
المطلقة من الخليج، لكن حتى قبل أن يتسلم محمد بن سلمان الحكم، كانت هناك أسباب
جيدة لتحملهم".
ويوضح
أرونوفيتش أنه "في المرتبة الأولى تبقى السعودية مهمة جدا، ففي منطقة لا تزال
تمد معظم العالم بالنفط تبقى السعودية تمثل الاستقرار في وجه التمدد الإيراني، بالإضافة
إلى أنها توفر المعلومات الاستخباراتية حول التطرف الإسلامي، وقد نشجب الطريقة التي
تدير بها الحرب في اليمن، لكن الحوثيون ليسوا أفضل منهم، وهذا أمر محزن".
ويقول
الكاتب إن "السعودية تشتري الكثير من منتجاتنا وليس من الغير، وتستثمر الكثير
من الأموال في بريطانيا، وهذا يجعل الكثير من الوظائف البريطانية تعتمد على رضاها،
وكما اكتشفنا عام 1980 عندما تم عرض فيلم (موت أميرة) بأنه حتى فيلم وثائقي درامي
حول القوانين والعادات السعودية قد يهدد العلاقات التجارية.. فيجب علينا أن نكون
واقعيين".
ويرى أرونوفيتش أن "الأهم
بالنسبة للجميع هو أن المملكة ومنذ نهاية الحرب الباردة بدت منفتحة للإصلاحات، حتى
عندما كانت تمول المشاريع الوهابية المتطرفة في أنحاء العالم، كان الرهان الأفضل
على أن هناك تحولا بطيئا نحو التغريب (ما دعانا إلى القول: دعونا لا نفعل شيئا
يؤثر على عربة التفاح)".
وينوه
الكاتب إلى أن "ولي العهد كان يقوم منذ العام الماضي بالاصلاح، فرؤية 2030
تقترح إيجاد وظائف للسعوديين، وحقوقا للمرأة، وحدا لامتيازات رجال الدين
المحافظين، لكن لا يسمح لأي من هذه الإصلاحات أن تأتي إلا من الحكومة، ويمكن
القيام بها بطريقة واحدة، وتقريرها بطريقة واحدة، والتفكير بها بطريقة واحدة، ولذلك
فإن الإصلاحيين تكمم أفواههم ويسجنون على نطاق غير مسبوق، وكان جمال خاشقجي يكتب
ليشجع الإصلاح وينتقد قلة الحرية السياسية".
ويتساءل
أرونوفيتش: "هل كان هذا كافيا لولي العهد ليقوم باختطاف أو قتل؟ أم هل كان
جمال خاشقجي تهديدا لأنه كان يعرف الكثير عن علاقات السعودية بأسامة بن لادن؟ وحتى
الآن فإن تفاصيل تلك العلاقة قد تتسبب بأضرار لا يمكن إصلاحها لعلاقات السعودية
بأمريكا، وعلى أي حال، ماذا نفعل بشأن هذا؟ تقول المصادر المطلعة إن ولي العهد
يعيش في (فقاعة من جنون العظمة)، وتحثه حاشيته ويصدر أوامر في ساعات متأخرة وهو في
حالة غضب".
ويعلق
الكاتب قائلا: "إن كان ذلك صحيحا فإن هذا يعني مفتاحا يعمل باتجاه واحد، وهذا
مؤشر على أن ولي العهد سيتحرك نحو الأسوأ، ليس بإمكاننا العودة إلى الواقعية
السياسية كما كان الأمر أيام الحرب الباردة فنقول: (قد يكون قاتلا وغدا لكنه
القاتل الوغد الذي نملكه)، وترك ذلك الرأي لفرانكلين روزفيلت في ديكتاتور
نيكاراغوا سوموزا، إرثا من الارتياب تجاه النفاق الغربي في عشرات البلدان، فإن قام
نظام ولي العهد بقتل أحد معارضيه في بلد آخر فإنه لا يمكننا إهمال ذلك".
ويبين
أرونوفيتش: "بريطانيا وأمريكا هما أهم شريكين للسعودية، وكان جمال خاشقجي
صديقا لكليهما، وإن كنا نريد عالما لا يتم فيه (تغييب) المعارضين أو قتلهم لآرائهم،
علينا أن نقوم بفعل يردع مثل هذه الجرائم، والدعوة لتحقيق لا يفعل ذلك، بالإضافة
إلى أن منع السعوديين من بعض الامتيازات، مثل شراء شقة بالقرب من هايد بارك، لا يفعل
ذلك، على السعوديين أن يعترفوا بما حدث لخاشقجي بينما كان في القنصلية، ولماذا لم
ير بعدها، وإن فشلوا في تقديم توضيح مقنع وبريء -ومن الصعب رؤية كيف يستطيعون ذلك-
يجب أن نحملهم المسؤولية، ويجب على بلدينا تعليق مبيعات الأسلحة والتعاون مع
الرياض، وفرض عقوبات مالية على كبار الشخصيات".
ويختم
الكاتب مقاله بالقول إن خاشقجي كتب قبل عام في (واشنطن بوست): (تركت بلدي وعائلتي
ووظيفتي لأرفع صوتي.. فأنا أستطيع أن أتحدث في الوقت الذي لا يستطيع فيه الكثيرون
ذلك)، الآن هو لا يستطيع أن يتحدث.. ونحن نستطيع".
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا