هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بعد تعرض المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع، لأزمات صحية بمحبسه وظهوره محمولا بجلسات محاكمته، وإقرار المحكمة بضرورة الكشف الطبي عليه؛ قدمت النيابة العامة الأربعاء، تقريرين طبيين عن وضع بديع الطبي مفادهما أن حالته مستقرة وأنه يعاني أمراض الشيخوخة.
وأفاد التقرير الطبي، بأن بديع "يعاني من ضعف بسيط في ارتفاع البول نتيجة تضخم البروستاتا، وبإجراء أشعة على البطن والحوض تبين وجود تضخم وحجمها 45 جراما، وهو متوافق مع السن ويحتاج لعلاج وحالته مستقرة".
وأكد التقرير الثاني أنه يعاني من آلام حادة أسفل الظهر، ووجود خشونة بالفقرات القطنية، وإتلاف قطني بالفقرتين الثالثة والرابعة، ويحتاج لعلاج.
ما ورد بالتقريرين، يدعو للتساؤل حول احتمالات أن يترك النظام بديع، يعاني من مرض تضخم البروستاتا والانزلاق الغضروفي، حتى وفاته كما حدث مع المرشد الراحل مهدي عاكف الذي مات بسبب الإهمال الطبي بالسجون وتعنت السلطات الأمنية معه، ورفض علاجه بمستشفيات خاصة على حسابه الشخصي.
اقرأ أيضا: رسالة مُسربة: الأمن اعتدى على "بديع" لقبول مبادرة تنهي الأزمة
وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، حصلت "عربي21" على نص رسالة مسربة من السجون تكشف اعتداء ضابط مصري، على المرشد بديع، الذي ظهر بجلسة محاكمته، بقضية "اقتحام الحدود الشرقية"، محمولا على كرسي خشبي، ولا يستطيع الوقوف، ما يكشف عن تردي حالته الصحية.
وفي الوقت الذي شكا فيه مرشد الإخوان من تعرضه للإهمال الطبي، وحرمانه من حقه بالعلاج، أكدت نجلته ضحى، في 10 أيلول/ سبتمبر الماضي، منع نظام الانقلاب الأدوية عن والدها، محذرة من تعرضه للقتل البطيء.
وقبل نحو عام وفي 22 أيلول/سبتمبر 2017، توفي المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين محمد مهدي عاكف، بمحبسه بعد تدهور حالته الصحية نتيجة الإهمال الطبي، ورفض الأمن نقله لمستشفى خاص.
وفي آيار/مايو 2018، استنكرت 9 منظمات حقوقية الإهمال الطبي المتعمد بالسجون، مؤكدة أن بعض الحالات وصلت حد القتل البطيء، فيما وصفوه بتصعيد الخصومة السياسية والأعمال الانتقامية بحق المعارضين، فيما كشف مركز النديم عن 59 حالة إهمال طبي بالأشهر الثلاثة الأولى لـ2018، ووفاة 15 معتقلا بسبب الإهمال الطبي، بينهم عاكف، والبرلماني السابق فريد إسماعيل، وأقدم سجين مصري الشيخ نبيل المغربي.
وفي المقابل، نال بعض رموز نظام مبارك حقهم في الإفراج الصحي على الرغم من جرائمهم المخلة بالشرف؛ وبينهم المتهم بقتل اللبنانية سوزان تميم، رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى بمنتصف 2017.
مهيض الجناح
وفي تعليقه على حالة بديع، قال المستشار محمد سليمان: "للأسف هؤلاء تجردوا من صفات الإنسانية وصاروا كما الوحوش الكاسرة، وكعصابات الطرق بلا ضمير ولا خلق".
اقرأ أيضا: محكمة مصرية تحكم بالمؤبد على بديع في قضية "أحداث العدوة"
وحول حق المسجون القانوني في العرض على الطبيب أو العلاج بمستشفى على حسابه، أكد القاضي المصري، لـ"عربي21"، أنه "لا مجال للحديث عن حقوق؛ فالبلطجة تحكم كل شيء ولا قانون ولا دستور ولا مواثيق ولا قضاء".
وأضاف سليمان: "رغم أن علاج المسجون حق تكفله القوانين إلا أنه في دولة العسكر حق لمبارك وعصابته فقط"، مبينا أنه ورغم أن "من حق محاميه التصعيد والمطالبة بحقه إلا أنه للأسف لا يوجد قضاء ينتزع للناس حقوقها؛ والوهن أصاب كل شيء والرأي العام مهيض الجناح".
العداء بلا نهاية
ويتصور الحقوقي المصري محمد زارع، أن "كبر سن بديع وأمراض الشيخوخة وظروف الاحتجاز بأجواء غير آدمية تفاقم حالته الصحية وتمثل خطرا على حياته"، مؤكدا أنه "ليس أمام المحامين إلا تقديم بلاغات وإقامة دعاوى للإفراج الصحي عنه"، معلنا تشككه بجدواها قائلا: "للأسف الشديد الطريق القانوني شائك جدا وربما يكون غير مجدٍ".
وأوضح نائب رئيس الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان لـ"عربي21": "لو هناك أن دعوى قضائية سيتحول الأمر لإشكال قانوني يمتد فترات طويلة، فلو صدر الحكم لصالحه فلن يتم التنفيذ وقد يلجأ المحامون لرفع دعوى قضائية شخصية على وزير الداخلية ومصلحة السجون، وهذا يأخذ سنوات، ولا نعرف مدة الاستجابة له"، متوقعا عدم تعاطف نظام الانقلاب مع المرشد.
وقال زارع، إن "احتجاز بديع بهذه الظروف يعرض حياته للخطر، وقد يحدث له كما حدث للمرشد السابق"، مضيفا: "وأتصور أن الأوضاع داخل الدولة لا تتم طبقا للقانون ولا العدالة، وإن اتخذ القاضي أو النيابة قرارات ليس بالضرورة تنفيذها، لأنها تخضع لرغبة الجهات الأمنية التي تعتبر جماعة الإخوان والمرشد أعداء لها ويتعاملون معهم بشكل يفتقد لمعايير الإنسانية والرحمة، وبالمخالفة للقوانين والدستور وقواعد العدالة".
اقرأ أيضا: المعتقلون السياسيون بمصر يواجهون التضييق والمرض والإهمال
وأعرب رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي عن عدم اعتقاده بأن يتم حل الموضوع بشكل سريع، متوقعا أن تسوء حالة المرشد ويموت سجناء آخرون بالإهمال والعداء وأن ذلك يزيد الفجوة ويكون الحل السياسي بعيدا خاصة وأن الدولة تسير باتجاه "العداء بلا نهاية".
وأشار إلى أن "جماعة الإخوان ليست الطرف الأقوى وليس لديها سوى المحاولة بالإجراءات القانونية لفضح الانتهاكات، ربما تجد بعض العاقلين لكي يوقفوها أو بعض الرحماء لينقذوا شيخا داخل السجون".
وقال زارع: "وإن حدث تصعيد حقوقي، فلن يكون له صدى حقيقي ومنتج، فبالنهاية يصطدم بإرادة وأدوات الدولة التي تنفي ادعاءات منظمات حقوق الإنسان، وتقرير الطب الشرعي في حال وفاة الرجل سينتصر للدولة ويكتب أنها أمراض شيخوخة".
وأكد أن هذه الحالة تدفع لمزيد من العداء والصدام وعدم الثقة على حساب حقوق الإنسان بشكل عام وجماعة الإخوان الفصيل الموجود بالسجون، مشددا على وجوب حل هذه المعاناة.