هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
في خطوة أثارت غضب واستهجان خبراء وسياسيين مصريين، قامت وزارة قطاع الأعمال ببيع حديد خردة ملك شركة "الحديد والصلب بحلون" بنحو (230 ألف طن) لشركة "حديد المصريين" المملوكة لرجل الأعمال المقرب من جهات سيادية أحمد أبوهشيمة.
ويشمل الاتفاق شراء أبوهشيمة الخردة الحديدية بجبل التراب (700 ألف طن)، وخردة الزهر والخامات الأخرى، والاستفادة من الأصول غير المستغلة لتحسين الوضع المالي لشركة الحديد والصلب، وتوفير السيولة اللازمة للإنتاج.
ودافع رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للصناعات المعدنية، مدحت نافع، عن القرار، مؤكدا عبر صفحته بـ"فيسبوك"، أن بيع الخردة لا يعني تصفية الشركة، وأن البيع تم وفقا للوائح الشركة المالية وقرارات لجان البيع وبعد مراجعة من مستشار الشركة المنتدب من مجلس الدولة.
خبراء اقتصاد، رفضوا الصفقة مؤكدين أن الشركة الوطنية أولى بتشغيل الخردة بمصانعها، معتبرينها مخالفة للقانون كونها تمت بنظام البيع بالأمر المباشر بدلا من المزاد العلني والحصول على أعلى سعر، معلنين مخاوفهم أن تكون تلك الخطوة بداية لبيع الشركة الحكومية التي تقع بمساحة 3 آلاف فدان، ومعتقدين أنها تأتي كمكافأة من النظام لأبوهشيمة لدوره بشراء فضائيات وإذاعات وصحف ووضعها تحت تصرف الأجهزة السيادية.
تلك الصفقة، التي تتم في عهد رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، تذكر بما تم بعهد حسني مبارك، من استحواذ رجل الأعمال أحمد عز، على الشركة الوطنية للحديد والصلب بالاسكندرية "الدخيلة" بأقل من قيمتها الحقيقية.
الخردة الراكدة
ومن الجانب الاقتصادي، قال الخبير المصري إبراهيم نوار، إن صفقة "الخردة الراكدة" والتي تبلغ 930 ألف طن، يشوب عقد بيعها من الناحية القانونية عدم البيع بالمزاد، مبينا أن أبوهشيمة سيقوم بتشغيل تلك الخردة، مرجحا أنها تحتوي كأي خردة حكومية على منتجات تامة الصنع يمكن بيعها بحالتها.
نوار، أضاف عبر صفحته بـ"فيسبوك": "إذا كانت لدى الحكومة نية لإنهاء أزمة الشركة؛ فكيف سيتسنى لها ذلك بغياب المستلزمات الوسيطة للإنتاج، ومنها الخردة؟"، مشيرا لاعتقاده بأن الصفقة تمت للحصول على سيولة تدخل ضمن مكونات تصفية الشركة، ومنها دفع تعويضات للعمال والمهندسين الذين سيحالون للتقاعد الإجباري.
وأعلن مخاوفه من أن عملية التصفية ستشمل الأراضي والمكاتب وما تبقى من خطوط الإنتاج وأنها "ستباع خردة أيضا"، مضيفا: "أظن أنه كانت هناك نية مبيتة لتصفية الشركة منذ سنوات طويلة".
وكشف نوار، أن "الجانب الروسي تقدم بعروض لإعادة تأهيل الشركة؛ لكن الحكومة لجأت لبيوت استشارية أجنبية، وأضاعت مئات الألآف من الدولارات بعقود استشارية لا قيمة لها".
الفساد للحلقوم
وفي تعليقه قال الكاتب الصحفي محسن هاشم، إن "الفساد للحلقوم"، مشيرا خلال حديثه لـ"عربي21"، إلى أنه "أصبح السمة الأساسية في المصانع والشركات"، مضيفا: "وللأسف الشديد فإن الأجهزة الرقابية غير فعالة"، موضحا أنه "يجب الضرب بيد من حديد".
وشاركه الرأي أستاذ الاقتصاد، مجدي ماجد، بقوله لـ"عربي21"، إن الصفقة تعود لـ"الفساد والعمولات التي تتم من تحت الترابيزة".
جهود أبوهشيمة
من جانبه أشار نائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية مجدي حمدان، لجهود أبوهشيمة لخدمة النظام بكل الأوجهة والمجالات إعلامية وسياسية واقتصادية، في إشارة إلى أنها مجاملة من النظام لأبوهشيمة؛ كون هذه الخردة لو عرضت للبيع بمزاد علني لكان المردود المالي منها أعلى.
السياسي المصري، أضاف لـ"عربي21"، أن "صناعة الحديد والصلب قائمة على إعادة تدوير المخلفات فلماذا لم يستفد منها مصنعها الرئيسي؟ موضحا بقوله: "لأنه ببساطة هناك حاجة ملحة لدى النظام للحصول على أي سيولة خاصة وأن الدولة مقبلة على سداد لأذون خزانة قبل كانون الأول/ديسمبر المقبل، تربو من (11 مليار دولار)".
دلالة الصفقة
ورفض رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، اتمام الصفقة لرجل الأعمال الشاب أحمد أبوهشيمة بالأمر المباشر ودون مزاد علني معتمدين على البيع وفقًا لمتوسط أسعار البورصة العالمية بالمخالفة للقانون، مؤكدا عدم تعجبه من تلك القرارات الحكومية التي تتسبب في خسارة الحكومة ذاتها.
الشهابي، قال لـ"عربي21": "هذا الاتفاق بمثابة إخراج الشركة الوطنية من الخدمة رغم تاريخ يرجع لـ 5 عقود ودور قوي بنهضة الصناعة المصرية"، مضيفا: "لا أتوقف عند إتمام البيع بالأمر المباشر دون مزاد علني كنص القانون فقط وإنما أتوقف عند دلالة بيع خردة الحديد الذي يعني عدم تشغيل شركة صلب حلوان بكامل طاقتها والقضاء على آمال عمالها بتشغيل أفرانها الأربعة والمعطل منها ثلاثة أفران من عام 2011 وحتى اليوم".
ويعتقد السياسي المصري، أننا أمام مؤامرة لتصفية شركات القطاع العام وقطاع الأعمال الاستراتيجية والمؤثرة بالأمن القومي، غير مستبعد أن يكون "بيع خردة الحديد التي تحتاجها أفران شركة حلوان للتشغيل إحدى أوامر صندوق النقد الدولي الذي يستهدف إحداث فوضى بالبلاد وتقويض اقتصادها"، حسب قوله.
وتعجب رئيس "الجيل"، من كون الحكومة أكبر مستهلك للحديد بالمشروعات الكبرى وتشتريه من الشركات الخاصة مثل أبوهشيمة بأسعار أعلى من العالمية، وبدلا من أن تحل مشاكل شركة حلوان المالية وتقوم بتطويرها لتشغيل أفرانها نجدها بجرة قلم تبيع مخزونا استراتيجيا للشركة كان قادرا أن يخرجها من عثراتها.
وحول ما يثار عن أن الصفقة مكافأة لأبوهشيمة لخدماته للنظام بمجال الإعلام، قال الشهابي: "أبوهشيمة مستفيد من الدولة استفادات كبيرة ليس فقط صفقة خردة الحديد ولكن يتم دعمه بـ50 بالمئة من سعر شراء الغاز من الخارج ويشتريه بالجنيه المصري وليس بالدولار المستورد به"، مؤكدا أن "أبوهشيمة أحد رجال الأعمال المرتبطين بمصالح مع الدولة في مجالات متعددة منها الإعلام".