تجددت
الاحتجاجات على الوجود العسكري السعودي المدعوم من السلطة المحلية
في محافظة
المهرة في أقصى شرق
اليمن.
وتتهم قيادة المحتجين السلطات المحلية وقيادة القوات السعودية، بخرق
الاتفاق المبرم بينهم، في حزيران/ يوليو الماضي، بعد ثلاثة أسابيع من الاحتجاجات، والقيام
بممارسات عدة، منها استحداث نقاط عسكرية تنتشر فيها قوات سعودية على الشريط الساحلي
للمهرة على بحر العرب.
وما سيزيد الاحتقان حدة مساعي محافظ المهرة، راجح باكريت، لإطلاق حملة
أمنية، وتنظيم فعاليات مؤيدة لتوجهاتها ومناوئة للأنشطة الاحتجاجية الرافضة للسياسات
السعودية في المحافظة. وفق ما أفادت به مصادر محلية لـ"
عربي21".
وقال مصدر في اللجنة المنظمة للاحتجاجات الشعبية إن اعتصاما مفتوحا، في
مديرية المسيلة، بدأ منذ الاثنين الفائت، رفضا لتشييد القوات السعودية معسكرا لها في هذه المنطقة الاستراتيجية، ومطالبا برحيلها
من أراضيهم.
وأضاف في حديث خاص لـ"
عربي21"، مفضلا عدم ذكر اسمه، أن هذا
الاعتصام في المسيلة جاء لمساندة سكانها الرافضين للمعسكر السعودي الذي ضيق عليهم حرية
التنقل والرعي وممارسة الصيد في منطقة " العيص الهابطية"، رغم جهود قيادة القوات السعودية، لاحتواء الموقف.
وتكمن أهمية "المسيلة" الواقعة غربي المهرة، في كونها منطقة
ساحلية وغنية بالنفط، وتقع على مقربة من حقول النفط والغاز في وادي محافظة حضرموت المجاورة
لها، بالإضافة إلى خصوبة تربتها، ووفرة المياه فيها، ويقع فيها أكبر الأدوية في المحافظة.
كما أن هذا الحراك الشعبي، الذي عاد مجددا، جاء بعد قيام السلطة المحلية
وقيادة القوات السعودية بعسكرة المشهد في المهرة، وإنشاء حواجز وثكنات عسكرية في عدد
من المناطق، خصوصا التي تحيط بالساحل المطل على بحر العرب. وفقا للمصدر.
وأكد أن قوات تابعة لمحافظ المدينة من خارج الأجهزة الحكومية، وأخرى سعودية،
أنشأت 6 حواجز أمنية في مدينة الغيظة (عاصمة المهرة) وحدها، وعلى طول الساحل التابع
للمدينة، وهو ما يحد من حركة السكان ويضيق عليهم في أرضهم، بمزاعم واهية. وفق تعبيره.
كما سرد المصدر في قيادة المحتجين أبرز المواقع التي تم استحداثها في
عدد من المديريات، ففي مديرية حصوين (جنوبا) يوجد موقعان، وفي سيحوت (جنوب غرب) تم إنشاء 4 حواجز عسكرية، بالإضافة إلى القاعدة العسكرية في مطار الغيظة، ومعسكرا ثانيا
في مقر اللواء 23، بمديرية حات (أكبر مديريات المهرة) والواقعة شرقا على الحدود مع
سلطنة عمان.
المطار والميناء
فيما أفاد مصدر ثان أن هذه الحواجز والثكنات العسكرية تنتشر فيها قوات سعودية
وعناصر تابعة للمحافظ، وهي لاتزال قيد الإنشاء
بهدف مكافحة التهريب، وهو ما يرفضه الطرف الآخر الذي يطالب بأن تتولى هذه المهمة قوات
الجيش وقوات الأمن.
وقال المصدر لـ"
عربي21"، مشترطا عدم الافصاح عن اسمه، إن النشاط
السعودي العسكري يتركز في مطار المهرة، وسواحلها، في مسعى منها للهيمنة على هذا الشريط
الساحلي وميناء المدينة الاستراتيجي "نشطون".
كما يبرز سببا آخر لعودة الاحتجاجات،
وهو "قيام المحافظ "باكريت" بحملة تجنيد بطريقة انتقائية، ضمن مسعاه
تشكيل لواء عسكري تابع له، وتحييد الأجهزة الشرطية وقوات الجيش في المدينة عن مهام
حماية المواقع الحيوية التي يهدف إلى التحكم فيها، وهو ما أثار حفيظة قيادة المحتجين،
الذين اتهموا الرجل بـ"ملشنة المدينة"، على غرار ما يجري في مدينة عدن (جنوبا)، وخرق الاتفاق الموقع قبل ثلاثة أشهر.
ويقود هذا الحراك الشعبي، الشيخ، علي سالم الحريزي، الذي كان يشغل وكيلا
لمحافظة المهرة، قبل أن تتم إقالته منتصف تموز/ يوليو الماضي، بعد تصدره لمشهد الاعتصامات
التي شهدتها المحافظة في الأشهر الماضية.
والحريزي، أول مسؤول يمني يصف الوجود العسكري للقوات السعودية بـ"الاحتلال"،
وهو ما دفع الرياض للضغط على الرئيس هادي لإقالته. وفقا لناشطين يمنيين.
أقرأ أيضا:
هادي يقيل مسؤولا يمنيا وصف الوجود السعودي بالمهرة بـ"الاحتلال"
حراك موال للسلطة
بموازاة ذلك، بدأت قيادة السلطة المحلية بالمهرة بحشد جماهيرها، ردا على
عودة الاحتجاجات المناوئة لسياساتها التي يصاحبها تحركات من الجانب السعودي.
ففي مديرية المسيلة، نظم الموالون للسلطة لقاء يرفض الاعتصامات التي
تشهدها المنطقة.
وقال بيان صادر عن اللقاء وصل"
عربي21"
نسخة منه، مساء الخميس، إن الاعتصام الذي أقامه أشخاص من خارج المديرية، تنديدا بتواجد
النقاط العسكرية التي أقامها التحالف، هدفه "خلق حالة من الفوضى وعدم الاستقرار".
وعبر البيان عن رفضه لهذه الاعتصامات والحشود المسلحة في المديرية، التي
قال إنها غير مبررة.
رحيل القوات السعودية والإمارات
من جهته، قال الناشط والإعلامي، أحمد بلحاف، إن مطلب أبناء المهرة هو
رحيل القوات السعودية والإماراتية من أرضهم.
وأوضح في مقال نشرته مواقع محلية: "أبناء محافظة المهرة متمسكون
بالسيادة الوطنية وكرامتهم على أرضهم، والعيش عليها بسلام، بعيدا عن أي فوضى. مؤكدا
أنهم سيواصلون اعتصامهم السلمي حتى رحيل تلك القوات وأذنابها بالكامل.
وكانت المهرة شهدت حراكا شعبيا، في تموز/ يوليو الماضي، رفضا لسياسات الرياض
وهيمنتها على منفذي شحن وصرفيت على الحدود مع سلطنة عُمان، وميناء نشطون، ومطار الغيضة
الدولي، وإغلاقها.
وتقع المدينة التي توصف بأنها "بوابة اليمن الشرقية" على امتداد
الأرض الموازية للبحر العربي الممتدة شرقا حتى الحدود الدولية مع سلطنة عمان، وشمالا
حتى صحراء الربع الخالي وغربا حتى وادي المسيلة بمحافظة حضرموت.
فيما تمتلك أطول شريط ساحلي في اليمن يقدر بـ560 كلم على بحر العرب، إلى
جانب الميناء البحري المعروف "نشطون".
يشار إلى أن "
عربي21" قد نشرت في أواخر آب/ أغسطس الفائت، وثيقة
تكشف عن نية الرياض إنشاء ميناء لتصدير النفط في محافظة المهرة.
وتتضمّن الوثيقة رسالة من شركة "هوتا" للأعمال البحرية إلى
السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، تعبر عن شكرها له على ثقته بالشركة، الذي
منحها فرصة إعداد "عرض فني ومالي لتصميم وتنفيذ ميناء لتصدير النفط".
اقرأ أيضا:
وثيقة تكشف عزم الرياض إنشاء ميناء نفطي شرق اليمن (صورة)