هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدّثت فيه عن الجرائم التي ترتكبها المملكة العربية السعودية في حق الأطفال الأبرياء في اليمن.
وبطريقة أو بأخرى، إن البلدان التي تصدّر الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية متورطة في هذه الجرائم، وهو ما دفع الحكومة الإسبانية للتردد ومن ثم الموافقة لاحقا على تصدير حوالي 400 قنبلة إلى السعودية.
وعرضت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، شهادات أولياء أربع ضحايا من بين حوالي 26 طفلا قتلوا عندما كانوا في طريقهم إلى المدرسة، أثناء عمليات القصف السعودي على اليمن.
وأفاد عبد الخالق الأغاري، وهو أخ أحد الضحايا الذين سقطوا على إثر الهجوم الذي وقع في التاسع من آب/ أغسطس الماضي، بأنّه عندما وصل إلى مكان الحادثة لم يجد إلا بقايا متناثرة من أجساد أطفال صغار في الشارع.
وقد كانت قطع من جماجمهم وأيديهم وأرجلهم وحتى شعرهم متناثرة على بعد مائتي متر تقريبا من موقع القصف.
وأضاف عبد الخالق: "لقد كان أقارب الضحايا في حالة ارتباك حيث كانوا جاثمين وهم يتأملون أشلاء الأطفال المتناثرة بين الأنقاض بحثا عن أبنائهم.
لقد استغرقنا يومين لتحديد جثة حسين وذلك بالاعتماد على بعض الصور لمعرفة ما كان يلبسه. وقد تمكنا فقط من دفن رأسه ويديه وكتفيه وجزء من جذعه".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المجزرة، التي راح ضحيتها 26 طفلا، كانت من تنفيذ التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية باستخدام قنبلة أمريكية الصنع.
وقد دفع هذا الحادث الحكومة الإسبانية إلى تجميد بيع حوالي 400 قنبلة دقيقة إلى الجيش السعودي بعد الاطلاع على هذه الجريمة الشنعاء التي ارتكبت في حق أطفال أبرياء كانوا في طريقهم إلى رحلة عبر الحافلة، لكنها ما لبثت أن عادت لبيعها.
اقرا أيضا : تجدد القتال يفاقم المأساة الإنسانية لليمنيين في الحديدة
وبيّنت الصحيفة أن سائق الحافلة كان على بعد أمتار عندما استهدف القصف الحافلة التي كانت تنقل التلاميذ.
وقد أوقف السائق محرّك عربته لكي يشتري المياه من كشك قريب. وقبل أن تسقط القنبلة، كان الأطفال يلعبون داخل الحافلة ويتجولون ضاحكين بين المقاعد منتظرين مواصلة طريقهم نحو وجهتهم.
ونقلت الصحيفة عن زيد طيب، وهو أب لثلاث ضحايا تتراوح أعمارهم بين التاسعة والثالثة عشر، أن آخر لقاء جمعه بأبنائه كان قبل خمس دقائق من التفجير الذي استهدف الحافلة التي تنقلهم، عندما اصطحبهم إلى الحافلة وودّعهم قبل انطلاقها. وبعد لحظات، سمع صوت الانفجار المدوي لكنّه لم يتخيّل أبدا أنه استهدف الحافلة التي تنقل التلاميذ.
وأضاف زيد أنه ركض لإنقاذ ضحايا الحافلة وكان أول من لمح جثته ابنه أحمد البالغ من العمر 11 سنة. وفجأة أُصيب بحالة من الصدمة لأنه لم يقبل فكرة أن أبناءه الثلاثة الذين اصطحبهم منذ دقائق إلى الحافلة قد توفوا وقد تحولوا الآن إلى مجرد أشلاء ممزقة. وتعرّف في وقت لاحق على ابنه يوسف بينما لم يتمكن من التعرف على جثة ابنه الآخر إلاّ في المستشفى.
وذكرت الصحيفة أن الفوضى التي تلت الهجوم لا زالت متواصلة إلى حدّ الآن. وبعد أن تم تشييع جنائز الضحايا بثلاثة أيام من وقوع هذا الحادث المأساوي، لا زال الجدل قائما حول العدد الحقيقي للضحايا.
وفي الوقت الذي أُعلن فيه عن أسماء 23 ضحية، لم يتم ذكر ثلاث ضحايا آخرين من بين هؤلاء الأطفال. وفي محادثة عبر الهاتف، قال أب الضحايا الثلاث إن هذا الأمر لا يُطاق فحياة الآباء الذين فقدوا أبناءهم انقلبت رأسا على عقب.
وخلال الأسابيع التي أعقبت المجزرة، حسم التحالف العربي بقيادة السعوديين والإماراتيين في الأمر، وادّعى أن العملية العسكرية كانت شرعية وتهدف إلى تحييد قاذفة صواريخ واستهداف تجمّع لقادة من الحوثيين.
اقرا أيضا : بومبيو يدافع عن "إجراءات" السعودية والإمارات في اليمن
وفي بيان موجز أُرسل إلى صحيفة الموندو، تم الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبته قيادات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية. وجاء في المذكرة أن قيادة القوات المشتركة للتحالف العربي تعبر عن حزنها عن الأخطاء المرتكبة وتنقل تعازيها وتضامنها مع أسر الضحايا وتعلن أنها تقبل بنتائج التحقيق.
وتجدر الإشارة إلى أن غالبية السكان في مدينة الضحيان، التي جدّ فيها الحادث في التاسع من آب/ أغسطس الماضي، مازالوا متعطشين لتحقيق العدالة ومتأثرين بجراح هذا الحادث.
وقد عبر أب أحد الضحايا الآخرين، ويُدعى يحيى يافي، عن استيائه من التجاهل الدولي لقتل الأبرياء. وأشار يافي إلى أن عائلات الضحايا لم يتلقوا تعازي من أحد، سواء من التحالف العربي أو المجتمع الدولي. والأسوأ من ذلك، كان الضحايا مجرد أطفال ولم يكونوا مسلحين بتاتا.
وأفادت الصحيفة بأن المملكة العربية السعودية وإيران قد حوّلتا اليمن إلى مسرح حرب تغذّيه نزعة المنافسة من أجل ضمان الهيمنة الإقليمية.
وفي غضون ثلاث سنوات، توفي حوالي 17.062 مدنيا وأُصيب 10.170 آخرون جرّاء أعمال العنف التي دمّرت البنى التحتية في اليمن.
كما اعتبرت منظمة الأمم المتحدة، أن ما يحدث في اليمن، أفقر بلد في الخليج العربي، يمثل أكبر أزمة إنسانية.
وفي الختام، أوردت الصحيفة تصريحا أدلى به الناشط الحقوقي فاتك الرديني، ندد فيه بالهجوم الذي جدّ ضد حافلة الأطفال الصغار، واعتبره من جرائم الحرب، ومن بين العديد من الجرائم التي ارتكبها التحالف العربي في اليمن ضد المدارس والمستشفيات والأسواق منذ سنة 2015.
وأشار الناشط الحقوقي إلى أنه من دون تسليط ضغوط من قبل المجتمع الدولي سيواصل التحالف العربي قتل الأبرياء في اليمن.