اقتصاد دولي

ما أسباب عودة الليرة التركية للهبوط بعد إجازة عيد الأضحى؟

 الاقتصاد التركي أصيب مؤخرا بحساسية مفرطة من أي أحداث اقتصادية أو سياسية- أ ف ب
الاقتصاد التركي أصيب مؤخرا بحساسية مفرطة من أي أحداث اقتصادية أو سياسية- أ ف ب

عاد سعر صرف الليرة التركية أمام العملات الأجنبية إلى المسار الهابط، بعد حالة من الاستقرار والهدوء النسبي الذي شهدته العملة التركية عقب الانتهاء من عطلة عيد الأضحى.


وسجل سعر صرف الليرة، اليوم الأربعاء، 6.40 للدولار الواحد مقابل 6.01 للدولار بأولى جلسات التعامل في الأسواق التركية، الاثنين الماضي، بعد انتهاء العطلات الرسمية.

 

مسكنات


وعزا الباحث الاقتصادي أحمد مصبح هذا التراجع إلى عدة أسباب، أبرزها صدور تقارير سلبية عن الاقتصاد التركي من قبل بعض المؤسسات الدولية، ومخاوف من اتجاه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع أسعار الفائدة وانعكاسه السلبي على الديون التركية (خاصة المقومة بالدولار).

 

وقال مصبح في تصريحات لـ "عربي21"، إن الاقتصاد التركي بصفة عامة أصيب مؤخرا بحساسية مفرطة من أي أحداث اقتصادية كانت أو سياسية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، مستطردا: "مناعته (الاقتصاد التركي) أصبحت ضعيفة جدا، والحكومة حتى الآن تعالجها بالمسكنات، ومفعول المضادات التي تلجأ إليها تركيا متوسطة وقصيرة الأجل".


وأضاف: "رغم أن الديون التركية في مستويات آمنة، وفقا للنظريات الاقتصادية، إلا أن بعض مؤسسات التمويل الدولية ومؤسسات التصنيف الائتماني تتخذ من تلك الديون نقطة ضعف رئيسية لمهاجمة الاقتصاد التركي، لبث القلق في نفوس المستثمرين، عن طريق التلويح باحتمالية عجز تركيا عن سداد تلك الديون، والادعاء بأن معدلات النمو في تركيا وهمية، وهذا ظلم بين، ودوافعه سياسية بامتياز".


وقدر جيه.بي مورجان حجم الدين الخارجي التركي الذي يحل أجل استحقاقه في سنة حتى يوليو تموز 2019 بنحو 179 مليار دولار، وفقا لرويترز.

 

ديون مستحقة


وبحسب تقرير صادر عن البنك الأمريكي، اليوم الأربعاء، فإن معظم الدين، نحو 146 مليار دولار، مستحق على القطاع الخاص، خاصة البنوك. وإن الحكومة التركية بحاجة إلى سداد 4.3 مليار دولار فقط أو تمديد المبلغ، بينما يشكل الباقي مستحقات على كيانات تابعة للقطاع العام.


وقال جيه.بي مورجان إن الدين الخارجي المستحق على تركيا كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي اقترب العام الماضي من مستويات قياسية مرتفعة لم يصل إليها سوى قبل الأزمة المالية في عامي 2001 و2002.


وأضاف: "الشركات المدينة، فيما يبدو، لديها أصول خارجية تكفي لتغطية المبالغ المستحقة عليها بالعملة الصعبة، ونحو 47 مليار دولار من الدين المستحق عبارة عن ائتمانات تجارية يمكن تمديدها بسهولة نسبيا، لكن ديونا بنحو 108 مليارات دولار تستحق حتى يوليو/ تموز 2019 تنطوي على مخاطر مرتفعة فيما يتعلق بتمديد آجال استحقاقها".


وفي المقابل، كشف معهد الإحصاءات التركي، اليوم الأربعاء، إن "العجز التجاري لتركيا تراجع بنسبة 32.6 بالمئة على أساس سنوي إلى 5.98 مليار دولار في يوليو/ تموز، ونمت الصادرات 11.6 بالمئة إلى 14.77 مليار دولار، بينما انخفضت الواردات 6.7 بالمئة إلى 20.59 مليار دولار في الفترة ذاتها".


وأوضح معهد الإحصاءات التركي، إن مؤشر الثقة الاقتصادية التركي تراجع تسعة بالمئة عن الشهر السابق، ليسجل 83.9 نقطة في أغسطس/ آب، وهو أدنى مستوى له منذ مارس/ آذار 2009، (يدل المؤشر على نظرة اقتصادية متفائلة عندما يتجاوز المئة، ومتشائمة عندما يكون دونها).

 

المخاوف لا تزال قائمة


ومن ناحيته، قال المحلل الفني بشركة أوربكس للخدمات المالية، عبدالحميد ماهر، إن الليرة التركية عوضت ما يقارب 50% من نسبة التراجعات التي شهدتها العملة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، قبل أن تعود تداولاتها، اليوم الأربعاء، إلى المستويات السلبية.


وأشار ماهر، وفقا لموقع "investing"، إلى أن "التقلب قصير المدى في العملة التركية هو الأعلى بين الأسواق الناشئة، حيث ارتفع إلى ما يزيد على 40% هذا الأسبوع"، مضيفا: "الليرة التركية انخفضت بنسبة أكثر من 2.5% تقريبا خلال جلسات اليوم الأربعاء مقابل الدولار، لتتلقى خسائر حتى الآن هذا الأسبوع إلى أكثر من 6%".


وأوضح المحلل المالي أن المخاوف التي دفعت بالليرة إلى مستويات قياسية متتالية في وقت سابق من هذا الشهر لا تزال قائمة في نظر المستثمرين، بما في ذلك التضخم المزدوج، وتعميق العجز في الحساب الجاري، وتردد صناع السياسة النقدية التركية في رفع أسعار الفائدة. 

 

وأضاف: "تعاني تركيا من عجز كبير في الحساب الجاري، وتعتمد بشدة على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية قصيرة الأجل لسد الفجوة. ويمكن أن تؤدي العقوبات إلى إبطاء تدفق الأموال إلى تركيا أو المستثمرين، ما يزيد الضغط على عملتها".

 

توفير السيولة


وأعلن البنك المركزي التركي، الأربعاء، مضاعفة حدود الاقتراض بين البنوك (إنتربنك) لليلة واحدة، عما كانت عليه في آخر تحديث بتاريخ 13 آب/ أغسطس الجاري.


ويأتي القرار، الذي ورد في بيان لـ"المركزي التركي"، ويدخل حيز التنفيذ اليوم؛ بهدف توفير السيولة التي تحتاجها المصارف العاملة في البلاد. ومن شأن تلك الخطوة، وفقا لوكالة الأناضول، أن توفر للبنوك السيولة بالنقد المحلي والأجنبي، التي تحتاجها في تعاملاتها اليومية مع العملاء.


وكان البنك المركزي قد قدم تمويلا غير مقيد منذ 13 آب/ أغسطس الماضي؛ استجابة للضغط في السوق، وفقا لقرار، اليوم، سيكون الحد الجديد 44 مليار ليرة (6.9 مليار دولار)، وهو ضعف الحد المسموح به في السابق وقدره 22 مليار ليرة (3.45 مليار دولار).

 

التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم