هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في كلمته، اليوم السبت، بالمؤتمر العام السادس لحزب العدالة والتنمية في العاصمة أنقرة، حديثه عن أسعار الفائدة والحرب الاقتصادية ضد تركيا.
وقال: "هناك من يهدّدنا بالاقتصاد والعقوبات وأسعار الصرف والفائدة والتضخم، ونحن نقول لهم إننا كشفنا مؤامرتكم ونتحداكم".
وقبل نحو أسبوع، رفض الرئيس أردوغان الذي يطلق على نفسه "عدو أسعار الفائدة"، خلال كلمه له أمام أنصاره في طرابزون على ساحل البحر الأسود، رفع أسعار الفائدة رغم الهبوط الحاد في قيمة العملة الليرة التركية، قائلا: "يجب ألا يدفعنا أحد للوقوع في هذا الفخ، ولن ننخدع بهذا المخطط".
وفي مايو/ آيار الماضي، تعهد الرئيس التركي، خلال لقائه بجمع من رجال الاقتصاد والأعمال، بمحاربة ما وصفها بـ"لعنة" أسعار الفائدة، قائلا إن أسعار الفائدة هي "أم الشرور"، وإن الحكومة لن تتوانى عن تحقيق انضباط الموازنة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يكره أردوغان أسعار الفائدة؟ وما حقيقة خلافه مع البنك المركزي التركي؟ ولماذا يعتبر بعض الاقتصاديين أن حديث أردوغان عن سعر الفائدة يمثل طعنا في استقلالية البنك المركزي؟
اقرأ أيضا: أردوغان: كشفنا من يهددنا بالحرب الاقتصادية ونتحداهم
يقول الخبير الاقتصادي، أحمد ذكر الله، إن الرئيس أردوغان ينظر إلى أسعار الفائدة من زاوية الاستغلال وسوء توزيع الدخل، مؤكدا أن "ارتفاع سعر الفائدة يصب في مصلحة أصحاب رؤوس الأموال الذين لديهم فوائض مالية يتمكنون من وضعها في البنوك، وبالتالي يستحقون هذه الفوائد بدون بذل جهد يذكر على حساب الضعفاء الذين لا يملكون إلا جهدهم الشخصي ويستحقون فقط أجورهم".
وأوضح ذكر الله خلال حديثه لـ "عربي21"، أن "هناك علاقة عكسية بين سعر الفائدة والاستثمار، بمعنى أنه كلما ارتفع سعر الفائدة أدى ذلك إلى زيادة تكاليف عناصر الإنتاج، ما يؤدي إلى خفض الأرباح، وبالتالي تراجع الاستثمار".
وتابع: "ببساطة سعر الفائدة يعني تكلفة فرصة بديلة بالنسبة للمستثمر، وبالتالي ارتفاع سعر الفائدة هو مثبط من مثبطات الاستثمار"، لافتا إلى أن سعر الفائدة هو الذي ينشط الاقتصاد إلى درجاته القصوى، وأن الاقتصاد لا يصل إلى ذروته إلا أذا بلغ سعر الفائدة مقدار صفر.
وأشار ذكر الله إلى أن حديث بعض الاقتصاديين عن أن سبب انهيار أسعار الليرة التركية هو تمسك الرئيس أردوغان بموقفه من سعر الفائدة هو حديث مغلوط إلى حد كبير، مضيفا: "عمليا، هناك بعض الخلاف الذي ظهر على السطح بين الرئيس أردوغان وبين البنك المركزي التركي، ولكن الواقع الحالي يقول إن الرئيس أردوغان استجاب لدعوات محافظ البنك المركزي التركي برفع أسعار الفائدة، وأن البنك المركزي التركي رفع سعر الفائدة مرتين متتاليتين في الشهر الماضي فقط، بنسبة 2% في المرة الأولى، و1% في المرة الثانية.
وأردف: "أسعار الفائدة حاليا في تركيا وصلت 17.5 بالمئة، وأصبحت جاذبة للاستثمار في الأموال الساخنة على الأقل، ومن المتوقع أن يأتي في العام 2018 ما يزيد عن 50 مليار دولار إلى الاقتصاد التركي معظمها في شكل أموال ساخنة، وبعضها في استثمار أجنبي مباشر، وبالتالي فأسعار الفائدة ليس هو السبب الرئيس لتراجع سعر صرف الليرة أمام العملات الأجنبية".
اقرأ أيضا: صحيفة: هل يتنازل أردوغان عن سعر الفائدة لتجاوز أزمة الليرة؟
ومن ناحيته قال أستاذ الاقتصاد والتمويل بجامعة "إسطنبول صباح الدين زعيم" أشرف دوابة، إن سياسة البنك المركزي التركي ما زالت تعالج ارتقاع معدل التضخم - الذي وصل لأعلى نسبة منذ عشر سنوات- من خلال رفع سعر الفائدة، وقد ثبت أن هذا العلاج غير ناجع وأن سمومه أشد ضررا من فوائده خاصة في ظل وجود العديد من أدوات السياسة النقدية الأخرى التي تحقق هذا الغرض.
وأوضح لـ "عربي21"، أن رفع سعر الفائدة إذا كان يقلل من حجم المعروض النقدي ويسهم في خفض التضخم فإنه من ناحية أخرى يزيد من تكلفة الاقتراض ما يزيد من تكلفة الاستثمار ويصب من ناحية أخرى في زيادة معدلات التضخم.
واستطرد: "وهذا الرأي الأخير يتوافق مع رؤية الرئيس أردوغان الذي يعارض بصورة واضحة ارتفاع سعر الفائدة، ويطالب بتخفيضها لمعالجة التضخم وتشجيع الاستثمار، ومن ثم رفع معدلات النمو، وهو الرأي الذي له وجاهته وأولى بالاتباع لاسيما وأن الرئيس أردوغان طالما يردد في مواقف متعددة بأن سعر الفائدة هو سبب كل بلاء في عالم الاقتصاد، فهو يزيد من فقر الفقير، ويزيد من غنى الغنى، وأن المستفيد الأكبر منه هو مؤسسات التمويل، وليس المواطنين".
وأضاف دوابة: "إننا نقر بأهمية استقلالية البنك المركزي ولكن في الوقت نفسه ينبغي تنسيق السياسة الاقتصادية التركية بما يحقق الاستقرار لليرة التركية لخدمة السياسات الاستثمارية بما يحفظ الموروث التنموي ويغلق أبواب التآمر التي لن يكتب لها النجاح في ظل الإرادة والإدارة التركية فضلا عن كونها ملاذا المظلومين".
اقرأ أيضا: هذه أبرز خيارات أردوغان في مواجهة الحرب الاقتصادية ضد تركيا
وفي المقابل، قالت صحيفة "ذا ماكر" الاقتصادية في تقرير لها، إن "أردوغان يقف أمام حسم بين النمو والتضخم المالي"، معتبرة أن "قرارا واحدا من أردوغان لتخفيض الفائدة يكفي لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية وخروج مؤقت على الأقل من الأزمة".
وفي سؤال للصحيفة الاقتصادية الإسرائيلية، لعضو في اللجنة المالية للبرلمان التركي –لم تسمه- حول إمكانية تغيير الرئيس التركي لمبدئه بشأن سعر الفائدة لتجاوز أزمة الليرة التركية، قال البرلماني التركي إن "أردوغان رجل عملي، وعرف كيف ينقذ تركيا من الأزمة في بداية سنوات الألفين ورفع نموها الاقتصاد".
وأضاف: "من يتذكر الفترة التي كان فيها
التضخم المالي بمعدل 3 آلاف بالمئة، ووصوله إلى 7 آلاف بالمئة؛ يمكنه أن ينظر
بتوازن إلى الأزمة الحالية"، معتقدا أن "الاستقرار السياسي في أزمة 2003
ساعد أردوغان على تجاوزها".
وقالت الصحيفة، يمكن لأردوغان أن يتراجع عن مطلب النمو الطموح وأن يشرح للجمهور وللمستثمرين أنه يؤيد حاليا رفع الفائدة كخطوة تمهيدية لرفع النمو، الذي سيأتي مع تهدئة الاقتصاد".
واستبعدت أن "يتجه أردوغان لهذا الأمر، مستدلة على ذلك بخطاباته الحاد تجاه الولايات المتحدة وإسرائيل وجهات خارجية اتهمها بالسعي لضعضعة مكانة تركيا".