هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
للمرة الثانية على التوالي تقوم صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية بنشر مقال باللغة العربية يتعلق بالمملكة العربية السعودية، بعد افتتاحيتها قبل أيام حول الأزمة مع كندا.
وجا مقالها الجديد الذي نشرته (الخميس) تحت عنوان "إصلاحات السعودية توسع المجال أمام النساء.. لكنها لا تزال تحرمهن من أصواتهن المستقلة"، وشاركت في كتابته باحثتان مرموقتان؛ الأولى هي "جوديث إي تاكر"، أستاذة تاريخ الشرق الأوسط في جامعة جورجتاون ورئيس جمعية دراسات الشرق الأوسط (ميسا)، أما الثانية فهي "مريام آر لوي"، أستاذة سياسات الشرق الأوسط في كلية نيوجيرسي، ورئيسة جناح الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في لجنة الحرية الأكاديمية التابعة لـ"ميسا".
وتتبع المقال مسيرة الإصلاحات في السعودية، مشيرا بداية إلى ما حدث في الرابع والعشرين من يونيو/ حزيران الماضي، حين طبّقت المملكة العربية السعودية تغييرا طال انتظاره برفع الحظر عن قيادة النساء للسيارات.
ثم يعقّب بالقول: "إلّا أن هتون الفاسي، وهي أستاذة جامعية مرموقة ومدافعة عن حقوق النساء ذاع صيتها عالميا، باتت رهن الاعتقال منذ سبعة أسابيع بعد إلقاء القبض عليها بينما كانت تعدّ نفسها للاستفادة من الإذن الذي مُنِح حديثا لها بقيادة السيارة داخل بلدها".
وبعد سرد المقال لسيرة ذاتية مطوّله لهتون الفاسي ودراستها، ونشاطاتها طوال سنوات، تساءل قائلا: "فما الذي جرى إذا؟ الإصلاحات التي تبناها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حظيت بحفاوة وإشادة كبيرة كانت تهدف للسماح للنساء بالمشاركة في الحياة العامة ودعوتهن لها، على الأقل في ظاهر الأمر. وفعلا، بالإضافة إلى رفع الحظر المفروض على قيادة المرأة للسيارة، طبّق الأمير إجراءات تحد من صلاحيات الشرطة الدينية؛ كي تمنعها من التدخل بلباس المرأة ومظهرها وسلوكها، بل وصرّح حتى للمغنيات بالمشاركة في الحفلات العامة، وسمح للنساء السعوديات بحضور المناسبات الثقافية والرياضية المختلطة، وشجع على زيادة عدد النساء العاملات في المؤسسات وأماكن العمل المختلفة".
وقالت الباحثتان: "كل هذا يبدو في الظاهر منسجما تماما مع تفاؤل هتون الفاسي حول اتجاه التغيير في بلدها. ولكن لماذا يجري الآن اعتقالها بدلا من منحها موقعا في الحكومة كوزيرة لشؤون المرأة مثلا؟".
ويجيب المقال على ذلك بالقول: "يكشف اعتقالها هي وزميلاتها عن رؤية ضيقة للدولة السعودية في عهد ولي العهد ووالده الملك سلمان، حينما يتعلق الأمر بمشروع الإصلاحات الخاصة بالمساواة بين الجنسين. إنه، أولا وقبل كل شيء، مشروع جرى تصميمه أخذا بمصالح الحكام في الاعتبار، ويُدار من ذلك المنطلق".
ويضيف: "ما من شك في أن السماح بدخول النساء إلى الحياة العامة إنما هو اعتراف ضروري بالواقع الاجتماعي، إذ باتت الكثير من النساء السعوديات متعلمات، وعلى معرفة بالعالم من حولهن، ولديهن طموحات، ومن شأن حرمانهن من حقوق المواطنة ذات المعنى أن يؤدي إلى إقصاء قطاع ضخم من السكان، سواء النساء أو من يتحالف معهن من الذكور".
وتستنتج الباحثتان مما يجري أنه "يبدو أن ما لا تريده السعودية، أو لا تشعر بحاجتها إليه، هو الصوت النسائي المستقل من أي نوع. الدولة تريد أن تقرر طبيعة ووتيرة الإصلاح، وأن تكون الناطق الوحيد باسم الإصلاح، وأن تستأثر بالفضل كله عن الإنجاز في مجال الإصلاح. أما الناشطات من النساء، اللواتي يجرؤن على الإصرار على التعبير عن آرائهن، أو المطالبة بمزيد من الحقوق فوق ما مُنِح لهن، فسوف يتعرّضن لـ"اللجم" والإسكات، من خلال فرض حظر على كتاباتهن، ومنعهن من التدريس والحركة، ثم من خلال سجنهن".
وبعد أن تستعرض الباحثتان حالات مشابهة من القمع الذي تعرضت له النساء قديما حين طالبن بحقوقهن، كما في أمريكا وفرنسا وبريطانيا في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، تختمان مقالهما بالقول إنه "لدى هتون الفاسي وزميلاتها السجينات الكثير مما يمكنهن المساهمة به في خدمة وطنهن. يجدر بالقيادة السياسية التي تنتهج بصدق أجندة إصلاحية أن تستمع وتسمح للآخرين بالاستماع لأفكارهن حول تمكين المملكة من أن تصبح أرحب صدرا وأكثر تسامحا وأشد تطلعا نحو المستقبل".
اقرأ أيضا: افتتاحية عاصفة لـ"واشنطن بوست" عن أزمة الرياض وكندا