هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
توالت ردود الفعل الرافضة والغاضبة لتعديلات قانون الجنسية التي أقرها البرلمان المصري الأحد وأتاح فيها الحصول على الجنسية المصرية "مقابل وديعة قيمتها 7 ملايين جنيه والإقامة لمدة 5 سنوات متصلة".
وحذر سياسيون ونشطاء مصريون في تصريحات لـ"عربي21" من مغبة ما سموه "قانون بيع الجنسية المصرية" للأجانب، "خاصة أنه صدر من نظام سياسي مشكوك في نواياه، وإرادته وفي شرعيته، ويأتي في توقيت مريب وغريب".
ووافق مجلس النواب، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القرار بقانون رقم 89 لسنة 1960، بدخول وإقامة الأجانب بمصر والخروج منها، والقانون رقم 26 لسنة 1975 بشأن الجنسية المصرية، والذي يقضي بحق من يقيم في مصر بوديعة لمدة 5 سنوات، والحق في طلب الحصول على الجنسية المصرية.
وخلال الجلسة العامة للبرلمان لمناقشة القانون، شكك عضو تحالف 25/30 المعارض، النائب هيثم الحريري، في الهدف من وراء القانون وقال: "إن الجنسية المصرية يجرى بيعها ليس للاستثمار، ولكن لأشياء أخرى"، دون أن يوضح هذه الأشياء، ما أثار حفيظة رئيس البرلمان، ودعاه إلى حذفها من محضر الجلسة.
"أهداف مريبة"
وفي هذا السياق، استنكر وزير العدل الأسبق، أحمد سليمان، إصدار القانون، قائلا: "لا بد من نظرة شاملة للظروف التي صدر فيها القرار، وللنظام الذي تبناه، وكيفية وصوله للحكم، وأهدافه حتى نعرف كيف تجري الأمور"، مشيرا إلى أن "إسرائيل هي المستفيد من هذا القانون خاصة أنه كان لها دور رئيسي في انقلاب 3 يوليو تخطيطا وتنفيذا وترويجا له في الخارج".
وأضاف في حديث لـ"عربي21": "لا أستبعد أن يكون هناك آلاف قد أقاموا في مصر منذ 2013، وأن شرط الخمس سنوات قد تحقق، ومن ثم يدفعون الملايين المطلوبة، ويمنحوا الجنسية، ومن ثم يتملكون الأراضي، والعقارات والشركات، وأصول الدولة، وأن يكون لهم دور في الحياة السياسية، ويتمتعوا بكافة الحقوق التي يتمتع بها المصريون".
واستدرك قائلا: "هذا من شأنه أن يتيح لهم (المتجنسين) التغلغل في كل مفاصل البلد، ما يهدد الأمن القومي، ولكن لا مجلس (علي عبد العال) ولا (نظام السيسي) يكترث لذلك، فهو (عبد العال) من قال إن مجلس النواب عبارة عن كتيبة تشريعية في خدمة المؤسسة العسكرية، وهو من وافق من قبل على التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، رغم تعارضه مع الدستور، وصدور حكم نهائي وبات ببطلان الاتفاقية".
"الجنسية لا تباع"
بدوره وصف الناشط القبطي المقيم بالولايات المتحدة كمال صباغ القانون بـ"المأساوي"، قائلا: "الموقف مخز؛ لأنه جاء بالفلوس وهناك كثير من الدول الأجنبية تمنح حق الإقامة وليس الجنسية، للمستثمرين، مثل تركيا وكندا وغيرهما، ولا يتم منح الجنسية إلا بعد شروط مطولة، واختبارات، ومدة زمنية؛ لأن الجنسية جزء من كرامة الوطن، فالجنسية لا تباع".
وفي حديثه لـ"عربي21" شكك صباغ بأهداف القانون، وقال: "هذا النظام الذي باع تيران وصنافير، وضرب بعرض الحائط قرارات المحكمة، والوثائق الدولية، أصبح من الصعب أن نثق في نواياه في هذا الشأن، وما نسمعه من ضم وتبادل أراضي، ومنح أراض للسعودية في جنوب سيناء مقابل أحلام لا أحد يعلم هل سوف تتحقق أم لا يؤكد تلك الشكوك".
وأضاف: "مثل هذه الأمور المصيرية ليست قرارات سياسية ولا إدارية، وكان لا بد أن تطرح للاقتراع الشعبي؛ فقانون التجنيس يفتقد للمنطق الدولي، فالودائع تسمح بالإقامة بغرض الاستثمار، ثم يتقدم ذلك المقيم للحصول على الجنسية بعد أن يستوفي جميع الشروط، ولكن ما فعلوه أنهم باعوه الجنسية المصرية".
وحذر صباغ من أن "بيع الجنسية يترتب عليه شراء كميات من الأراضي في ظل نظام أصبح مشكوكا في شرعيته بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية الماضية، وتأتي في ظل منظومة فاسدة تجعل مصر في مأزق أنها تعود لإصلاح الأمر لما كان الوضع عليه".
"تجاوز حدود الاستثمار"
من جهته، اعتبر المحامي والناشط السياسي عمرو عبد الهادي القانون "مصيبة كبيرة أخرى تحل على مصر"، ورأى أن "هذا القانون هو مطلب غربي يمنح الغرب مزايا تتجاوز حدود الاستثمار، ولا يعود على مصر إلا بالضرر الكبير".
وعدّد عبد الهادي في حديثه لـ"عربي21" ما قال إنها مساوئ هذا القانون بالقول: "أولا، هذا القانون يسمح للإسرائيليين بالتجنيس، ثانيا، المافيا العالمية ستستفيد من هذا التجنيس في الحالات المطاردة عالميا، ثالثا غسيل الأموال، حيث أن هذا المبلغ زهيد جدا بالنسبة لغسيل الأموال الذي يحدث في الإمارات".
وأضاف أن "دولة الإمارات تأخذ نسبة كبيرة من مليارات الدولارات التي تدخل لهم، بينما السيسي رضي بالفتات لغسيل تلك الأموال"، مشيرا إلى أنه "لا يفرط في الجنسية، ويهينها بهذه الطريقة إلا صهيوني، فلا يوجد مصري أهان مصر بهذه الطريقة إلا السيسي ونظامه"، وفق تعبيره.