هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، تتساءل فيه عن المنافع التي جنتها روسيا من تدخلها العسكري في سوريا، غير تحولها للاعب مهم في الشرق الأوسط.
ويجد التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، أنها منافع محدودة، وبأن موسكو لن تمارس التأثير القوي ذاته، الذي مارسته أمريكا في المنطقة قبل عقود.
وتستدرك الصحيفة قائلة إن "السؤال هو هل تورطت روسيا في مستنقع الشرق الأوسط ومؤامراته، واستخدامه لمصالحها الخاصة، ولم تحصل إلا على منافع محدودة؟".
ويشير التقرير إلى أنه في الوقت الذي تتعمق فيها علاقات موسكو وتأثيرها، إلا أنها لم تصل بعد إلى مستوى التأثير الذي حققته الولايات المتحدة، لافتا إلى أن أيا من الدول العربية المتحالفة، أو المحسوبة على صف الولايات المتحدة، لم تغير معسكرها منذ اضطرابات الربيع العربي عام 2011.
وتلفت الصحيفة إلى أن قرار موسكو التحرك وإنقاذ حليفها التاريخي بشار الأسد جاء بعد سقوط حليف تاريخي آخر، وهو معمر القذافي، الذي قتل بعد تدخل الناتو لدعم المسلحين المعارضين له، وذهبت معه مليارات الدولارات التي حصلت عليها روسيا كعقود مع النظام السابق.
ويفيد التقرير بأنه مع ذلك، فإن روسيا استطاعت بناء علاقات مع حلفاء الغرب التقليديين، الذين كانوا معادين للاتحاد السوفييتي، بمن فيهم تركيا وإسرائيل، وحملت معها منافع اقتصادية، لكنها تقدم منافع سياسية محدودة.
وتنقل الصحيفة عن الزميل الباحث في المجلس الروسي للشؤون الدولية أليكسي خلينبيكوف، قوله: "لا أحد يريد إخراج الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، فهي تريد الخروج بنفسها، مخلفة وراءها فراغا"، وأضاف أن روسيا ليس لديها حلفاء حقيقيون في المنطقة، لكن شركاء يمكنها عقد صفقات تجارية معهم، رغم الخلافات السياسية، و"روسيا ليست البديل لهم، لكنها محاولة لتنويع علاقاتهم"، حيث تحقق هذا التنوع لأن إدارة دونالد ترامب لا تمانع في دور بارز لروسيا في الشرق الأوسط.
ويورد التقرير نقلا عن مدير شركة قمر للطاقة، وهي شركة استشارات مقرها في دبي، روبن ميلز، قوله: "تقدم العلاقة مع روسيا، بالنسبة لمعظم دول المنطقة، بوليصة تأمين، ولأن أمريكا لم تظهر غضبا بشأن هذا، ولا تحاول طرد روسيا، فهي بوليصة تأمين مجانية".
وتعلق الصحيفة قائلة: "من هنا، فإن روسيا رغم ما لديها من قدرات عسكرية، ودبلوماسيتها المحنكة، وشبكاتها الاستخباراتية، لا تستطيع إظهار القوة في أنحاء المنطقة كلها، فاقتصادها المتوسط، يشبه اقتصاد أستراليا وإسبانيا، وعلى خلاف الاتحاد السوفييتي السابق، الذي أدخل نفسه في نزاعات الشرق الأوسط، وسيلة لنشر أيديولوجيته أثناء المواجهة في الحرب الباردة، فإن روسيا ليس لديها نموذج اقتصادي واجتماعي لنشره".
وينقل التقرير عن نائب وزير الخارجية المسؤول عن ملف الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، قوله: "تواجه روسيا ظروفا جديدة؛ لأننا لا نقدم دعما أيديولوجيا لجماعات يسارية وشيوعية.. كان هذا في الماضي، ونتصرف بناء على الاعتبارات المنطقية، ولأن التعاون يجب أن ينفع الطرفين، وفي الوقت ذاته نقف مع هذه الدول ونحترم سيادتها".
وتقول الصحيفة إنه "عادة ما يسمع في الشرق الأوسط أن روسيا، على خلاف الولايات المتحدة، تقف مع حلفائها مهما كانوا، فباراك أوباما وقف مع المتظاهرين الذين أطاحوا بحكام حلفاء لأمريكا، مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ورئيس تونس زين العابدين بن علي، وحتى الذين لا يكنون محبة أو احتراما لرئيس النظام السوري الأسد معجبون بالطريقة التي تحرك فيها الرئيس فلاديمير بوتين لإنقاذ النظام السوري ومنع انهياره".
ويورد التقرير نقلا عن المعارض المصري البارز محمد أنور السادات، وهو ابن أخ الرئيس أنور السادات، قوله: "ينظر المصريون لبوتين على أنه رجل دولة يقف إلى جانب أصدقائه، ورجل لا يسمح بسقوطهم, كما فعل الأمريكيون مع مصر"، مشيرا إلى أن مواقف الرئيس الأمريكي تربك الجميع.
وترى الصحيفة أنه "بالضرورة، فإن مواقف الإعجاب من بوتين، والحيرة من الرئيس دونالد ترامب لا تترجم إلى تحولات في السياسة تجاه موسكو، حيث يقول السادات إن الروس ليس لديهم ما يقدمونه، ويعلمون أن العلاقة مع أمريكا حيوية واستراتيجية وباقية، ولهذا السبب فإن مستقبل العلاقة المصرية الروسية ليس كبيرا".
ويؤكد التقرير أن مصر وتركيا تستخدمان مثلا علاقاتهما مع موسكو وصفقات السلاح لتحسين أوراقهما التفاوضية مع واشنطن، حيث يرى المستشار الروسي الذي يعمل في الشرق الأوسط يوري بارمين، أن الكثير من الدول في المنطقة لا تستثمر إلا بشكل محدود في علاقاتها مع روسيا، ولتستخدمها مع حلفائها مثل الولايات المتحدة.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالقول إن روسيا تظل خيارا خياليا، وربما كان المكبر واسعا، لكن دون جوهر، "وتفهم الدول كلها بشكل جيد محدودية التأثير الروسي".