هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا تحليليا للمعلق إيشان ثارور، يقول فيه إن الكتابة على الجدار الآن هي: النظام السوري باق ولن يذهب.
ويقول ثارور إنه "رغم سبع سنوات من الحرب الأهلية، ومقتل مئات الآلاف من السوريين، وهروب ملايين اللاجئين، وتدمير المدن التاريخية، والاستخدام المرعب للأسلحة الكيماوية ضد المدنيين، فإن بشار الأسد لا يزال في موقعه".
ويضيف الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، أن "الجرائم التي ارتكبت تحت إشراف الأسد قادت عددا من الزعماء الأجانب للمطالبة بالإطاحة به، لكنه صمد أمام جبهة متعددة من المعارضة ضد حكمه، بمساعدة من الروس وإيران، وأعلن في الأسبوع الماضي عن (تحرير) أكثر الضواحي كثافة سكانية من (الإرهابيين)، وعادت تحت سيطرة النظام".
ويشير ثارور إلى أن "هذا جاء نتاجا لحملة وحشية ضد مواقع المعارضة في المناطق المحيطة بالعاصمة، بما فيها الغوطة الشرقية، التي ظلت تحت سيطرة المعارضة نصف عقد من الزمان قبل أن تستسلم، ولم تبق للمقاتلين سوى مناطق محدودة، تتركز في محافظة إدلب شمالا قرب تركيا ودرعا في الجنوب قريبا من الحدود مع الأردن، ويحذر المحللون من معاناة فظيعة للمدنيين".
وتفيد الصحيفة بأن طائرات النظام ألقت في الأسبوع الماضي بمنشورات على درعا، تطالب فيها المسلحين بالاستسلام، قائلة: "رجال الجيش السوري قادمون، واتخذوا قراركم قبل فوات الأوان"، مشيرة إلى أن الأسد يسيطر على أكبر التجمعات السكانية في البلاد في دمشق وما حولها وحمص وحلب، حيث تمت إعادة بناء الطرق السريعة التي تربطها كي توفر طريقا آمنا للجنود الذي سيذهبون إلى الجبهات الأمامية.
ويعلق الكاتب قائلا إن المسرح قد أعد للمواجهة الأخيرة وسحق المعارضة، مشيرا إلى ما نقلته الصحيفة عن الباحث البارز في معهد كارنيغي الشرق الأوسط يزيد صايغ، الذي قال إن "النظام ليس قويا، لكنه سيقوم، وبلا شك، بالسيطرة على المناطق المتبقية حتى يصل إلى الجبهات الأمامية في المحاور التي يسيطر عليها الآخرون".
ويؤكد ثارور أن الواقع يتناقض مع الإصرار الغربي على أن التسوية السلمية كفيلة بوقف الحرب، حيث تقول المحللة المستقلة التي تغطي سوريا إيما بيلز: "صحيح أنه لن يكون هناك سلام دائم في الاستراتيجية العسكرية، لكن هناك بالتاكيد، كما نرى، طرقا لتحقيق أهدافهم وهي السيطرة".
وتورد الصحيفة نقلا عن المسؤول السابق في إدارة أوباما ستيفن سيمون، قوله إنه "يجب ألا يندهش أحد من الأسد الدموي، وإصراره على البقاء في السلطة، حيث حافظ النظام على أعصابه طوال الحرب الأهلية عندما قضت المعارضة على نصف وزارة الحرب تقريبا عام 2012، عندما وضعت قنبلة، وفي عام 2015 في تدمر وجسر الشغور اللتين سقطتا بشكل متتابع، ومحاصرة حلب الغربية" .
ويلفت الكاتب إلى أن الحاكم السوري تجاوز التهديدات من إدارتي أوباما وترامب، واستمر بعد إلغاء برنامج "سي آي إيه" لتسليح المعارضة "المعتدلة"، وتحمل سلسلة من الضربات الصاروخية على القواعد الجوية السورية.
ويعتقد ثارور أن "السياسة الإقليمية كانت في صالح الأسد، فتعقيد الحرب أدى إلى ذهاب شهية الغرب لتغيير النظام، وحتى في ظل استمرار احتلال مناطق من سوريا، تركيا في الشمال، وأمريكا مع حلفائها الأكراد في الشرق، فهذا لا يبدو أنه يهدد حكم الأسد".
وينوه الكاتب إلى أن ترامب لم يخف سرا عندما عبر عن عدم اهتمامه بالإطاحة بنظام الأسد، مفضلا التركيز على محاربة تنظيم الدولة، ومواجهة التأثير الإيراني في سوريا، فيما خفف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يعد من أشد الناقدين للأسد لهجته، ويركز الآن على تصاعد قوة الأكراد قريبا من حدوده.
ويقول ثارور: "يجب النظر إلى التفكير الروسي وراء الدخول إلى سوريا، فقد حرف قرار الرئيس فلاديمير بوتين ميزان الحرب لصالح الأسد، وتتحرك روسيا اليوم لتدعيم مكاسبها في سوريا، ومواجهة التأثير الإيراني على الأرض، وتنجح روسيا لو كانت التقارير القادمة من إسرائيل دقيقة".
وتبين الصحيفة أن "الصحف الإسرائيلية تحدثت عن صفقة بين روسيا وإسرائيل، تجبر المليشيات الإيرانية على الانسحاب من المناطق القريبة من الحدود مع إسرائيل، وقد تفتح الباب أمام خروج المليشيات التي تدعم الأسد، ولو قام الأسد بحملة في درعا في حال توفرت الحماية والدعم من الإسرائيليين والأردنيين والأمريكيين فإنها ستمضي دون اعتراضات".
ويجد الكاتب أن "انسحابا كهذا يناسب الأسد، الذي يريد الحفاظ على قوته العسكرية للسيطرة على المناطق في الشرق، واستعادة السيطرة على حقول النفط، وغزو إدلب، كما كتب سيمون، وسيخسر الأسد قدراته للسيطرة على الدولة السورية لو تورط في نزاع مع أمريكا وإسرائيل".
ويستدرك ثارور بأن "الأخبار عن الصفقة لم تجد قبولا في إيران، حيث أرغت الصحافة الإيرانية وأزبدت ضد التكتيكات الروسية، فيما لا يبدي الأسد اهتماما الآن، في وقت يحاول فيه تقوية قبضته على جوهر البلد، ويحاول عرقلة الجهود الدولية التوصل إلى تسوية".
ويذهب الكاتب إلى أنه "مع اقتراب مهمة إعادة الإعمار المذهلة، فإن هناك مخاوف من ألا يجد اللاجئون السوريون ما يعودون إليه، بعد مصادرة أراضيهم، وتحويلها للموالين للنظام، وحتى لو كان هناك سلام وهمي فستظل الخلافات".
ويختم ثارور مقاله بالإشارة إلى أن روسيا طرحت الأسبوع الماضي فكرة لتخفيف سلطات الأسد الرئاسية، وتبني السلطة اللامركزية، وقال متحدث باسم المعارضة إن رفض الأسد القبول بهذه الشروط يعني أنه لا يريد "تسوية سياسية".