هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت حادثة منع منتقبة ألمانية - متزوجة بتونسي وأم لطفلين- من دخول التراب التونسي وترحيلها عنوة على متن الباخرة من قبل الأجهزة الأمنية في البلاد، جدلا بين الأوساط الحقوقية والسياسية التي رأت في سلوك البوليس التونسي عودة لأساليب القمع التي دأب عليها الرئيس المخلوع بن علي وتضييقا خطيرا على حرية اللباس والمعتقد.
وكان زوج تونسي يدعى خليل مبارك يعمل مهندس طيران، ومتزوج من دكتورة ألمانية منتقبة أسلمت حديثا، أطلق نداء استغاثة أمس الخميس، إثر احتجاز السلطات التونسية لزوجته بميناء حلق الوادي بالعاصمة، ومنعها من لقاء زوجها وأطفالها الصغار وإرجاعها عنوة من حيث أتت.
وحول تفاصيل الحادثة، أكد محامي الزوج التونسي سيف الدين مخلوف أن الزوجة الألمانية ليس لها أي سوابق عدلية في تونس أو في ألمانيا، وسبق لها أن دخلت بشكل عادي لتونس الأسبوع الماضي عبر مطار تونس قرطاج ولم يتم منعها.
واستنكر في حديثه لـ"عربي21" تعسف الأجهزة الأمنية واستهدافهم الحريات الشخصية للأشخاص بما فيها حرية اللباس والتدين.
وتابع :" الأجهزة الأمنية تعللت بوجود شبهة إرهاب تحوم حول هذه السيدة ولكن ذلك لايبرر قانونيا منعها من دخول تونس وتعرضها للاعتداء بالعنف والترحيل عنوة وحرمانها من لقاء زوجها وأطفالها الصغار وكان يمكن أن يتم إيقافها والتحقيق معها في إطار القانون".
محامي العائلة أكد أن زوج المواطنة الألمانية تم ترحيله لتونس وحجر عليه السفر بسبب تدينه، وتنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في ألمانيا، مشددا على خلو سجله الأمني من أي شبهة إرهابية، منتقدا في الآن نفسه ما أسماه بعودة سلوكيات دولة البوليس، التي كانت تمارس الاستبداد والقمع والتضييق على الحريات في تونس، تحت شماعة الإرهاب والحفاظ على الأمن العام.
وأوضح في السياق ذاته أن الزوجة الألمانية التي اختارت بإرادتها دخول الإسلام وارتداء النقاب، قررت العودة لتونس بشكل نهائي للم شمل عائلتها، ودخلت التراب التونسي عبر مطار تونس قرطاج بتاريخ 18 مايو/ أيار 2018 دون حدوث أي مشكل، ثم غادرت البلاد بتاريخ 25 من ذات الشهر وعادت يوم 31 مايو/ أيار عبر الباخرة ولم يقع منعها في المواني الأوروبية التي سلكتها الباخرة لتفاجئ بقرار المنع والترحيل عنوة من تونس بشبهة الإرهاب.
وكانت وزارة الداخلية، قد أصدرت بيانا بعد تحول قضية منع المنتقبة الألمانية من دخول التراب التونسي لحديث الشبكات الاجتماعية، ونشطاء حقوق الإنسان، كشفت خلالها عن "توفر معلومات استخباراتية بخصوص المعنية تتعلق بالاشتباه فيها بالإرهاب، ليتم منعها على إثر ذلك من الدخول إلى التراب التونسي وإرجاعها إلى الوجهة التي قدمت منها لاعتبارات أمنية".
وشدد بيان الداخلية على معاملة المواطنة الألمانية في "كنف احترام حقوق الإنسان"، موضحا أن الزوج التونسي تم ترحيله منذ 3 أشهر لتونس من قبل السلطات الألمانية بشبهة الإرهاب، وصادر في حقه منشور تحجير سفر.
من جانبه، أكد النائب بالبرلمان التونسي عماد الدايمي "ثبوت حادثة الاعتداء بالعنف على المواطنة الألمانية خلال عملية ترحيلها قسرا من ميناء حلق الوادي بالعاصمة نحو إيطاليا، فيما تم إيقاف زوجها الذي احتج على قرار ترحيلها بمنطقة الأمن بحي الخضراء". حسب قوله.
الدايمي أكد معاينته لوضعية الطفلين الصغيرين اللذين حرما من رؤية والدتهما في ميناء حلق الوادي، واصفا حالتهما النفسية بالقاسية والصعبة.
وفي تعليقه على ماجاء في بيان الداخلية، حول أسباب منع الألمانية المنتقبة من دخول تونس، قال الدايمي إنه مردود على أصحابه، موضحا: "تواصلت شخصيا بصفتي نائب شعب مع وزير الداخلية لطفي براهم، ووجدت أنه غير مطلع على حيثيات القصة ولايملك أي معطيات، كما تواصلت مع مدير عام الأمن الوطني، وأكدت له أن المرأة محل الشبهة الإرهابية التي تعللت بها السلطات، سمح لها منذ أيام قليلة بدخول تونس عبر مطار تونس قرطاج".
الدايمي خلص إلى أن العملية الأمنية برمتها لاعلاقة لها بموضوع الإرهاب، وأن سبب المنع الرئيسي يكمن في اعتراض بعض الأمنيين على لباس المرأة ونقابها الذي مرت به من أربع دول أوروبية وصولا لتونس، ولم تتعرض لها أي جهات أمنية هناك، واصفا الحادثة بالفضيحة الدولية المسيئة لسمعة تونس بالخارج، من خلال استعمال أساليب قمعية وبوليسية تذكر بممارسات المخلوع بن علي.
وكان مرصد الحقوق والحريات قد أدان في بيان تلقت "عربي21" نسخة منه ما أسماه بالتجاوز الخطير للأمن التونسي بحق المواطنة الألمانية، مشددا على أنه "ليس تصرفا معزولا أو لضرورات أمنية، بل إنه سياسة ممنهجة ضد عدد من الأجانب العرب والغربيين الذين يتم منعهم من دخول التراب التونسي أوترحيلهم عنه، أوتعجيزهم عند استخراج وثائق الإقامة رغم ارتباطاتهم العائلية بتونسيين".
ولفت إلى أنّ سبب المنع "يعود أساسا إلى مظهر أو معتقد المتضرر، دون إثباتات إدانة مادية أو قضائية كما تدعي الجهات الأمنية"، داعيا مؤسسات الدولة للتدخل العاجل لتمكين المتضررة من دخول التراب التونسي.