هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تبلورت رؤية النظام المصري للحياة الحزبية خلال الفترة المقبلة عن طريق تأسيس حزب جديد للأغلبية باسم "مستقبل مصر"، نواته الأساسية حزب "مستقبل وطن"، إلى جانب تكوين حزب معارض رئيسي ناتج عن اندماج عدة أحزاب على رأسها حزب "الوفد".
وأكد النائب مصطفى بكري، المقرب من النظام، أن مصر بحاجة إلى حزب للأغلبية، بالإضافة إلى حزب "الوفد" الذي سوف يمثل جناح المعارضة بعد أن تنضم إليه بعض الأحزاب.
وقالت صحيفة "الأهرام" الحكومية، يوم الأربعاء الماضي، إن المشهد السياسي في مصر خلال الفترة المقبلة سيقوده حزبان قويان هما "مستقبل مصر" و"الوفد".
وكان السيسي دعا الأسبوع الماضي الأحزاب السياسية إلى الاندماج في حزبين أو ثلاثة فقط أقوياء، وتفعيل دورها في الشارع.
مستقبل مصر
وكشف النائب محمد الكومي، عضو مجلس النواب عن حزب "المصريين الأحرار"، والمنضم لحزب "مستقبل وطن"، انضمام عشرات النواب المستقلين والحزبيين إلى الحزب؛ لتشكيل كيان جديد تحت مسمى "مستقبل مصر".
وانضم إلى "مستقبل وطن" في شكله الجديد أكثر من 100 نائب برلماني، بعضهم من ائتلاف الأغلبية "دعم مصر" على رأسهم نائب رئيس الائتلاف كريم درويش، ومن حزب الأكثرية البرلمانية "المصريين الأحرار" يتقدمهم رئيس الهيئة البرلمانية للمصريين الأحرار علاء عابد، فضلا عن نائب رئيس حزب "الوفد" حسام الخولي، الذي قدم استقالته قبل يومين، وتولى منصب الأمين العام للحزب الجديد.
اقرأ أيضا: دمج الأحزاب المصرية.. الاتحاد الاشتراكي في ثوبه الجديد
وقال النائب علاء عابد، نائب رئيس الحزب، في تصريحات صحفية، إن "مستقبل وطن" أصبح صاحب الأغلبية في مجلس النواب، بعد أن تخطى عدد نوابه 350 نائبا.
وكان رئيس حزب "مستقبل وطن"، النائب أشرف رشاد، أعلن مساء الأربعاء الماضي اندماج حملة "معاك من أجل مصر" مع "مستقبل وطن"، مؤكدا أن أبواب الحزب مفتوحة أمام القوى السياسية الراغبة في الانضمام إليه.
وتأسست حملة "معاك من أجل مصر" لدعم السيسي في الانتخابات الرئاسية الماضية، تحت إشراف محمد هيبة، أمين الشباب الأسبق في الحزب الوطني "المنحل" وأحد المتهمين في قضية موقعة "الجمل" إبان ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
والوفد يقود المعارضة
وعلى الجانب الآخر، أعلن بهاء الدين أبو شقة، رئيس حزب "الوفد"، أحد أقدم الأحزاب الليبرالية في مصر، عن بدء خطوات تشكيل كيان حزبي يمارس ما أسماه "المعارضة الوطنية" التي تعلي مصلحة الوطن.
واتفق عدد من الأحزاب، اجتمعت في مقر "الوفد" الثلاثاء الماضي، على وضع أسس للعمل المشترك خلال الفترة المقبلة، من بينها "التجمع" و"المؤتمر" و"المحافظين" و"الغد" و"الجيل" و"الدستوري الحر".
كما انضم المتحدث العسكري السابق العميد محمد سمير إلى "الوفد" قبل عدة أيام، وتولى منصب مساعد رئيس الحزب لشؤون الشباب.
وقال النائب أكمل قرطام، رئيس حزب "المحافظين"، إن الفترة القادمة ستشهد التخلص من التعددية المفرطة في الأحزاب، موضحا أن "المحافظين" أقرب للدخول في شراكة مع حزبي "الوفد" و"التجمع".
تدارك الأزمة
وتعليقا على هذه التطورات، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة "حسن نافعة" إن النظام غير استراتيجيته، وقرر تأسيس حزب يستحوذ على الأغلبية البرلمانية بعد سنوات من رفضه لهذه الطريقة في الحكم تحت ضغط التهديدات التي يواجهها، حيث بات يشعر بالقلق جراء تآكل شعبيته بشكل غير مسبوق، كنتيجة متوقعة لقراراته الاقتصادية والسياسية خلال السنوات الأربع الماضية.
اقرأ أيضا: لماذا تفشل جهود إنشاء حزب السيسي "الحاكم"؟
وأضاف نافعة، في تصريحات لـ"عربي21"، أن السيسي يريد تدارك هذه الأزمة خلال مدة رئاسته الثانية عن طريق تأسيس حزب حاكم جديد، يعمل على تحسين صورته، وترميم قاعدته الجماهيرية في الشارع المصري، موضحا أن الحزب الجديد سيكون له وظيفتان أساسيتان، الأولى تمرير القوانين والتعديلات التشريعية التي يريد النظام تمريرها دون أي مشكلات في مجلس النواب، والثانية العمل كذراع سياسي واجتماعي للنظام في الشارع، بحيث يكون قادرا على الوصول إلى كل قرية ونجع في البلاد.
وتابع: السيسي لن يجد أفضل من رجال الحزب "الوطني" المنحل للقيام بهذا الدور، فهم متغلغلون في المجتمع المصري منذ عقود، كما أنهم معتادون على خدمة النظام، أيا كان اسم الحاكم، وأشار إلى أن جماعات المصالح التي ترتبط بالنظام تدفع هي الأخرى في الاتجاه ذاته؛ للاستفادة من الأوضاع السياسية الحالية، كما كانت تفعل في عهدي مبارك والسادات عبر استمرارها في السلطة لأطول فترة ممكنة.
واستبعد نافعة أن يتغير المشهد السياسي المصري بعد إنشاء الحزب الجديد، مؤكدا أن جميع القرارات ستظل في يد السيسي، ويبقى على الحزب الجديد مهمة تنفيذها، ومحاولة تسويقها جماهيريا.
وتوقع أن يكون الحزب الجديد هو الوحيد المسموح له بحرية الحركة وممارسة العمل السياسي، بينما يقوم الحزب الآخر في لعب دوره المرسوم له، كمعارضة ديكورية لتجميل وجه النظام أمام العالم.
واختتم حسن نافعة تصريحاته بالقول: لو كان النظام جادا في رغبته إحياء الحياة السياسية والحزبية في مصر لمهد البيئة المناسبة لهذا الأمر عبر إطلاق الحريات والسماح للقوى السياسية بالتعبير عن رأيها دون قمع، وليس عبر أوامر عليا للأحزاب باندماجها وتشكيل كيانات جديدة.