قالت صحيفة
"الباييس" الإسبانية إن أزمة
الاتفاق النووي الإيراني أثرت على الأحلام
الثورية للكثير من الإيرانيين الطامحين ببث روح جديدة في بلادهم.
وأوضحت الصحيفة أن
انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق لم يكن سوى القطرة التي أفاضت كأس الإيرانيين
جراء ما يعانونه من عقوبات.
وقالت في تقريرها الذي
ترجمته "
عربي21"، إن عبارة "ابن أحلامك" احتلت ملصقا إعلانيا
علق بمحاذاة مركز "باملاند" التجاري في شمال غرب طهران. ويعكس ذلك توق
الشعب الإيراني لتحقيق أحلامه وتغيير نمط العيش الذي اعتاد عليه.
وأضافت الصحيفة أن
الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها أغلب العائلات أصبحت متردية في الفترة الأخيرة. وفي
هذا الصدد، صرح رجل أعمال إيراني في عقده الخامس أن الحال لا يمكن أن يستمر على
هذا النحو، مضيفا أن من المحيطين به من أصبح غير قادر حتى على إطعام عائلته بسبب
هذه الأزمة. كما قال رجل الأعمال إن المعضلة الكبيرة لا تتمثل في الأوضاع السيئة
للبلاد فقط، بل في نظرة المجتمع الدولي تجاه إيران، التي تخلو من الاحترام.
وذكرت أن خيبة الأمل
التي أصابت الشعب الإيراني ليست وليدة اللحظة، حيث تمتد جذورها إلى ثورة 1979،
التي أدت إلى "ظهور الجمهورية الإسلامية". ولطالما تساءل العديدون ممن
شاركوا في هذه الثورة عن نتائجها التي لم ترتقي إلى تطلعات الشعب الإيراني. وقد
انتقلت هذه التساؤلات من جيل إلى آخر، خاصة أولئك الذين ولدوا خلال الفترة التي
تلت اندلاع الثورة.
ورأت الصحيفة أن تلك
الأجيال "حصدت عواقب السياسة المُتبعة على غرار، العزلة الدولية المفروضة على
هذه الدولة، وغياب فوائد ملموسة للاتفاق النووي، الذي كان من المفترض أن يعزز
مكانة إيران في العالم، وفقا للإيرانيين".
وأشارت الصحيفة إلى أن
كلا من التيار المحافظ والحرس الثوري سيحاولان قدر المستطاع الاستفادة من الأوضاع
التي تمر بها البلاد، وتعزيز مكانتهما في الانتخابات القادمة. ومع ذلك، يظل من
الصعب توقع الفوائد التي ستحصل عليها هذه الأطراف وسط خيبة أمل واسعة النطاق على
الساحة الإيرانية. و"عموما، يشعر الكثير من الإيرانيين بالندم بسبب تصويتهم
لحسن روحاني وتعليق آمال كبيرة على وعوده الانتخابية".
وذكرت الصحيفة أن عدة
عوامل داخلية وخارجية، على حد السواء، ساهمت بشكل فعال في تفاقم الوضع الإيراني،
وذلك وفقا لأحد الإصلاحيين والذي سجن بعد احتجاجات سنة 2009 ليعود فيما بعد إلى
الحياة السياسية.
وتكمن الأسباب
الداخلية أساسا في الخلافات العميقة بين حسن روحاني والمرشد الأعلى للثورة، آية
الله علي خامنئي، بالإضافة إلى أزمة المياه والوضع الاقتصادي الحرج الذي تمر به
البلاد. أما العوامل الخارجية فتقترن بتسلم دونالد ترامب لرئاسة الولايات المتحدة،
فضلا عن هيمنة محمد بن سلمان على المشهد السياسي في المملكة العربية السعودية عوضا
عن والده.
وأوردت الصحيفة أن
تضييق واشنطن للخناق على طهران يهدف إلى الضغط على الإيرانيين إلى غاية إنهاك
عزيمتهم في هذا الصراع الدولي. وقد أيّد المتشددون في واشنطن موجة الاحتجاجات التي
شهدتها البلاد مطلع هذه السنة، الذين يتوقعون أن يخرج الإيرانيون إلى الشوارع من
جديد للمطالبة بحقوقهم ويضعون قادتهم أمام الأمر الواقع.
وتطرقت إلى أن
الأثرياء في إيران يسعون إلى امتلاك مساكن خارج البلاد بغية الحصول على إقامة
دائمة في دول على غرار أرمينيا وأذربيجان أو غيرهما من البلدان التي ترحب بالإيرانيين.
ووفقا لما أفاد به رئيس لجنة الاقتصاد في البرلمان الإيراني محمد رضا بور
إبراهيمي، تم تهريب 30.000 مليون دولار من إيران، أي ما يعادل 25.400 مليون يورو،
وذلك في الأشهر الأخيرة فقط من السنة الفارسية، التي انقضت في 20 آذار/ مارس
الماضي. ويتزامن ذلك مع تخصيص الحكومة الإيرانية 95 بالمائة من ميزانيتها للنفقات
الجارية، دون الأخذ بعين الاعتبار للبنية التحتية أو الاستثمارات.
ونقلت الصحيفة شهادة
أحد الجنود الإيرانيين، الذي يبلغ من العمر 37 سنة، والذي أكد أن حكومة بلاده تعمل
على إحباط الشعب على نحو متزايد والدفع به إلى الهجرة.
وأضاف الجندي أن الوضع
في البلاد لم يعد يطاق في ظل تفشي التجارة غير الشرعية والتلوث والتنصت على
المواطنين. وصرح هذا الجندي قائلا إن "الأوضاع لا تبشر بخير. سأرحل عن هذا البلد
لأنني لا أريد لابنتي أن تحيا حيث يفرض عليها ارتداء لباس معين. إن طريقة تفكير
الشعب الإيراني تختلف عما تتبعه الحكومة التي لا تعير رفاهية السكان أي
اهتمام".
ونوهت الصحيفة إلى أن
النظام الإيراني بات أمام طريق مسدود لعدة أسباب، أبرزها أن المسؤولين الإيرانيين
لم ينجحوا في قراءة نوايا الولايات المتحدة؛ أي إذا ما كانت واشنطن تعمل على تغيير
سلوك طهران في المنطقة أم الدخول معها في حرب لإجبارها على تغيير نظامها. في
الأثناء، يمكن لهذه الأزمة أن تجبر إيران على الانسحاب من سوريا واليمن، وفقا
للتكهنات الأوروبية.
وأشارت إلى أن
الإيرانيين "سيستمرون في التمسك بأحلامهم. وخير دليل على ذلك، خروج العديد من
العائلات الإيرانية للتنزه، خلال يوم الجمعة الماضي، في الوقت الذي مارس فيه البعض
هواية الصيد بجوار بحيرة شهداء الخليج الفارسي"
وعلى الرغم من الحظر
الذي تفرضه السلطات على الشرب والأكل والتدخين في الأماكن العامة في شهر رمضان، لم
يخف عدد من الإيرانيين من المجاهرة بإفطارهم، في تحد واضح للحكومة.