هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
لا تزال جهود الدول الأوروبية تتواصل منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الدولي مع إيران؛ للحفاظ على الاتفاق الذي يخدم مصالحها ويحقق لها مبادلات تجارية تصل إلى 20 مليار يورو.
وفي هذا الإطار، وصل المفوض الأوروبي للطاقة ميغيل آريا كانيتي السبت، إلى العاصمة طهران في زيارة هي الأولى لمسؤول غربي يزور إيران، منذ قرار الانسحاب الأمريكي، وسيجري محادثات مع قادة إيرانيين لإطلاعهم على قرارات أوروبا لمواصلة المبادلات التجارية مع طهران، إلى جانب الحصول على تأكيد لرغبة إيران بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي.
بدوره، يرى المحلل السياسي طلال عتريسي في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "الأوروبيين منزعجون من قرار ترامب لسببين، الأول لتهميش رأيها وعدم أخذها في الاعتبار والتشاور معها، والثاني أن القرار يهمش المصالح الأوروبية الكبيرة في إيران".
صعوبة أوروبية
وحول قدرة أوروبا في الحفاظ على مصالحها وتخفيف حدة العقوبات الأمريكية المرتقبة على إيران، يقول عتريسي إن "الأوروبيين يحالون القيام بإجراءات معينة تتعلق بحماية شركاتهم"، مستدركا بقوله: "لكن لا يبدو أن الأمور ستنجح، لأن بعض الشركات الأوروبية بدأ تعلن عن وقف أعمالها بعد شهرين، والعقوبات الأمريكية يمكن أن تطال هذه الشركات حول العالم".
ويشدد عتريسي قائلا: "هناك صعوبة عند الأوروبيين في الخروج عن القرار الأمريكي"، موضحا أن "أوروبا تريد من إيران ألا تسارع في الخروج من الاتفاق، وأن تصبر طهران حتى ولو لم تتمكن أوروبا أن تفعل شيئا بشكل سريع".
ويؤكد المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني، أن "خروج إيران من الاتفاق يسحب أي إمكانية من أوروبا للاستمرار في عملها للحفاظ على الاتفاق"، مبينا أن "الأوروبيين يخافون من انتقال الأمور إلى وضع أكثر توترا على مستوى التهديد بالمواجهة، لذلك يريدون من طهران أن تبقى ملتزمة بالاتفاق".
اقرأ أيضا: قادة أوروبا يجددون التمسك بالاتفاق النووي مع إيران
ويرجع عتريسي صعوبة نجاح الإجراءات التي قررتها المفوضية الأوروبية الجمعة، لعدة عوامل منها ما له علاقة ببنية الاتحاد، موضحا أن "أوروبا اليوم في محصلة المطاف تتمثل في ثلاث قوى، بريطانيا وتاريخيا تقف إلى جانب الولايات المتحدة، وفرنسا التي لن يذهب رئيسها إيمانويل ماكرون إلى مخالفة أمريكا، وألمانيا التي تعد الصوت الأقوى".
ويتابع قائلا: "القرار الأوروبي صعب، والمسألة هي مسألة إرادة"، متسائلا: "هل يذهب الأوروبيون في التعبير عن رأيهم وإرادتهم لحماية مصالحهم؟ أم أن هذا الكلام لا يوجد له إمكانية للتحقق؟"، مؤكدا في الوقت ذاته أن "تجربة الاتحاد الأوروبي خلال الـ20 سنة الأخيرة، ليست تجربة مستقلة عن الولايات المتحدة".
وكانت المفوضية الأوروبية قررت الجمعة، إطلاق عملية أسمتها "تجديد إجراء" لحجب العقوبات لحماية أنشطة الشركات الأوروبية في إيران، بعد أن أعادت الولايات المتحدة الأمريكية فرض عقوبات على طهران، مشيرة إلى أن "الإجراء سيدخل حيز التنفيذ في غضون شهرين، ما لم يرفضه البرلمان الأوروبي وحكومات الاتحاد الأوروبي رسميا، لكن من الممكن تفعيله على نحو أسرع إذا توافر دعم سياسي قوي".
ثلاثة خيارات إيرانية
يشار إلى أن التشريع الأوروبي أقر في العام 1996 للالتفاف على العقوبات الأمريكية على كوبا، لكنه لم يستخدم من قبل، وتأمل المفوضية في أن يبدأ تطبيق هذه الإجراءات مطلع آب/ أغسطس مع دخول العقوبات الأولى التي أقرتها الولايات المتحدة مؤخرا حيز التنفيذ.
وفيما يتعلق بالخيارات الإيرانية في حال فشلت الجهود الأوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي، يتوقع عتريسي أن تكون طهران أمام احتمالات محصورة في ثلاثة خيارات، معتقدا أن "الأول البقاء في الاتفاق مع أوروبا من جهة، وتكون المسألة عند الأوروبيين كما هو الحال حتى اللحظة، والثاني قد تذهب إلى إعلان الانسحاب من الاتفاق النووي، وتعود إلى مرحلة الغموض النووي".
ويستكمل المحلل السياسي قوله: "أما الخيار الثالث، فهو الانسحاب من الاتفاق والعمل على نسج علاقات أقوى مع الصين وروسيا، وفتح السوق لهم بشكل أكبر، لمحاولة التعويض قدر الإمكان".