هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية تقريرا مطولا عن ما
يمكن أن تفعله إيران تجاه الخطوة الأمريكية بإلغاء الاتفاق النووي من جهة واحدة.
وقالت
الصحيفة، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه "من خلال
الإعلان عن انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية، المعروفة باسم
خطة العمل المشتركة الشاملة أو JCPOA، جلب ترامب أكبر فرحة إلى معسكرات اليمين المتطرف في كل من
إسرائيل وإيران".
وأضافت أنه "بينما أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو بـ"القرار الشجاع" الذي اتخذه ترامب، ملأ المتشددون
الإيرانيون وسائل الإعلام الخاصة بهم بتعليقات عبروا فيها عن بهجتهم بالقرار، ومهاجمين الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير الخارجية جواد ظريف على ثقتهم في
الشيطان الأكبر".
عقوبات
قاسية
واستند
ترامب في قراره على عقيدة نتنياهو وهي "أصلحه أو الغيه تماما" وبقيامه
بذلك، انتهك بوضوح القانون الدول بخرق اتفاق دولي أقره مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة، ووقع ترامب مذكرة تحفز إعادة فرض جزء من العقوبات ذات الصلة النووية التي
تم التنازل عنها منذ يناير 2016 في غضون 90 يوما، بحسب الصحيفة.
وقال
ترامب إن إعادة فرض العقوبات القاسية -خاصة تلك التي تستهدف قطاعات البنوك
والطاقة الإيرانية- ستحدث في غضون 180 يوما.
وأشارت
الصحيفة إلى أن "إيران الآن عالقة تماما في مكان وعر، فمن ناحية، هدد مسؤولون
إيرانيون رفيعو المستوى، بمن فيهم الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي،
مرارا وتكرارا بأنه إذا تخلت الولايات المتحدة عن الاتفاق فإن إيران ستتبعها".
وكتب
خامنئي في رسالة مفتوحة إلى روحاني: "أي عقوبات تفرضها الدول المعارضة في
المفاوضات (النووية) تحت أي ذريعة، بما في ذلك الأعذار المزيفة المتكررة لدعم الإرهاب
أو حقوق الإنسان"، سوف تبطل هذا الاتفاق، وقال خامنئي في مناسبة أخرى: "إذا ما قامت الولايات المتحدة بتمزيق الاتفاق، فإننا سوف نحرقه".
وفي
ضوء هذه التصريحات وتصريحات أخرى مماثلة، فإن الركود في التحرك للرد على ترامب
سيكون محرجا وضربة في وجه القائد وغيره من المسؤولين. من ناحية أخرى، يعاني الاقتصاد
الإيراني من ركود عميق، ويتجه مسار العملة الإيرانية " الريال" نحو
الأسفل.
وخسر
الريال أكثر من نصف قيمته منذ أكتوبر، ولذلك لا تريد إيران أن تكون معزولة في ظل
الضغوطات الاقتصادية الهائلة. ومع ذلك، فإن أي رد فعل جدي من جانب إيران، والذي يمكن
أن يعتبر انتهاكا للاتفاقية النووية، قد يعرضها للخطر بتدمير العلاقة الإيرانية مع الاتحاد
الأوروبي، حيث إن الاتحاد الأوروبي سيبقى في الاتفاق على الرغم من خروج
الولايات المتحدة.
وكما
نوقش في مكان آخر، إسرائيل وترامب ومستشاروه يعتمدون على استمرار الاحتجاجات التي
وقعت في وقت سابق من هذا العام في 80 مدينة إيرانية تقريبا، والتي كانت تغذيها
الصعوبات الاقتصادية إلى حد كبير.
خيارات
إيران
وتقول
الصحيفة البريطانية إنه "قد تختار إيران اطلاق المادة 36 من خطة العمل
المشتركة الشاملة وتقديم شكوى إلى اللجنة المشتركة، التي تضم ممثلين من إيران والاتحاد
الأوروبي ودول الـ P5 +1،(الصين، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والمملكة المتحدة، والولايات
المتحدة)، إذا لم يحل هذا الإجراء المسألة، فيمكن لإيران إحالة المسألة إلى مجلس
الأمن التابع للأمم المتحدة".
وبالتالي
إذا كان هذا ما سيحدث، فلن تستطيع الولايات المتحدة فقط استخدام حق النقض ضد أي
قرار، ولكن سيكون لديها أيضا أسباب لتعليق التزاماتها بموجب الاتفاقية النووية،
وهذا الخيار محفوف بالمخاطر بدرجة كبيرة بالنسبة لإيران.
وقالت
الصحيفة إنه "يمكن لإيران أن تختار إعادة تشغيل جزء من برنامجها النووي الذي
تحظره خطة العمل المشتركة الشاملة JCPOA، على سبيل المثال، بعد خطاب ترامب مباشرة، أمر روحاني منظمة
الطاقة الذرية الإيرانية (AEOI) أن تكون مستعدة لاستئناف الإثراء النووي على
المستوى الصناعي، وقال ردا على قرار ترامب: "لقد أمرت (AEOI) بالمضي قدما مع تجهيز الاستعدادات
الكافية لاستئناف التخصيب على المستوى الصناعي دون أي حدود".
وتقول
"ميدل إيست آي" إنه إذا قامت إيران بممارسة هذا الخيار، فإنها ستلغي أي
فرصة للتعاون الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من خطاب روحاني، فإن إيران لن تقوم بتجريب هذا الخيار على
الأقل ليس في هذه المرحلة المبكرة.
ويمنح
البروتوكول الإضافي الذي قبلته إيران بموجب الاتفاق، مفتشين من الوكالة الدولية
للطاقة الذرية القدرة على إجراء عمليات تفتيش شاملة ومفاجئة لمواقع إيران النووية، والخروج من هذا البروتوكول يشكل انتهاكا للصفقة، وسيثني الاتحاد الأوروبي عن الانحياز
مع إيران ضد ترامب.
وصرح الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، مؤخرا بأن إيران
قد تنسحب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية إذا ما عرقل ترامب الصفقة النووية،
ولكن هذا الأمر مستبعد جدا.
وحتى
عندما عاشت إيران في ظل أشد العقوبات قسوة من عام 2005 إلى 2015، فإنها لم تنسحب
من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. هذا على الرغم من أن البلاد كانت على حافة
الحرب مع الولايات المتحدة وإسرائيل، ولم تكن موقعه على معاهدة عدم الانتشار.
"تكتيكات البلطجة الأمريكية"
ويمكن لإيران أيضا أن تختار زيادة اختبار صواريخها التسيارية. على
النقيض من ادعاءات الأمريكيين، فإن برنامج الصواريخ التسيارية الإيرانية لا ينتهك
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231، الذي صادق عليه خطة العمل المشتركة الشاملة، بغض
النظر عن ذلك، يمكن لهذا الخيار أن يثير الغضب بشكل كبير في الولايات المتحدة
والإحباط في أوروبا.
وقالت
الصحيفة إنه "في حين قد تجري إيران عدة اختبارات للرد على تكتيكات الأمريكيين
البلطجية، لكنها لن تزيد من نطاق صواريخها، لماذا؟ لأن إيران تدرك جيدا أن مثل هذه
الخطوة قد تؤدي إلى صراع عسكري".
"إذا، ما الإجراء الذي ستتخذه إيران؟ في الوقت الراهن لا شيء، وقد أكد
وزير الخارجية جواد ظريف بالفعل هذه النقطة. وأضاف: "ردا على الانتهاكات
المستمرة للولايات المتحدة والانسحاب غير المشروع من الصفقة النووية، كما أوعز
بذلك الرئيس روحاني، سأقوم بجهود دبلوماسية لدراسة ما إذا كان بقاؤنا مشتركين في
برنامج العمل الشامل يمكن أن يضمن منافع كاملة لإيران، وستحدد النتيجة ردنا".
تقول الصحيفة.
وتضيف:
"أولوية إيران هي بيع النفط، فمنذ كانون الثاني/ يناير 2016، تضاعفت صادرات
إيران من النفط الخام إلى 2.6 مليون برميل في اليوم في شهر نيسان ( أبريل)، مقارنة
بـ 1.5 مليون برميل في اليوم في عام 2016 وكانت هذه الزيادة مسيرة بشكل كبير إلى
المصافي في الاتحاد الأوروبي".
وأشارت
إلى أنه "إذا لم يستطع الأوروبيون إقناع ترامب بالامتناع عن إعادة فرض العقوبات
-التي يمكن أن تحدث جزئيا في 4 أغسطس و 4 نوفمبر- ونتيجة لذلك فإن صادرات إيران
النفطية قد تنخفض بشكل كبير في الوقت الذي يصاب فيه نظامها المصرفي بالشلل، فإن
إيران سوف تمارس واحدة أو مجموعة من الخيارات المذكورة أعلاه".
وعلى
هذه الخلفية فإن رياح الحرب التي بدأت تهب منذ عدة أسابيع في سوريا بين إيران
وإسرائيل، أدت إلى رفع مستوى عدم اليقين في المنطقة.