هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا لمراسلها من مدينة سرت جيمي برينتس، يصف فيه حال مسقط رأس الزعيم السابق معمر القذافي بعد طرد تنظيم الدولة منها.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن جثث مقاتلي تنظيم الدولة لا تزال بارزة بعد طرده من مدينة سرت في بيوت وقبور لم تحفر جيدا، حيث سرعان ما تكشف الأمطار عن هذه الجثث، لافتا إلى أن أهالي المدينة لا يزالون يكافحون لإعادة بناء حياتهم من جديد.
ويقول برينتس إن "عظام الوجه لمقاتلي تنظيم الدولة بارزة في الحديقة، التي كان محمد يأمل بتحويلها لملعب لأطفاله، وبدلا من ذلك فإن هناك 12 جثة لجهاديين وضعت في قبر حفر على عجل، وغطيت ببطانيات متعفنة، كشفت عنها الأمطار".
وتلفت الصحيفة إلى أنه في حي الجيزة، حيث يعيش محمد (30 عاما)، قاتل تنظيم الدولة معركته الأخيرة، ومات فيها مقاتلوه مع زوجاتهم اللاتي ارتدين أحزمة ناسفة في محاولة عبثية لكسر الحصار الذي فرضته القوات الموالية للحكومة عليهم، حيث تقلصت الخلافة أو ولاية شمال أفريقيا، التي كانت تمتد على طول ساحل البحر المتوسط، إلى 180 ميلا، ولم تعد سوى شوارع قليلة في مدينة سرت.
ويفيد التقرير بأنه عندما اجتاح مقاتلو التنظيم المدينة في شباط/ فبراير عام 2016، فإن محمد راقب الجهاديين وهم يصلبون فاضل، وهو أعز أصدقائه، ولهذا فإنه قرر الهرب من سرت، ومن ثم استولت عائلات الجهاديين على بيته، وعاشت وماتت فيه، مشيرا إلى أن محمد عاد الآن، حيث استأجر شقة له ولعائلة خطيبته، لكنه لا يملك المال ليعيد بناء بيته الذي دمرته الحرب.
ويبين الكاتب أن مخازن الرصاص الفارغة من الكلاشينكوفات والمقذوفات الصاروخية تشاهد في كل مكان، مثل الحجارة، بالإضافة إلى أن هناك بقايا حفاظات الأطفال ولعبهم التي اشترتها عائلات الجهاديين، ويعلق محمد قائلا: "ما يثير الحزن هو أن عائلات تنظيم الدولة عاشت قبلي الحلم الذي كنت أحلم به".
وتذكر الصحيفة أنه لا يزال حوالي 20 ألفا من 140 ألف مقيم في المدينة بعيدين عنها، لافتة إلى أنها كانت مسقط رأس القذافي، إلا أنه لا يوجد شيء يخفي المكان الذي جر منه القذافي وابنه المعتصم، حيث ضربا وقتلا، واستغل تنظيم الدولة فوضى الحرب ودخلها.
وينقل التقرير عن مدير الاستخبارات في وسط ليبيا العقيد إسماعيل شكري، قوله: "المشلكة الكبرى التي نواجهها منذ عام 2011 هي السلاح المتوفر في كل مكان"، ويضيف شكري: "اختار تنظيم الدولة سرت لأنها مدينة القذافي، وهي مليئة بالسلاح، ودون جيش أو شرطة، وأهملت ليبيا سرت، ما سهّل الأمر على تنظيم الدولة، ففي كل مكان يشهد فوضى ومشكلات يحضر الإرهابيون".
وبحسب برينتس، فإن مظاهر الحياة الطبيعية بدأت بالعودة إلى سرت، حيث تفتح البقالات والمحلات أبوابها، مستدركا بأن المشكلة هي عدم توفر الأموال النقدية في يد الليبيين.
وتورد الصحيفة نقلا عن رئيس بلدية سرت مختار المدني، قوله إن إعمار المدينة يحتاج إلى 1.5 مليار دولار، لكنه قال إن الأولوية هي دعم العائلات التي لا تستطيع العودة، "ولا نملك المال لعمل هذا الأمر"، وناشد الحكومة في سرت المساعدة في إعادة بناء البيوت المدمرة، لكن دون جدوى، حيث يقول: "طلبت منهم المساعدة في توفير أجور البيوت، ولم نتلق ولا دينارا واحدا، كل ما نملكه هو الدعاء".
وينوه التقرير إلى أن سرت تقع بين مصراتة، التي تدعم الحكومة في طرابلس، وبنغازي، التي يسيطر عليها الجيش التابع لخليفة حفتر، حيث يقول جليل الحركاوي، من "نورث أفريقيا ريسك كونسالتينك": "لا أحد يريد تقديم الرأسمال السياسي الضروري لتحسين حياة المشردين من أهالي سرت".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن أهالي سرت يرفضون في الوقت ذاته فكرة عودة تنظيم الدولة، حيث يقول إبراهيم الفرجاني، وهو بائع أحذية: "لن نعيش أبدا كما جعلونا نعيش، ولا زلت أتلقى العلاج النفسي بسبب ما مررت به، وقد يشرب الناس الخمر أو المخدرات، لكن لا نريد تنظيم الدولة".