هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "كوميرسانت" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن إعراب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، عن انزعاجه ورفضه لوجود ما أسماها "مستوطنة سورية تحت الرعاية الروسية".
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن دي ميستورا يعتقد أن مفاوضات أستانا وسوتشي لم تعد مجدية، ما أثار دهشة واستغراب موسكو.
في الأثناء، تبحث الولايات المتحدة وفرنسا عن طرق جديدة لإعادة الاستقرار إلى المنطقة. ومن أهم الأهداف التي يسعى هذا الثنائي إلى تحقيقها وضع حد للنفوذ الإيراني في سوريا، إلى جانب حث الدول العربية على اقتسام العبء المالي والعسكري للصراع السوري. لكن هذه الخطوات لا تهدد مصالح سوريا فقط، بل إيران أيضا.
وأوردت الصحيفة تصريحا أدلى به مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، للإذاعة البريطانية "راديو 4"، بين فيه أن "المبادرات تحت الرعاية الروسية استنفذت نفسها، وأن محادثات أستانا وسوتشي مبادرات ممتازة، إلا أنه لكل منها مشاكله الخاصة".
وأضاف دي ميستورا أن "هناك ثلاثة بلدان فقط تشارك في مفاوضات أستانا، التي أدت إلى وقف التصعيد، ومع ذلك لم تنجح هذه المبادرة. أما مشروع سوتشي، المتعلق بإنشاء لجنة لإعادة كتابة دستور سوريا، لم يدخل حيز التنفيذ".
ووفقا للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، فإنه "قبل بضعة أيام، كان السيد دي ميستورا في موسكو وقدم تقييمات مختلفة تماما لعملية أستانا، وهذا ما يثير دهشتنا".
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من تصريحات ستافان دي ميستورا، تواصل روسيا وتركيا وإيران إعداد اجتماع جديد في أستانا، المقرر عقده في 14 أيار/ مايو.
وفي هذا الإطار، سيعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الثلاث في موسكو بتاريخ 28 نيسان/ أبريل. وفي الأثناء، تناقش عواصم دول أخرى خطط تسوية بديلة في سوريا.
مشروع التسوية
وذكرت الصحيفة أن مشروع التسوية كان من بين النقاط الرئيسة التي تطرق إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، في الزيارة الرسمية التي أداها إلى واشنطن. وناقش الرئيسان رغبة الدولتين في توحيد جهودهما للحد من دور كل من إيران وروسيا في سوريا.
وبيّنت الصحيفة أنه حتى قبل زيارته الأخيرة واشنطن، أشار الرئيس الفرنسي إلى تمكنه من إقناع ترامب بعدم سحب قواته العسكرية من سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا السيناريو كان مرجحا جدا بعد أن أعلن عن ذلك الرئيس الأمريكي في شهر آذار/ مارس. وأثارت التصريحات قلق فرنسا إلى جانب العديد من حلفاء واشنطن الإقليميين، على غرار الرياض.
وردا على ذلك، قال الرئيس الأمريكي: "إذا أراد السعوديون بقاء الأمريكيين في سوريا، فعليهم أن يدفعوا"، وكرر ترامب ذلك بعد لقائه مع ماكرون.
وأكدت الصحيفة أن تصريحات ترامب تعكس رغبته في التخلص من تنظيم الدولة، فضلا عن الحد من نفوذ إيران في سوريا والمنطقة عموما.
إشراك الدول العربية
وعلى العموم، يعتبر ترامب أن الدول العربية تتحمل جزءا من مسؤولية ما حدث في الشرق الأوسط، في إشارة إلى المشاركة العسكرية والمالية.
وعبر ترامب عن رغبته، إلى جانب حلفائه الإقليميين في المنطقة، بمنع وصول إيران إلى البحر الأبيض المتوسط عبر سوريا. ويعد ذلك تلبية لمصالح التحالف العربي المُناهض لإيران، الذي يضم المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ومصر والبحرين.
وأفادت الصحيفة بأنه وفقا للخبراء لا وجود لأي خطط حقيقية لسحب الجيش الأمريكي من سوريا واستبداله بجيوش عربية، على الرغم من أن هذه المسألة تم مناقشتها بنشاط في المنطقة.
إلى جانب ذلك، لم تستثن واشنطن المملكة العربية السعودية والإمارات، لأنها تعتبر أنهما قادرتان على المشاركة في العملية العسكرية السورية، شريطة بقاء الأمريكيين وحلفائهم الأوروبيون هناك.
وفي هذا الصدد، ذكر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، وإيمانويل ماكرون أنه تم توسيع العملية العسكرية في سوريا لا العكس.
ووفقا للباحث الروسي جريجوري كوساتش، "ظهرت العديد من الخيارات والاحتمالات فيما يتعلق بالمسألة السورية. وعلى العموم، لن يكون أي من هذه الخيارات الغربية في صالح روسيا".
وأردف كوساتش قائلا: "قد تنهار علاقاتنا مع المملكة العربية السعودية، وتتصدع العلاقات التركية الروسية خاصة فيما يخص الملف السوري، لنجد أنفسنا لوحدنا مع إيران".
مشروع بديل
ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي في المجلس الروسي للشؤون الدولية، كيريل سيمينوف، قوله: "إننا نتحدث عن مشروع بديل في سوريا، إذ سيتم استخدام أموال الخليج العربي في شمال سوريا، بينما تحتاج مناطق أخرى في سوريا إلى هذه الأموال لإعادة إعمارها".
وأضاف سيمينوف: "يجب أن يثير ذلك قلق موسكو، وطهران ودمشق".
وفي الختام، نوهت الصحيفة إلى أنه وفقا للسفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي، فلاديمير تشيزهوف، فإنه "ليس من قبيل المصادفة إعلان المانحين في مؤتمر بروكسل أنهم لن يقدمو سنتا واحدا لسوريا قبل القيام بالإصلاحات السياسية اللازمة".
يشار إلى أن الثلاثاء الماضي، شهد إقرار مجلس النواب في الكونغرس الأمريكي مشروع قرار يمنع واشنطن من مساعدة سوريا في إعادة إعمار المناطق التي تسيطر عليها دمشق.