هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا لكل من الصحافيين ديون نيسينبوم ومايكل غوردون وستيسي ميتشتري، يقولون فيه إن إدارة ترامب عملت يوم الثلاثاء على حشد الدعم لتوجيه ضربة عسكرية محتملة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد؛ بسبب الهجوم الكيماوي المزعوم، حيث حظيت تلك الدعوات مبدئيا بدعم المملكة المتحدة وفرنسا والسعودية، وكلها وعدت برد قوي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه في الوقت الذي تشاور فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكبار المسؤولين في إدارته مع نظرائهم الدوليين، فإن أمريكا وفرنسا قامتا بتحريك سفن حربية مسلحة بصواريخ كروز جعلت سوريا في مرمى نيرانهما.
ويجد الكتّاب أن الدعم المتزايد لرد موحد يشير إلى أن أمريكا والبلدان الآخرى قد تقوم بمجموعة ضربات أكثر كثافة من الضربة التي وجهتها أمريكا ضد مطار عسكري سوري العام الماضي، مشيرين إلى أن من بين الخيارات توجيه ضربات لتعطيل إمكانيات الأسلحة الكيماوية التي يملكها الأسد، في الوقت الذي لا تسعى فيه الدول لإسقاطه.
وتذكر الصحيفة أن ترامب قام بحث من فريقه للأمن القومي بإلغاء خططه للسفر يوم الجمعة إلى أمريكا اللاتينية لحضور قمة إقليمية؛ وذلك للإشراف على رد أمريكا، بالإضافة إلى أن وزير الدفاع جيم ماتيس غيّر خطته لزيارة الساحل الغربي للسبب ذاته، لافتة إلى أن مدى تعقيد ونطاق الرد العسكري سيشكلان تحديا أكيدا لأمريكا، التي عليها أن تقرر هل تضرب قواعد عسكرية يستخدمها الروس والإيرانيون في سوريا أم لا.
ويلفت التقرير إلى أن ترامب وعد بمعاقبة روسيا وإيران إن استنتجت أمريكا أنهما ساعدتا في الضربة، التي قتلت أكثر من 40 شخصا، بينهم نساء وأطفال، مستدركا بأنه لم تكن هناك أي إشارة إلى أن أمريكا ستستهدف القوات الروسية أو الإيرانية في سوريا.
ويفيد الكتّاب بأنه بدلا من ذلك، فإن أمريكا وحلفاءها يبحثون عن طرق لشل قدرة الأسد على القيام بهجمات كيماوية، لافتين إلى أن سفير روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، حذر يوم الثلاثاء من "احتمالات المواجهة"، بسبب ما أسماه "مشروعا عسكريا غير قانوني".
وتنقل الصحيفة عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قوله بأنه يمكن للضربات أن تستهدف الأسلحة الكيماوية للنظام السوري ومرافق تخزينها، مع أن فعل ذلك قد يتسبب بانطلاق غازات سامة تؤدي إلى قتل المدنيين في المنطقة، وأضاف ماكرون أنه يتوقع أن تقوم المجموعة الصغيرة من الزعماء الذين يخططون للرد بفعل "في الأيام القادمة".
وينوه التقرير إلى أنه انضم إلى ماكرون يوم الثلاثاء للمحادثات في باريس ولي العهد السعودي، والحاكم الفعلي للسعودية، محمد بن سلمان، الذي وعد بدعم بلاده للخطط الأمريكية قيد التطوير، وقال الأمير محمد بأنه يمكن للسعودية أن تشارك في أي عمل عسكري يتم اتخاذه ضد النظام، إلا أنه يبقى من غير الواضح ما هو الدور الذي يمكن لبلده أن تؤديه، حيث قال في مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون: "سنكون حاضرين إن ارتأى تحالفنا أو شركاؤنا حاجة لذلك".
ويبين الكتّاب أنه في الوقت الذي قامت فيه أمريكا باستشارة حلفائها، فإنها قامت هي وفرنسا بتحريك سفن حربية مسلحة بصواريخ كروز لشرق البحر الأبيض المتوسط، بحيث تكون القطع البحرية جاهزة لشن هجوم إن صدرت أوامر بذلك، مشيرين إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التي تحدثت مع ترامب يوم الثلاثاء، لم تقل بصراحة إن بريطانيا ستنضم للرد العسكري، وقالت: "نعتقد أنه يجب محاسبة المسؤولين (عن الهجوم الكيماوي)".
وتقول الصحيفة إن التحركات العسكرية والاستشارات الدولية تشيران إلى احتمال ضربات على نطاق أوسع من تلك التي تمت في نيسان/ أبريل العام الماضي، عندما قامت القوات الأمريكية بإطلاق حوالي 60 صاروخ كروز على مطار عسكري سوري، تم من خلاله شن الهجمة الكيماوية التي تسببت بمقتل العديد من الناس.
وبحسب التقرير، فإن أمريكا تجنبت في ذلك الوقت ضرب أي مواقع يشتبه بأنها تستخدم لتخزين الأسلحة الكيماوية، وركزت الضربات على الطائرات وحظائرها، مشيرا إلى أن أمريكا أخبرت القوات الروسية مسبقا بنيتها بالقيام بالضربة لينسحب من المطار أي روس يعملون فيه.
ويعلق الكتّاب قائلين: "يبدو أن هجوم 2017 قد ردع الأسد عن استخدام غاز الأعصاب القاتل في أسلحته لعدة أشهر، لكن المطار عاد بسرعة إلى العمل، واستمر النظام السوري في ملء أسلحته بالكلور الأقل فتكا خلال هجماته".
وتشير الصحيفة إلى أنه في مواجهة الضغط الدولي المتنامي، فإن سوريا وروسيا عرضتا أن تسمحا لفريق تحقيق دولي بالتحقيق في الهجوم الذي وقع خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، المسؤولة عن رصد الخروقات للاتفاقية الدولية التي تحظر الأسلحة الكيماوية، إنها تستعد لإرسال فريق إلى سوريا.
ويفيد التقرير بأن المسؤولين الأمريكيين أوضحوا أنهم لن يبنوا قرارهم بالقيام بضربة بناء على انتظار نتيجة التحقيق المستقل، الذي سيحدد فقط إن كان هناك استخدام لكيماويات قاتلة أم لا، ليس من هو المسؤول عن الهجوم، لافتا إلى أن بعض المسؤولين الأمريكيين أعربوا عن تشككهم تجاه العرض الروسي السوري للتفتيش، قائلين بأن تلك البلدان منعت ابتداء الوصول إلى موقع الهجوم المزعوم، وأنه ربما تم تدمير بعض الأدلة.
ويورد الكتّاب نقلا عن مسؤول أمريكي، قوله قبيل إعلان منظمة حظر الأسلحة الكيماوية: "لا نثق كثيرا بالعروض التي يقدمها النظام.. ولا نعلم إن كان قد تم التلاعب بالأدلة".
وتذكر الصحيفة أن ضباط المخابرات في أنحاء العالم يقومون بالبحث للتوصل إلى المادة الكيماوية المستخدمة في الهجوم خلال نهاية الأسبوع، وإن كان هناك دور أدته موسكو وطهران.
وينقل التقرير عن خبراء طبيين ومجموعات حقوق الإنسان، قولهم إن طائرات الهليوكبتر السورية ألقت بالأسلحة المحتوية على الغاز السام، الذي تسبب بأعراض شبيهة بأعراض استنشاق غاز الكلور وغاز الأعصاب، حيث مات عشرات الأشخاص، بما في ذلك عائلات مختبئة تحت الأرض، كما تضرر المئات.
ويلفت الكتّاب إلى أن احتمال اتخاذ إجراء تقوده أمريكا زاد يوم الثلاثاء بعد أن قامت روسيا باستخدام الفيتو ضد قرار لمجلس الأمن، دعا إلى إقامة لجنة للتحقيق في الهجمات الكيماوية، وتحديد من الذي قام بها.
وتورد الصحيفة نقلا عن السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هيلي، قولها بأن التصويت يشكل نقطة حاسمة في تاريخ المجلس لمحاسبة المسؤولين عن الهجمات الكيماوية، وفشل المجلس في ذلك بسبب استخدام روسيا المتكرر للفيتو.
وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالإشارة إلى أن روسيا اتهمت أمريكا باستخدام النقاش حجة لتوجيه الضربات العسكرية.