هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ذا إنترسبت" تقريرا للصحافية أليسون ماكماناس، تقول فيه إن مصر شكلت بالنسبة لشركة "أوبر" سوقا مثاليا، مشيرة إلى أنه في القاهرة وحدها يعيش 20 مليون نسمة، ويقضون كثيرا من وقتهم في التنقل.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "أوبر" بدأت عملها في مصر في أواخر عام 2014، وتعاملت خلال عامين مع 4 ملايين عميل و150 ألف سائق.
وتستدرك ماكماناس بأن "العمل في مصر يعني الانصياع لقوانين حكومة يزداد قمعها، والآن، وبموجب قانون يتم تمريره بسرعة خلال البرلمان المصري ستمنح السلطات حق الاطلاع على البيانات التي تجمعها شركة (أوبر) عن العملاء باستخدام برنامجها".
ويذكر الموقع أن هذا القانون جاء بعد أن رفع سائقو التاكسي قضية ضد شركة "أوبر" ونظيرتها الإماراتية شركة "كريم"، متهمين إياهما باستخدام سيارات خصوصية كسيارات تاكسي، مشيرا إلى أن السائقين كسبوا القضية في المحكمة، التي أمرت الشركتين أن توقفا عملهما، إلا أنهما استمرتا في العمل بناء على أنهما استأنفتا الحكم، ما وضع البرلمان تحت ضغط للتقنين للسماح للشركتين بالعمل بشكل قانوني في البلد.
ويجد التقرير أنه مع أن القانون الجديد يوجد موازنة بين سائقي التاكسي الساخطين وشركة "أوبر"، إلا أن له تداعيات خطيرة، فالبند التاسع من القانون يطلب من "أوبر" أن توفر قواعد البيانات والمعلومات الخاصة التي تجمعها عن العملاء لسلطات غير محددة، فيما تتطلب المادة 10 أن يتم تخزين المعلومات على "سيرفرات" مزودات محلية في مصر.
وتفيد الكاتبة بأنه بحسب سياسة الخصوصية التي تتبعها "أوبر"، فإن المعلومات التي تجمعها عن العملاء تتضمن الاسم، والبريد الإلكتروني، ورقم الهاتف، والعنوان، وتفاصيل الدفع، ورقم الهوية، وتاريخ الميلاد، والصورة، ومعلومات المكان، وبعض المعلومات عن الجهاز، وإن سمح له المعلومات الموجودة في التقويم وقائمة أرقام الهاتف، و"هو ما يكفي من المعلومات لمراقبة تحركات المواطنين وتصرفاتهم".
وينقل الموقع عن متحدث باسم شركة "أوبر"، قوله: "لم نقدم لأي حكومة الحق في الدخول المباشر إلى معلومات الزبائن"، وأضاف أنه يعتقد أن "القانون يجب ألا يطلب (من الشركة) تسليم المعلومات التي تسمح بإفشاء خصوصية الزبائن أو السائقين"، مشيرا إلى أن الشركة تعمل مع الحكومة المصرية للتوصل إلى تطبيق للقانون يتماشى مع المتعارف عليه عالميا.
ويستدرك التقرير بأن "القانون بالشكل الذي كتب فيه يدع الكثير من المجال للقلق، فالمؤسسات الأمنية في مصر كلها، من الشرطة المحلية إلى الجيش، لها جميعا فروع المخابرات الخاصة بها، وكلها مخولة بمراقبة المواطنين، وسيوفر القانون لها جميعا الاطلاع على معلومات زبائن (أوبر)، ويأتي هذا القانون في وقت وصلت فيه مراقبة مصر لمواطنيها إلى مستويات غير مسبوقة، وتبررها الحكومة بالتهديد الإرهابي القائم".
وتلفت ماكماناس إلى أن القانون يستخدم "الأمن القومي" ليبرر الحاجة لتخزين المعلومات محليا، مشيرة إلى قول كبير الباحثين المتخصصين في التكنولوجيا في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية رامي رؤوف، إن الوصول للمعلومات يتعلق بقدرة الحكومة على "الرؤية والتحكم".
ويؤكد الموقع أن القانون يتجاوز آليات قانونية قائمة، بما في ذلك معاهدة بين مصر وأمريكا، تسمح بنقل المعلومات المهمة لتحقيقات قائمة، وتقول مديرة الحقوق الدولية في مؤسسة "إليكترونيك فرونتيير فاونديشن" كاتيتزا رودريغويز: "إن هذه مشكلة كبيرة"، حيث تتطلب المعاهدة عملية قانونية مطولة لطلب المعلومات، كما تتطلب التزاما بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، وتضيف رودريغويز: "من ناحية نظرية فإن للحكومة أن تصل إلى تلك المعلومات عندما يكون هناك شك معين بأن جريمة قد ارتكبت أو سترتكب، وأن يكون الطلب متعلقا بالشخص المعني وضرورة للتحقيق".
ويكشف التقرير عن أن هناك أدلة كثيرة على أن أجهزة المخابرات المصرية استخدمت ما يتوفر لها من معلومات لملاحقة مواطنيها، ففي 2015 استخدمت الشرطة المصرية برنامج ترتيب لقاءات بين المثليين لاستدراج عدد منهم إلى الفنادق، ثم اعتقالهم، وفحصهم، وتقديمهم للمحاكمة والحكم عليهم بالسجن، لافتا إلى أن المنشورات على "فيسبوك" تسببت باعتقال أصحابها على مدى الأربع سنوات الماضية، بما في ذلك الناس الذين دعوا إلى مظاهرات عامة، وشاب نشر صورة للرئيس بأذني ميكي ماوس، فحكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات دون حق الاستئناف.
وتنوه الكاتبة إلى أن الحكومة المصرية كثفت جهودها للتوصل إلى مجال أوسع من المعلومات منذ منتصف عام 2016، وبحسب ما ورد في "مدى مصر"، فإن جهود الحكومة باعتراض الاتصالات الآمنة، والوصول إلى البيانات بدأت بشكل قوي في آب/ أغسطس من ذلك العام، مشيرة إلى أن القانون الجديد بشأن الاطلاع على معلومات شركة "أوبر" ونظيراتها لن يوفر للحكومة معلومات أكثر مما تستطيع الاطلاع عليه حاليا بطرق أخرى.
ويقول رؤوف للموقع إن أي شخص يستخدم شريحة محلية "ودون أي تكنولوجيا معقدة (يمكن للسلطات) أن ترى أين أنت وكيف تتحرك"، بالإضافة إلى تفاصيل الاتصالات الأخرى والعمليات المالية.
ويشير الموقع إلى أن صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريرا العام الماضي، يفيد بأن وزراء في الحكومة المصرية طلبوا إمكانية الدخول إلى برمجيات "أوبر"، التي توفر صورة حية لمستخدمي "أوبر" ونشاطهم في أواخر عام 2016، إلا أن "أوبر" رفضت، لافتا إلى أن القانون الجديد قد يضطرها للرضوح، و"ستكون سابقة مثيرة للقلق".
وحذرت رودريغويز قائلة: "اليوم (أوبر)، وغدا (غوغل) ثم (فيسبوك) وأي برنامج له شعبية في مصر، وهذا سيعطل التطور".
ويبين التقرير أنه "كما تحتاج أوبر السوق في القاهرة، فإن القاهرة تحتاج استثمار (أوبر)، ويمكن للشركة أن تستخدم قوتها الاستثمارية لمعارضة القانون، فالاقتصاد المصري في السنوات الأخيرة في حالة ترنح، واعتبر أي استثمار أجنبي عبارة عن نعمة منقذة، وكانت (أوبر) مثالا متميزا بإعلانها عن استثمار 20 مليون دولار أمريكي في مركز دعم في شهر تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي".
وتقول ماكماناس إنه لم يعرف عن "أوبر" أنها مدافعة جيدة عن الخصوصية، حيث انتقدت الشركة في الماضي لاستمرارها في تعقب الركاب بعد أن يتم إنزالهم من سيارة الأجرة، ومراقبة المنافسين، والتحقيق حول الصحافيين المنتقدين، مشيرة إلى أنه كجزء من التسوية مع لجنة التجارة الفيدرالية العام الماضي، وافقت "أوبر" على عمليات تدقيق منتظمة؛ لعلاج الفشل في حماية المعلومات الحساسة المتعلقة بالركاب والسائقين.
ويستدرك الموقع بأنه في هذه الحالة أرسلت الشركة بإشارات بأنها ستقاوم مطالب الحكومة المصرية، وقامت كبيرة المساعدين في السياسة العامة في "أوبر" رنا كورتام في 29 آذار/ مارس بالحديث أمام اللجنة البرلمانية التي تناقش القانون، وعبرت عن معارضة الشركة وإصرارها على وجود قرار قضائي لمشاركة المعلومات.
وبحسب التقرير، فإن هذا القانون يشكل توجها مصريا، يحاول تشريع ما تقوم به الأجهزة الأمنية بشكل غير رسمي، فمثلا كان هناك قانون صدر عام 2013 يقيد الاحتجاج، وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "طريق سريع للسجن"، وفي أواخر عام 2016 مرر البرلمان قانونا آخر يقيد عمل المنظمات غير الحكومية، وهو ما قوبل بشجب عالمي.
ويختم "ذا إنترسبت" تقريره بالإشارة إلى أن "أوبر" ستواجه قريبا خيارا صعبا؛ إما أن تضحي بإحدى أكبر الأسواق، أو أن تستسلم لقوانين مصر المتزايدة في الاستبدادية، وتضع معلومات عملائها في يد حكومة عدائية.