هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تسببت لعبة "الحوت الأزرق" الإلكترونية في مصرع وإصابة المزيد من الشباب والمراهقين المصريين في الأيام الأخيرة، وهو ما أثار حالة من الجدل في المجتمع، وسط دعوات لحظرها، وفتاوى دينية بتحريم ممارستها.
وزاد انتشار اللعبة في مصر مؤخرا بين أوساط الشباب والمراهقين، بدافع الفضول والرغبة في اكتشافها وتجربتها، بحسب مراقبين، خاصة بعد تزايد الحديث عنها في وسائل الإعلام.
ويقول أطباء نفسيون إن اللعبة تستهدف المراهقين والمرضى النفسيين الذين يعانون من الاكتئاب والعزلة وضعف الثقة في النفس، وتطلب منهم تنفيذ 50 تحديا مختلفا، تبدأ بأوامر بسيطة، وتتدرج حتى تدفعهم إلى الانتحار.
وكانت دار الإفتاء المصرية أصدرت الخميس الماضي، بيانا، تلقت "عربي21" نسخة منه، أكدت فيه تحريم المشاركة في لعبة "الحوت الأزرق"، وطالبت الآباء بمراقبة سلوك أبنائهم، وتوعيتهم بخطورتها، كما ناشدت الجهات الرسمية حظر اللعبة تماما؛ لما تمثله من خطورة على الأطفال والمراهقين.
الضحايا يتساقطون
وكان آخر ضحايا اللعبة شاب ثلاثيني قتل نفسه يوم الخميس في منطقة شبرا بالقاهرة؛ تنفيذا لتعليمات اللعبة، حيث طعن نفسه بسكين، واكتشف أهله وشم الحوت على ذراعه، وأكد أهله أنه كان مريضا نفسيا، ويتلقى علاجا من الاكتئاب.
وفي اليوم ذاته، انتحر شاب في محافظة الشرقية، بعد أن ألقى نفسه في إحدى الترع، وأكد أصدقاؤه أنه كان يلعب لعبة "الحوت الأزرق"، بحسب تقارير صحفية.
وفي محافظة الإسكندرية، حاولت طالبة تبلغ من العمر 15 عاما الانتحار، يوم الاثنين الماضي، عن طريق تناول مبيد حشري؛ تنفيذا لتعليمات اللعبة، قبل أن يتم إنقاذها في المستشفى.
وفي أسيوط، حاول طالب بالثانوية الانتحار بقطع شرايين يده؛ بسبب لعبة "الحوت الأزرق"، لكن أهله سارعوا بنقله إلى المستشفى، وتم إنقاذه.
يأتي هذا بعد أسبوع تقريبا من انتحار نجل نائب البرلماني السابق، حمدي الفخراني، الأسبوع الماضي، حيث أكدت شقيقة الضحية عبر "فيسبوك" أنه شنق نفسه بسبب لعبة "الحوت الأزرق".
جريمة إلكترونية
وفي السياق ذاته، أعلن عضو لجنة الشباب بالبرلمان، جمال عباس، تقدمه بطلب إحاطة لوزير الاتصالات حول ظاهرة انتشار الألعاب الإلكترونية المُميتة، مضيفا، في بيان له الخميس اطلعت عليه "عربي21"، أن العديد من حالات الانتحار وإيذاء النفس انتشرت مؤخرا بين المراهقين والأطفال نتيجة تلك الألعاب، ويجب على الحكومة اتخاذ قرارات فورية لحظر هذه الألعاب نهائيا.
كما طالب النائب شريف الورداني الحكومة بالتعاون مع حكومات الدول التي وقعت فيها حوادث انتحار بسبب تلك الألعاب الإلكترونية، مثل تونس والكويت والجزائر، حتى يتصدوا لها بشكل جماعي ويعملوا على حظرها عالميا.
فيما طالب النائب، السيد حجازي، بإدراج لعبة "الحوت الأزرق" ضمن الجرائم الإلكترونية التي يشملها قانون جديد يناقش حاليا في البرلمان؛ حرصا على الأمن القومي وحماية لأرواح الأطفال والمراهقين الذين يمارسونها بدافع الفضول، حسب قوله.
ألاعيب الشيطان
وتعليقا على هذه الظاهرة، قال أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، أحمد كريمة، إن ممارسة لعبة الحوت الأزرق هي من الأمور المحرمة شرعا؛ لأنها تؤدي إلى إيذاء النفس وإزهاق الروح، موضحا أن جريمة الانتحار تعد من الكبائر بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا".
وأضاف كريمة، في تصريحات لـ"عربي21"، أن هذه اللعبة ومثيلاتها تعد من ألاعيب الشيطان التي يجب تجنبها والابتعاد عنها، إعمالا لأمر الله عز وجل "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"، مشددا على ضرورة تحذير الشباب والمراهقين من ممارسة هذه اللعبة الخطيرة.
وأوضح أن سبب لجوء المراهقين والشباب لهذه اللعبة هو غياب التوعية من جانب الأسرة والمدرسة، مطالبا القائمين على شؤون التعليم والإعلام بالتحذير من خطورتها.
وتابع: يعاني الشباب والمراهقون في بلادنا العربية من فراغ ديني هائل، مؤكدا أنه لو نجحنا في ملء الفراغ الروحي الذي يعاني منه الشباب، لما وجدنا في بلادنا انحلالا ولا إرهابا، حسب قوله.
نوع من المخدرات
من جانبه، قال الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، جمال قطب، إن لعبة "الحوت الأزرق" تشبه إلى حد كبير المخدرات التي تذهب العقل، وتفقد الشباب عقولهم، وتتسبب في نهاية الأمر في تدمير نفوسهم وأجسادهم.
وطالب قطب، في تصريحات لـ"عربي21"، وسائل الإعلام بتبني حملة لتحذير الشباب من خطورة مثل تلك الألعاب، واستضافة الخبراء المتخصصين ليشرحوا كيفية حماية المراهقين منها، وتقديم المساعدة لمن تورط فيها.
وشدد على ضرورة أن تحتوي الأسر أبناءها، وتتحاور معهم باستمرار، ولا تتركهم دون متابعة؛ حتى لا يقعوا فريسة لمثل تلك الألعاب الخطيرة.