هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "بوليتكو" مقالا لكل من مايكل كرولي ولويز نيلسون، يقولان فيه إن التراشق الكلامي الذي بدأه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين يهدد بمواجهة بين البلدين.
ويقول الكاتبان في مقالهما، الذي ترجمته "عربي21"، إن "الضربة العسكرية التي يحضر لها ترامب في سوريا وضعته على تصادم خطير مع الرئيس بوتين، وبعد أسابيع من دعوته الزعيم الروسي إلى البيت الأبيض".
ويشير الكاتبان إلى أن مسؤولين أمريكيين وخبراء حذروا في اليوم الذي هدد فيه بهجمات وسخر من الانتقام الروسي، من إمكانية مواجهة خطيرة بين واشنطن وموسكو.
وتورد المجلة نقلا عن المسؤول السابق في الشؤون الروسية في مجلس الأمن القومي أثناء فترة باراك أوباما، مايكل كاربنتر، قوله: "سيتعامل بوتين مع هذا الأمر على أنه امتحان في العزيمة، وبناء على تغريدة ترامب فلا شك في هذا".
ويفيد الكاتبان بأن "التزايد في المظاهر العدوانية يأتي بصفته تحولا غير متوقع، بعد 18 شهرا من تحذير ترامب في أثناء حملته الانتخابية من أن الموقف المتشدد لمنافسته هيلاري كلينتون من سوريا وروسيا قد يقود العالم نحو (حرب عالمية ثالثة)، وأكد ترامب، عندما كان مرشحا، أن هناك إمكانية لتعاون أمريكي روسي في سوريا، التي يقود فيها بشار الأسد حربا أهلية منذ سبعة أعوام، وبدعم من الطيران الروسي".
ويلفت الكاتبان إلى التغريدة التي طلب فيها ترامب من روسيا الاستعداد، قائلا إن الصواريخ "الجميلة والجديدة والذكية قادمة.. ويجب ألا تكونوا شركاء مع قاتل الغاز الحيوان الذي يقتل شعبه ويستمتع بهذا"، وقال إن علاقات أمريكا مع روسيا هي الآن "أسوأ مما كانت عليه من قبل، وهذا يشمل الحرب الباردة".
ويجد الكاتبان أنه "مع ذلك، فإن ترامب تجنب ذكر بوتين بالاسم، الذي قال إنه يأمل بالعمل معه، واختار الرئيس الروسي عدم التصعيد مع ترامب يوم الأربعاء، معلقا بأن العالم أصبح أكثر فوضوية، وعبر عن أمله بسيادة المنطق ودخول العلاقات الدولية في مرحلة من التعاون البناء".
ويقول كاربنتر للمجلة: "سيكون الروس أكثر حصافة بشأن الطريقة التي سيختارون فيها الرد" على أي عمل عسكري أمريكي في سوريا.
وتنقل المجلة عن المسؤول في الأمن القومي بشأن سوريا في فترة أوباما، ألكسند ر بيك، قوله إن استخدام الروس قدراتهم الإلكترونية ونظامهم للدفاعات الصاروخية "أس-400" لاعتراض الصواريخ التي ستطلق، وأضاف: "أتوقع محاولة روسية قوية لإسقاط صواريخ كروز، والزعم بأن هذا نصر.. وأتوقع جهودا دبلوماسية محمومة لتصوير الوجود العسكري الأمريكي في سوريا بغير القانوني، ربما حاولوا بقوة منع دخول الطيران الأمريكي الأجواء السورية".
ويستدرك الكاتبان بأن المسؤولين الأمريكيين والخبراء يحذرون من تطور الأحداث، واتخاذها منعطفا خطيرا لو قتل جنود روس يقومون بمساعدة نظام الأسد، حيث قال مسؤول سابق في البنتاغون أثناء فترة أوباما، إنه من المحتمل أن يكون المستشارون الروس موجودين في الأهداف العسكرية الرئيسية كلها داخل سوريا.
وينوه الكاتبان إلى مقالة كتبها مستشار الأمن القومي الحالي جون بولتون قبل تعيينه في صحيفة "وول ستريت جورنال"، حذر فيها من مغبة مواجهة عسكرية أمريكية روسية مباشرة، وقال إن على أمريكا مواجهة التأثير الروسي في سوريا.
وتذكر المجلة أن هناك مناقشات بين مسؤولي إدارة ترامب حول الخيارات المحتملة للضربة العسكرية، بسبب هجوم كيماوي في دوما في الغوطة الشرقية تنسبه واشنطن لنظام الأسد، مشيرة إلى أن روسيا الحليفة لدمشق عبرت عن غضبها عندما شنت القوات الأمريكية هجمات صاروخية على قاعدة جوية وسط سوريا، العام الماضي.
ويشير الكاتبان إلى أنه رغم ما بدا كأنه هجوم محتوم من تغريدة ترامب، إلا أن وزير الدفاع جيمس ماتيس قال للصحافيين إنهم لا يزالون يتأكدون من المعلومات التي تقول إن الأسد يقف وراء الهجوم، لافتين إلى أن النظام والروس اتهموا المعارضة بأنها وراء استخدام ما يقول الخبراء إنه غاز أعصاب، حيث قالت المتحدثة الإعلامية باسم البيت الأبيض سارة هاكبي ساندرز، إن القرار الأخير لم يتخذ بعد.
ويرى الكاتبان أن "التراشق الكلامي يأتي وسط مواجهة دبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم استمرار حديث ترامب عن الحوار مع بوتين، ففي نهاية آذار/ مارس طردت الولايات المتحدة 60 دبلوماسيا روسيا، بعد محاولة تسميم عميل روسي في بريطانيا، الذي حملت بريطانيا وأمريكا موسكو المسؤولية عنها.
وتشير المجلة إلى أن واشنطن قامت الأسبوع الماضي بفرض عقوبات على عدد من الأوليغاريش الروس؛ عقابا لتدخل روسيا في انتخابات عام 2016، لافتة إلى أن ترامب صادق في العام الماضي على مبيعات صواريخ مضادة للدبابات لحكومة أوكرانيا، التي تخوض مواجهة مع انفصاليين تدعمهم روسيا.
ويستدرك الكاتبان بأنه رغم مظاهر التوتر الحالية إلا أن ترامب اتصل في 20 آذار/ مارس ببوتين، وهنأه بفوزه في الانتخابات، متجاوزا نصيحة مستشاريه، ووجه لبوتين دعوة لزيارة البيت الأبيض، وهي الأولى التي توجه إليه منذ عام 2005، مشيرين إلى أن الموقف الناقد بدا أكثر تشددا، وذلك في تغريدة 8 نيسان/ أبريل، التي انتقد فيها ترامب الزعيم الروسي لدعمه الأسد، وهي أول مرة يقوم فيها ترامب بمثل هذا الأمر.
ويقول الكاتبان إنه "في حال شنت إدارة ترامب هجوما على سوريا فإنه سيكون الثاني بعد ضربة العام الماضي؛ انتقاما لهجوم قتل فيه عدد من المدنيين في خان شيخون، حيث أطلقت 59 صاروخ كروز من بارجة في البحر المتوسط، إلا أن القاعدة العسكرية تم إصلاحها، ولم يتخذ ترامب إجراء آخر.
ويفيد الكاتبان بأنه في تطور مستقل، فإن ترامب أوقف دعم المقاتلين السوريين، الذي بدأ في عهد إدارة أوباما، حيث انتقد ترامب في أثناء حملته الانتخابية المعارضة، وحذر من سيطرة الراديكاليين الإسلاميين على البلد لو سقط نظام الأسد.
وتلفت المجلة إلى أن التطورات السورية تتزامن مع بداية بولتون لعمله مستشارا للأمن القومي خلفا لأتش آر ماكماستر، الذي استقال من منصبه، وتبعته سلسلة استقالات داخل المجلس.
وينقل الكاتبان عن خبراء، قولهم إن ترامب تنقصه استراتيجية واضحة للنزاع في سوريا، حيث تتنافس الدول على بناء تأثير لها في مرحلة ما بعد تنظيم الدولة، فيما يقول النقاد إنه فشل في بناء سياسة واضحة تجاه سوريا، حيث طلب الخروج سريعا، ليتراجع بعد أن حثه قادته العسكريون على التريث لحين هزيمة تنظيم الدولة بشكل كامل، وعدم ترك الساحة خالية للروس والإيرانيين.
وتورد المجلة نقلا عن المساعد البارز في عهد أوباما، فيليب غوردون، قوله: "كان ترامب متناقضا وغير منسجم في هذه القضية، وتشير تغريدته اليوم إلى أنه مندفع أكثر بالعواطف والأنوية أكثر من استراتيجية قوية".
ويقول الدبلوماسيون في الخارجية إن الضربة قادمة، لكنهم يشكون في إمكانية تغيير ميزان القوة في البلاد، وقال دبلوماسي: "لقد انتصر الأسد، وهجوم واحد لن يغير هذا".
ويختم الكاتبان مقالهما بالإشارة إلى أن مسؤولين يطالبون بضربة قوية تستخدم فيها الطائرات، خاصة أن هجوم العام الماضي فشل في ردع الأسد عن استخدام السلاح الكيماوي.