أعرب سياسيون وحقوقيون عن تخوفهم من استغلال السلطات في
مصر قانون تغليظ عقوبة حائزي ومصنعي المفرقعات والمتفجرات لأغراض "إرهابية"، لتصل إلى الإعدام، واستخدامها من قبل الأمن في تلفيق التهم من ناحية، وترويع المعارضة من ناحية أخرى، في ظل انعدام أي معايير للمحاكمة العادلة أمام دوائر القضاء المسيس.
وأكدوا أن نظام السيسي يتحمل مسؤولية العنف والإرهاب؛ بسبب ممارساته الوحشية والقمعية، ودعوا في تصريحات لـ"
عربي21" إلى وقف مثل تلك القوانين المفصلة من أجل التنكيل بالمعارضة، تحت مسمى "محاربة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد".
ووافق مجلس النواب المصري على مشروع الحكومة لتعديل قانون العقوبات وتغليظ عقوبة حائزي ومستوردي ومصنعي المواد المتفجرة، لتصل إلى المؤبد والإعدام، ويعاقب بالسجن كل من علم بارتكاب أي من الجرائم المشار إليها ولم يبلغ السلطات قبل اكتشافها.
أدوات قمع لا عدالة
أعرب رئيس الدائرة المصرية بمركز حريات للدراسات السياسية والاستراتيجية، إسلام الغمري، عن تخوفه من استخدام القانون في تسليطه على المعارضة، "خاصة أنه يأتي في ظل نظام انقلابي أثبتت كل ممارساته طوال أربع سنوات ونصف أنه يضرب بالقانون والدستور عرض الحائط، وعمد إلى استخدام أقصى درجات القمع، وتلفيق التهم الباطلة لآلاف المعارضين السياسيين، إضافة لتنفيذ أحكام جائرة بالإعدام ضد العشرات، وكذلك التصفيات الجسدية، والإخفاء القسري".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "ممارسات النظام ضد معارضيه السياسيين ولدت قناعة راسخة لدى المواطن المصري بأننا أمام نظام يمارس القتل والإرهاب، عبر تحويل المؤسسات الأمنية والعسكرية لتنحرف عن دورها القانوني والدستوري؛ فبدلا من حماية الأرواح عمدت إلى القتل والاعتقال للمعارضين خارج القانون".
وأكد الغمري أنه "أصبح في حكم اليقين أن الأحكام التي تصدر عن دوائره القضائية المنتقاة تُمارس دورا سياسيا؛ ما يجعل أي أحكام بالإعدام تصدر في ظل انعدام أدنى معايير العدالة في حكم الباطل، ويجعل هذه الأحكام الجائرة أداة ترويع للمجتمع، لمحاولة منعه من استخدام حقه الدستوري في معارضة السلطة الحالية بالأدوات السياسية والشعبية السلمية".
تشريعات وتحريات مشبوهة
وذهب المحامي والحقوقي، عمرو عبدالهادي، إلى القول إن هناك "مخاوف سياسية وحقوقية من استخدام التهم الجديدة في قائمة الاتهامات الملفقة المعتادة ضد المعارضين".
مضيفا لـ"
عربي21": أن "مصر عبارة عن صندوق أسود، وكل التشريعات بعد الانقلاب تصب في اتجاه الانتقام السياسي، بداية من تشريع تحريات الأمن الوطني واعتبارها دليل إثبات، إلى نشر أسلحة بجوار المختفين قسريا، وتصويرهم وتصفيتهم".
وأوضح أن "هذا التشريع يجعل عقوبة الإعدام عقوبة ثابتة بمجرد تصوير صورة فوتوغرافيه فيها أسلحة ومواد متفجرة بجوار أي معارض"، لافتا إلى أن السلطة في مصر تستغل تشريع القوانين؛ لتحقيق أهدافها السياسية، وليس لتطبيق العدالة".
قوانين تُشرعها السلطة ويمررها البرلمان
من جهته، قال الكاتب الصحفي عبدالحميد قطب، لـ"
عربي21": إنه "من المعروف أن هذه القوانين التي تُشرع لا تُشرع بمعرفة البرلمان، إنما تُشرع داخل السلطة التنفيذية، وتمرر فقط عبر البرلمان؛ لأنه لا يملك أن يعترض عليها، أو يمنعها، أو يعدل بها، لأنه مجرد أداة في يد السلطة، وبلا شك هي تخدم استراتيجية الحكومة وأهدافها السياسية".
وأضاف: "بلا شك، جميع القوانين المقيدة للحريات تستخدمها السلطة في ملاحقة المعارضين؛ مثل قانون الطوارئ، فالسلطة تستخدمها ليس ضد من يهدد مصلحة البلد، إنما ضد من يهدد بقاء النظام ورأس السلطة؛ وبالتالي أعتقد أن هذا التشريع قد يستخدم بالفعل ضد المعارضين وأصحاب الفكر والتوجهات المناوئة للنظام، وجرت العادة أن نراه يتحقق".
ورأى أن "الدولة المصرية لا تحتاج إلى إصدار مثل هذه التشريعات، ففي قوانين العقوبات ما يكفي لمواجهة ودرء مثل هذه الأخطار إن وجدت، ولكن هناك مزايدات من بعض الشخصيات التي تريد أن تتزلف للنظام، وكما رأينا بمن قام بفتح فترة الرئاسة، والمطالبة بتعديل الدستور، وغيرها من المطالب المخالفة غير الدستورية أو حتى الواقعية".