هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
سارعت الخارجية الروسية في أعقاب إسقاط الطائرة الإسرائيلية من طراز إف-16 على الحدود السورية؛ إلى دعوة جميع الأطراف لممارسة ضبط النفس وتجنب تصعيد الوضع، وعبرت عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة في سوريا، محذرة من أي إجراءات من شأنها تعقيد الوضع بدرجة أكبر.
كما سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
إلى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أعقاب الحادثة، واتفقا على استمرار
التنسيق الأمني بين الطرفين، وذكرت وكالة "إنترفاكس" الروسية أن بوتين
أبلغ نتنياهو بضرورة تجنب أية خطوات تفضي إلى مواجهة جديدة في المنطقة.
وفي ظل الحضور الروسي القوي في منطقة الشرق الأوسط،
والذي كان لافتا في حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية، يبرز عدد من التساؤلات منها ما
علاقة روسيا بإسقاط الطائرة الحربية الإسرائيلية؟ وهل لها دور مباشر أو غير مباشر
في هذه الحادثة؟ وهل هي رسالة بلغة النيران إلى واشنطن؟
موسكو تذكر إسرائيل
بدوره، يرى الكاتب الصحفي الروسي يفني سيديروف، أن
"هناك نوعا من الاستقلالية في تصرف النظام السوري، وله الحق في الرد على
الغارات الإسرائيلية".
ويوضح سيديروف في حديث خاص لـ"عربي21"، أن
"الدعوات الروسية السريعة لتهدئة الوضع في أعقاب الحادثة، جاءت لخشية موسكو
على حياة العسكريين الروس في المناطق السورية التي استهدفتها غارات تل أبيب، وكان
يمكن أن تتعرض حياتهم للخطر، وهو ما أزعج موسكو فسارعت إلى الاتصال بنتنياهو".
ويعتقد سيديروف أن "الاتصالات بين موسكو
وإسرائيل ستبقى متواصلة، وموسكو ستبقى تذكر إسرائيل بضرورة الامتناع عن قصفها في
سوريا مستقبلا، لتفادي مزيد من التصعيد، الذي سينعكس سلبا على ما تقوم به روسيا في
سوريا سواء على الصعيدين العسكري أو السياسي".
اقرأ أيضا: إسقاط الطائرة الإسرائيلية.. ردع متبادل أم شرارة للمواجهة؟
ويستبعد الكاتب الروسي أن "يكون لموسكو أي
علاقة بموضوع إسقاط الطائرة الإسرائيلية، رغم أن البعض يؤكد أن موسكو على علم
بالاستهداف وربما وافقت على هذا العمل"، بحسب قوله.
ويشكك سيديروف في رواية أن "هذه الحادثة هي
رسالة موسكو إلى أمريكا، بأنها تمتلك أوراق قوة في منطقة الشرق الأوسط"،
مبينا أن "هذه الرسالة يمكن توجيهها بطريقة أخرى، كون روسيا تمتلك مفاتيح
الحل في سوريا، وهو أمر واضح لواشنطن ولكل العالم".
ويضيف سيديروف أن "ما حدث ربما كانت روسيا على
علم بذلك"، مستدركا قوله: "لكنها لم تعط الضوء الأخضر على هذه العملية،
ناهيك عن إصدار أوامرها كما يدعي البعض بتنفيذها".
ويتابع قوله: "روسيا ليس لها علاقة مباشرة
بإسقاط الطائرة، لكنها على علم ودراية بالعملية، دون أن تعلم آثارها"، معللا
ذلك بأن "هذه الآثار تثير مخاوف لدى مختلف الأوساط السياسية، بتحول هذه
الحادثة إلى ما هو أخطر من ذلك، والوصول إلى حرب إقليمية".
توسع النفوذ الروسي
وحول توسع النفوذ الروسي في المنطقة العربية مؤخرا،
يقول سيديروف: "ليس بالضروري أن يكون هذا التوسع على حساب واشنطن"، مفسرا
لجوء إسرائيل الفوري إلى روسيا، بسبب نفوذها القوي على النظام السوري، وهو واضح للجميع.
ويؤكد أنه "لا يوجد هناك تعارض في زيادة توسع
نفوذ موسكو أمام المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط"، مشددا في الوقت
ذاته على أن "واشنطن تحاول تعويض ما خسرته في فترة إدارة الرئيس باراك
أوباما، حينما لم تتدخل في بعض الأمور بشكل متعمد، لأجل تفادي خسائرها السياسية الواضحة".
في المقابل، يرى المحلل الاستراتيجي الروسي
فاتشسيلاف ماتزوف، أن إسقاط الطائرة الإسرائيلية، ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر
من موسكو إلى النظام السوري.
ويبين ماتزوف في حديث تلفزيوني تابعته
"عربي21"، أن روسيا كانت تهدف من خلال إسقاط طائرة إف-16 الإسرائيلية،
إلى توجيه رسائل للولايات المتحدة الأمريكية، موضحا أن "رسالة موسكو إلى
واشنطن ترتكز حول التأكيد على أن قواعد اللعبة في سوريا تغيرت".
اقرأ أيضا: تحذير إسرائيلي من اصطفاف روسيا بجانب سوريا وإيران
ويربط المحلل الاستراتيجي حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية،
بما أسماه "تمرير أمريكا لصواريخها المضادة للطائرات للإرهابيين، الذين تمكنا
من إسقاط طائرة سوخوي25 فوق إدلب الأسبوع الماضي".
ويشير ماتزوف إلى أن "هناك أمورا حدثت مؤخرا في
سوريا، أزعجت روسيا ودفعتها إلى اللجوء إلى هذه الرسالة"، لافتا إلى أن الغارة
الأمريكية على "الحشد الشعبي السوري" في دير الزور قبل أيام والتي أسقطت
نحو مئة قتيل، كانت من ضمن الأمور التي أزعجت موسكو.
وفي هذا السياق، أعلن "اتحاد البلطيق القوقازي" في بيان الاثنين، أن روسيين اثنين قتلا الأسبوع الماضي في قصف للتحالف بقيادة أمريكا، في منطقة دير الزور.
ويلفت ماتزوف إلى أنه "يوجد معلومات غير رسمية
تؤكد أن من بين قتلى الغارة الأمريكية الأخيرة جنودا من الروس"، منوها إلى أن
روسيا أعطت في السابق إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ غاراتها داخل سوريا، إلا أن
رسالتها واضحة من خلال حادثة إسقاط الطائرة، وهي أن "المعادلة تغيرت".