أنهت الشرطة
الإسرائيلية ظهر الجمعة، جولة جديدة من "التحقيق تحت طائلة التحذير"
استمر خمس ساعات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو وزوجته.
وكان التحقيق مع نتنياهو (68 عاما) بدأ في حزيران/ يوليو 2016،
بتهم
فساد منذ ذلك الحين، وتم استجوابه سبع مرات، كشفت من خلالها الشرطة عن وجود
شبهة احتيال وتلقي رشاوى وإساءة الأمانة.
ومن بين القضايا محل
التحقيق مع نتنياهو، ما يعرف بقضية الهدايا، وتشمله وعائلته بسبب ما قيل عن تلقيهم هدايا ثمينة جدا من كبار أثرياء العالم،
مثل السيجار الفاخر، والشمبانيا باهظة الثمن، ومجوهرات لزوجته، مقابل تقديم
تسهيلات وخدمات.
ويعتبر نتنياهو تاسع
رئيس وزراء لإسرائيل ورئيس حزب الليكود، تولى رئاسة الحكومة من العام 1996 إلى
1999، ومن العام 2009 إلى اليوم، لتعتبر أطول فترة لرئيس وزراء في منصبه مقارنة
بمن سبقه.
ورغم تهم الفساد
الموجهة إليه، تعهد بنيامين نتنياهو، بتاريخ 13 شباط/ فبراير، بالاستمرار في منصب
رئيس الوزراء الإسرائيلي، عكس موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت
(2006 – 2009)، الذي قرر تقديم استقالته بعد ستة أشهر فقط من إعلان الشرطة عن بدء
التحقيق ضده، ليدخل بعدها السجن منضما إلى الرئيس الإسرائيلي السابق موشيه كاتساف.
فما الذي يجعل نتنياهو
يتربع على حكم إسرائيل طوال تلك الفترة وإلى اليوم، مع أنه يواجه توصيات بمحاكمته
بتهمة الفساد في ملفين؟
المختص في الشأن
الإسرائيلي فتحي بوزية، قال لـ"
عربي21"، إن "هناك سببا رئيسا لجعل
نتنياهو يتربع على عرش الحكومة الإسرائيلية لفترة طويلة، وهو أنه لا توجد شخصية
كاريزماتية تنافسه، فهو رجل علاقات عامة وخطيب ومتحدث بامتياز، وقادر على التأثير
على الجمهور، واستطاع أن يكسب توقعات استطلاعات الرأي في الانتخابات التي خلت، ولا توجد شخصية قيادية قوية مقابلة قادرة على التأثير بالجمهور، فالشخصية القوية تؤثر
على الرأي العام وتصنع الرأي العام".
ومن الناحية الثانية،
يرى بوزية أن "اليمين الإسرائيلي يعتبر في أدبيات اليهود ملك إسرائيل، وفي
الأحزاب العلمانية والأحزاب الأخرى لا توجد شخصية قادرة على منافسته، وحتى في نفس
حزبه حزب الليكود لا توجد شخصية منافسة له، بعد أن أبعد مجمل القيادات التي من
الممكن أن تنافسه".
واستبعد بوزية أن تؤثر
تهم الفساد على المستقبل السياسي لنتنياهو لدرجة كبيرة، فباعتقاده أن
"الأحزاب اليمينية لا تضغط عليه للاستقالة، وغالبيتهم يخشى الضغط عليه خوفا
من الجمهور، ولكن لو ضاق الحبل على رقبة نتنياهو سيذهب لانتخابات مبكرة، وفي حال وجود انتخابات مبكرة بالقانون لا يجر
للمحاكمة، وفي ذات الوقت يعرض نفسه على الجمهور، ففي حال اختاره الجمهور يكون وجد
نقطة قوة له".
زعامة الليكود
بدوره قال أستاذ العلوم
السياسية عمر جعارة لـ"
عربي21"، إن أكثر عامل جعل نتنياهو يبقى رئيسا
للوزراء لفترة طويلة هو "تزعمه لحزب الليكود، ولو لم يكن زعيما له لم يكن
رئيسا للوزراء، ففي السياسة الإسرائيلية حتى يكون الشخص رئيس حكومة يجب أن يكون من
حزب صاحب أكثرية في الكنيست وقادر على تشكيل ائتلاف حكومي".
ومن الأسباب أيضا التي
ذكرها جعارة، أنه أعطى الأولويات الأساسية للأمن والاقتصاد، بالإضافة إلى قدرته
الانتخابية وقدرته على تشكيل ائتلافات بعد الانتخابات، وكل هذه خطوط أساسية لتشكيل
حكومات إسرائيلية.
ويرى أن قضايا الفساد
الموجهة لنتنياهو ستؤثر بشكل كبير على مستقبله السياسي، وهذا ما أظهرت نتائج
استطلاعات الرأي، التي أشارت لتدني شعبيته.
الإتلاف الحكومي
أما أستاذ العلوم
السياسية رائد نعيرات، فقال لـ"
عربي21"، إن "نتنياهو حقق القدرة في
البقاء في الحكم فترة طويلة كون طبيعة الحكومات الإسرائيلية حكومات ائتلافية، وهذا
الذي خدمه، فالحكومة الحالية هي ائتلاف يميني، ومن ناحية ثانية لم تستطع القوى الحزبية
الإسرائيلية أن تفرز لغاية الآن شخصا ينافس نتنياهو".
القضية الفلسطينية
والإقليم
وحول طبيعة تأثير فترة
حكم نتنياهو على القضية الفلسطينية والإقليم، قال المختص في الشأن الإسرائيلي فتحي
بوزية: "كما يصفه الإعلام الإسرائيلي، فهو رجل كذاب قادر على التلون في كل
لحظة، ونتنياهو تميزت فترته على طولها بأنه أولا يكذب على الشعب الإسرائيلي وعلى
القيادات العربية والإسلامية وعلى قيادات العالم والولايات المتحدة لدرجة أنه
استطاع التأثير على صناع القرارات في الولايات المتحدة وتأثيره برز على ترامب حتى
يكاد ترامب ينصاع له".
وأضاف: "من أبرز
ما يميز فترته، أنه استطاع تجميد العملية السياسية، ولم يتحرك للأمام، فهو يعطي
وعودا في الهواء ولا نرى نتيجة، وعزز الاستيطان في الأراضي الضفة والقدس، كما
تميزت فترته بالفساد فلم يكن هنالك فساد بهذا الكم طيلة فترة رؤساء الوزراء
السابقين".
وباعتقاده أن نتنياهو
"استطاع أن يستغل عداء دول الخليج لإيران ويبني جسور بينه وبينها، وكما يعلم
الجميع هناك تدخلات كبيرة في الإقليم من قبل إيران وهو ما أزعج القيادات العربية،
واستطاع أن يوجه أصابع العداء الأولى لإيران وليس لإسرائيل".
أما أستاذ العلوم
السياسية رائد نعيرات، فقال إن ما يميز فترة حكم نتنياهو "أنها أتت حصادا
لتغيرات كبيرة في المجتمع الإسرائيلي، سياسيا واجتماعيا، وهي نمو التيار الديني
لاجتذاب المجتمع نحو اليمين، وبالتالي هذا كان له انعكاس مباشر على السياسة
الإسرائيلية بحيث أخذت السياسة الإسرائيلية تتجه نحو الصهيونية الدينية، وكان واضحا من خلال تغول المستوطنين في الحكومة الحالية وسيطرة النفس الديني على الإجماعات
الإسرائيلية".
ويرى أن تأثير فترة
حكم نتنياهو على الإقليم امتازت بـ"القدرة على ضم الضفة الغربية، وإضعاف
السلطة الفلسطينية، ورافقها فوز ترامب في الولايات المتحدة، جعل رؤية نتنياهو
تتحول لحقيقة من خلال أن الحل يجب أن يكون مع الإقليم وليس مع الفلسطينيين، كما
ترافق ذلك مع فشل الربيع العربي وكل هذا خدم نتنياهو ليصبح كاريزما داخل المجتمع
الإسرائيلي".