يشكّل عامل السيولة المعيار الأكثر تأثيراً في تقييم الأسواق
العقارية وتحديد مصادر قوى العرض والطلب ومسارات الاستثمار، فيما تعتبر قيم الصفقات والمبيعات على الأساس اليومي أو الشهري من المؤشرات الأولية التي يُعتمد عليها في قياس قوة السوق العقارية أو ضعفها، ومصادر الطلب ومستويات الأسعار السائدة والمتوقعة.
وذكر التقرير الأسبوعي لشركة "المزايا القابضة"، الذي تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن كل العوامل السابقة تعكس وبدقة تحركات القطاعات أو المنتجات العقارية المختلفة، ما يعزز كفاءة تطوير المشاريع والمنتجات الجديدة وتوجهاتها. فيما تُعد الحافز الرئيس للاستثمارات الخارجية وآليات استقطابها وتحديد مصادرها وقيمها وتركزها.
وسلط التقرير الضوء على تباينات مختلفة في أداء الأسواق العقارية في دول المنطقة في وتيرة النشاط وطبيعة الطلب وحجم المطروح من العقارات ومصادر الطلب، مشيرة إلى أسواق عقارية يشكل الطلب المحلي فيها أكثر من 90 في المئة، في حين تستهدف أسواق أخرى رفع قيم الاستثمارات المحلية والخارجية في شكل دائم، نتيجة وصولها إلى مستويات متقدمة من التنوع وتلبية الطلب بكل أنواعه ومصادره وربما تشكل السيولة الساخنة عنصراً مهماً فيها.
ويستحوذ القطاع السكني على صعيد الوحدات والأراضي، على النسبة الأكبر من الصفقات العقارية المنفذة على مستوى المنطقة، وتسجل قيم الرهون العقارية التباين الأكبر بين سوق وأخرى كونها تعكس نشاط التمويل والطلب على القروض بضمانات عقارية لأهداف تجارية واستثمارية، أو بهدف بناء مزيد من المشاريع العقارية.
ورصد التقرير نشاطاً إضافياً سجلته العقارات الاستثمارية والصناعية والتجارية في السنوات الماضية في معظم الأسواق، ما عكس مستوى الطلب على الاستثمار في كل القطاعات على رغم ما واجهته من ضغوط وتحديات كبيرة انعكست مباشرة على الطلب وعلى قيم الصفقات، والتي أثرت بدورها في السيولة الإجمالية المتداولة في الأسواق العقارية حتى نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي.
واختبرت السوق الإماراتية قيم السيولة المتداولة بنجاح الشهر الماضي لتصل إلى 16.4 مليار درهم مقارنة بنحو 18.2 مليار نهاية كانون الأول/ ديسمبر من العام الماضي، بانخفاض 9.8 في المئة لتستحوذ المبيعات على 6.6 مليار درهم و9.8 مليار درهم قيمة الرهون.
واعتبر التقرير هذا التراجع هامشياً ويندرج ضمن المسارات الطبيعية وتحديداً في بداية هذه السنة، إذ تختبر الأسواق نقاط القوة والضعف والفرص الاستثمارية المتوافرة في كل القطاعات، فضلاً عن التأكد من طبيعة الخطط الحكومية والإنفاق، فيما تشكل توقعات الأسعار أهمية في قيم التداولات المنفذة بين فترة وأخرى.
وشكّل دخول شركات التطوير العقاري على خط الحوافز من خلال مشاريع أطلقها مطورون كثر بتسهيلات على آليات الدفع تشجع على الشراء، فيما تبدو مؤشرات الأسعار متجهة أكثر صوب مصلحة المستثمرين الأفراد والشركات، وبالتالي مع توقعات التراجع الإضافي في الأسعار سيرتفع الطلب. إذ يسعى المستثمرون إلى التريث بين فترة وأخرى للحصول على أسعار أقل.
ويبدو المشهد أكثر تنوعاً وتعقيداً في السوق العقارية السعودية خلال 2017 وحتى نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، وكذلك استمرار تدني أسعار العقارات بنسب تتراوح بين 15 و35 في المئة وتحديداً تلك السكنية والتجارية. فيما يستأثر التراجع بالقطاع السكني في شكل أكبر من التجاري والاستثماري.
ولم يستبعد التقرير أن تشهد السوق العقارية السعودية مزيدا من الانخفاض في الأشهر المقبلة، انسجاما مع خطط وزارة الإسكان الحالية. وبات لافتا أن كل المؤشرات تدفع في اتجاه هبوط حركة الشراء متأثرة بتقلّص الإنفاق والسيولة، وعدم توافر الأموال الكافية من قنوات التمويل.
وأظهرت البيانات انخفاض الصفقات العقارية المنفذة بنسبة 18.4 في المئة وبقيمة 15.4 مليار ريال في نهاية الشهر الماضي، مقارنة بنحو 18.9 مليار في نفس الشهر من العام الماضي.
وفي البحرين، توقع التقرير سوق العقارات تستعد لارتفاع في قيمة المبيعات في الفترة المقبلة اعتماداً على الأسعار المتداولة والتي انخفضت نتيجة الارتفاع الكبير في المعروض من الوحدات العقارية، والتي أثّرت في سوق المبيعات مع استمرار هذا التأثير مستقبلاً.
وتشير البيانات إلى زيادة المعروض من العقارات لأكثر من 4 آلاف وحدة عام 2017 وهذه السنة. فيما رجحت التوقعات أن تتجاوز 7 آلاف وحدة بحلول عام 2020.
وأشار التقرير إلى أن الظروف
الاقتصادية السائدة وعدم توفير السيولة وصعوبة الوصول إلى تمويل الديون كما كان في السابق، أثرت في رغبة المشترين والمستثمرين في التوظيف الطويل الأجل في الوحدات الجاهزة، ما انعكس سلباً على قيمة الصفقات المنفذة خلال العام الماضي. وأفادت البيانات والتوقعات بأن حجم التداولات العقارية في البحرين تخطى مليار دينار نهاية 2017، في وقت يستحوذ القطاع العقاري على 6 في المئة من الناتج المحلي.
وصنّف التقرير السوق العقارية العُمانية بـ "الجيدة" حتى نهاية العام الماضي، لكنها تواجه مزيدا من الضغوط الناتجة من موجات المد والجزر وارتفاع المعروض وانخفاض الطلب عموماً. وبلغت القيمة الإجمالية للمبيعات المنفذة في كانون الأول الماضي، 128 مليون ريال عُماني مقارنة بنحو 177 مليوناً في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر، ما يعكس حالة من الانتظار التي يتبعها المستثمرون من الداخل والخارج، للاستحواذ على العقارات بأسعار أكثر جاذبية.
وذكر أن المؤشرات الاقتصادية في السلطنة تشير إلى وجود فرص استثمارية جيدة وبشائر تعافٍ وانتعاش في الطلب خلال هذه السنة، وتندرج في إطار الجهود الحكومية لرفع معدل نمو الناتج المحلي إلى أكثر من 5 في المئة. في حين يبدو لاتساع نشاطات قطاع السياحة والضيافة المحققة دور في توفير مزيد من فرص إنشاء المشاريع الجديدة من المواقع المميزة داخل العاصمة وخارجها.