هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تصاعدت حدة التوتر الدبلوماسي بين مصر وتركيا، بسبب ملف التنقيب عن النفط والغاز، وشنت وسائل الإعلام المصرية الموالية لرئيس سلطة الانقلاب العسكري عبد الفتاح السيسي هجوما موسعا ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد تصريحاته حول الثروة النفطية في شرق البحر المتوسط.
ولوح أردوغان باستخدام القوة العسكرية في خطاب له أمس الأول، وحذر اليونان من انتهاكات المياه الإقليمية والمجال الجوي التركي، قائلا إن الجنود الأتراك "سيقومون بما يلزم" عند حصول ذلك.
ونصح الرئيس التركي، وفقا للأناضول، الشركات الأجنبية التي تقوم بعمليات التنقيب قبالة قبرص بـ"ألا تكون أداة في أعمال تتجاوز حدودها وقوتها من خلال ثقتها بالجانب القبرصي الرومي"، مضيفا: "نحذّر من يتجاوزون حدودهم في بحر إيجة وقبرص، ويقومون بحسابات خاطئة مستغلين تركيزنا على التطورات عند حدودنا الجنوبية.. حقوقنا (في الدفاع عن الأمن القومي) في منطقة عفرين (شمال غربي سوريا) هي نفسها في بحر إيجة وقبرص".
ونقلت وكالة الأنباء القبرصية عن الرئيس القبرصي، نيكوس اناستاسيادس، ردا على سؤال حول قلق السكان إزاء التوترات الإقليمية، وخاصة مع تركيا بسبب الغاز، قوله إن "الحكومة تتعامل مع الوضع بوجهة نظر تركز على تجنب أزمة قد تخلق مشاكل للاقتصاد والدولة بشكل عام"، متجنبا بشكل مباشر التعليق على مواقف نظيره التركي.
اقرأ أيضا: يلدريم يعلن التوصل إلى اتفاق مع اليونان لحل التوتر الأخير
وبالرغم من أن تصريحات الرئيس التركي تخص فقط الجانب اليوناني والقبرصي ولم تتطرق إلى الجانب المصري، إلا أن وسائل الإعلام المصرية ومسؤولين مصريين شنوا حملة موسعة ضد أردوغان.
وعن سبب انزعاج مصر من تصريحات الرئيس التركي، قال المحلل الاقتصادي، أحمد مصبح، أن السبب الرئيس يعود إلى الخلاف السياسي بين البلدين، خاصة بعد انحياز الموقف التركي للشعب المصري عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013، إضافة إلى محاولة مصر الضغط على تركيا بعد التقارب التركي السوداني، والتواجد التركي على البحر الأحمر (واحتماء السودان غير المباشر بتركيا).
وأضاف مصبح في تصريحات لـ "عربي21"، أن كل ذلك لعب دورا أساسيا في تحرك مصر خارجيا وتشكيلها تحالف قبرص واليونان التي لديهما خلاف سيادي مع تركيا.
وتابع: "وإذا ما نظرنا للموضوع من بعد اقتصادي نجد أن حقول الغاز تشكل كنزا استراتيجيا لمعظم دول شرق البحر المتوسط، ولكنها أكثر أهمية لمصر واليونان اللتين تعانيان من مشاكل اقتصادية، وتأملان أن تشكل هذه الحقول مخرج لمشاكلها الاقتصادية".
وأردف: "تؤمن مصر واليونان أن حصول تركيا على الحقول، سوف يعزز مكانتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية الأمر الذي يشكل مشكلة حقيقية، اليونان بصورة أساسية، ومصر بشكل ثانوي، في ظل الخلافات القائمة بين الإدارتين".
ومن ناحيته أكد الخبير في شؤون الطاقة، نهاد إسماعيل، أن النزاع القبرصي التركي له أبعاد تاريخية وسياسية، واقتصادية، لكن دخول العنصر المصري على المعادلة سيعقد ذلك الصراع.
وقال إسماعيل في تصريحات لـ "عربي21"، إن قبرص اليونانية اتخذت موقفا مؤيدا لمصر في التوتر القائم بينها وبين تركيا، حول ترسيم الحدود البحرية، وحقوق التنقيب لكلا البلدين، في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، لافتا إلى أن تهديدات أردوغان موجهة إلى قبرص ولكنه يعرف أن قبرص باتت حليفا لمصر في موضوع الغاز.
وأشار إسماعيل إلى أن التوترات السياسية الآن تلعب دورا سلبيا على علاقات التعاون لاقتسام ثروات البحر الأبيض المتوسط من الغاز.
اقرأ أيضا: هل مصر وتركيا على شفا مواجهة عسكرية بشرق المتوسط؟
وصرح السفير القبرصي بالقاهرة «خاريس موريتسيس»، في تصريحات تليفزيونية، أن "العلاقات المصرية القبرصية قوية، وموقفنا واحد حيال كل القضايا".
وأعلنت مصادر مسؤولة في وزارة البترول المصرية، أنها طرحت عمليات البحث والاستكشاف في البحر المتوسط بعد اعتماد اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص من الأمم المتحدة. وجاء هذا ردا على إعلان تركيا أنها تخطط لبدء التنقيب عن النفط والغاز شرقي البحر المتوسط في المستقبل القريب، ووصفت الخارجية التركية الاتفاقية المبرمة بين مصر وقبرص بأنها غير قانونية.
واتفاقية ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، تم توقيعها في العام 2013، وهي تمكن مصر من البحث والاستكشاف عن الغاز في منطقة البحر المتوسط وتحقيق إنجاز يماثل العثور على حقل ظهر العملاق للغاز.
وقال الخبير في شؤون الطاقة، إنه لا بديل سوى لفتح جولة جديدة من المفاوضات تشمل قبرص وتركيا واليونان ومصر، مضيفا: "إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق ربما يتم إحالة الموضوع إلى التحكيم الدولي لتفادي أي نزاع عسكري".
وتابع إسماعيل: "علينا أن نتذكر أن إسرائيل لها أطماع في غاز البحر الأبيض المتوسط وتترقب الوضع وقد تنحاز إلى أحد الأطراف لتحقيق مصلحتها، وعلينا ألا ننسى أن لبنان والأردن لهما مصالح أيضا في هذه القضية".