هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشر موقع "ديلي بيست" تقريرا للصحافي تيموتي ماكلوغلين، يقول فيه إن الحكومة البورمية تمنع الأمم المتحدة من دخول منطقة راكين، التي تمارس فيها قواتها حملة تطهير عرقي للمسلمين، مشيرا إلى أنها تفرش في الوقت ذاته البساط الأحمر للجماعات المنكرة للإبادة.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن بورما كانت في مرحلة الدفاع في الأيام الماضية؛ بسبب الانتقادات والاتهامات بالتطهير العرقي، والحملة التي قامت بها ضد مسلمي الروهينغا، وقالت إن المجتمع الدولي زاد من هجماته وشجبه للمؤسسة العسكرية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام أونغ سان سوتشي؛ بسبب القمع الذي أدى إلى تشريد أكثر من 688 ألف مسلم إلى بنغلاديش.
ويلفت ماكلوغلين إلى أنه في رد من السلطات على هذه الانتقادات، فإنها قامت بمنع الدخول إلى ولاية راكين، التي حصلت فيها عملية التطهير، فلم تسمح للمحققة في مجال حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يانغي لي إلى جانب لجنة تقصي حقائق مكونة من ثلاثة آخرين، بالإضافة إلى منع صحافيين ومراقبين مستقلين من دخول بورما، مشيرا إلى أن السلطات اعتقلت في كانون الأول/ ديسمبر صحافيين يعملان في وكالة أنباء "رويترز" في العاصمة يانغون، اللذين يواجهان حكما بالسجن لمدة 14 عاما.
ويستدرك الموقع بأن وفدا غريبا من الصحافيين وصل إلى المنطقة في نهاية كانون الثاني/ يناير، بينهم مقدم برنامج إذاعي كندي تم اعتقاله نهاية العام الماضي، باتهامات نشر خطاب الكراهية، وموسيقي من سان فرانسيسكو، الذي حذر قائلا إن راكين هي الجبهة الأخيرة في القتال ضد التهديد الإسلامي العالمي، ومنحوا تأشيرات لدخول عدد من المناطق الواسعة في الولاية.
ويذكر التقرير أن كلا من الباحث الموسيقي ريك هيزمان، الذي لديه اهتمام واسع في بورما، والصحافي المقيم في أونتاريو كيفن جونستون، الذي يدير موقع "فريدم ريبورت ويبسايت"، ووجهت له اتهامات العام الماضي بالترويج المقصود للكراهية، وبناء على عدد من البلاغات التي تلقتها الشرطة، سافرا إلى جانب صديق جونستون مايكل ماكورمك في رحلة استمرت أسبوعين.
ويورد الكاتب نقلا عن موقع "فريدم ريبورت"، الذي يقدم نفسه على أنه موقع "الحقيقة والصراحة، وغير المهادن"، قوله إن جونستون قام بشكل منتظم بمهاجمة الإسلام، وربط بين انتشار مرض "أتش آي في" وسياسة الهجرة التي تبنتها الحكومة الكندية، ووصف حركة "بلاك لايفز ماتر/ حياة السود مهمة"، بأنها "حركة إرهابية محلية"، وانتقده المسلمون في كندا.
ويكشف الموقع عن أن الوفد الصحافي قضى معظم وقته يتجول في منطقة راكين، حيث التقط الصحافيون أفلام فيديو، وقابلوا الناس هناك؛ في محاولة لتصحيح ما يقولون إنه السجل عن الصراع الذي يحظى بعناوين الأخبار العالمية.
وينوه التقرير إلى أنه في الوقت الذي أصبحت فيه الحكومة البورمية وجيشها في عزلة؛ بسبب موقفهما من الروهينغا، الذين يعدون غير مواطنين، ووصفهم بأنهم هم من دمروا بيوتهم للحصول على التعاطف الدولي، فإن المسؤولين قاموا بالبحث عن شخصيات، مثل هيزمان، لتبرئتهم.
ويفيد ماكلوغلين بأن شعبية هيزمان في بورما "ميانمار"، التي تنبع من "فيسبوك"، تؤكد بشكل كبير قوة وسائل التواصل الاجتماعي، ودورها في تغذية الكراهية ضد المسلمين هناك، لافتا إلى أن هيزمان نشر أول ورقة بحثية له عن الروهينغا في عام 2012، بعد اندلاع العنف في راكين، وأكد أن اهتمامه ببورما يعود إلى سنوات الثمانينيات من القرن الماضي، عندما زارها لأول مرة، حيث كانت تحكم بديكتاتورية عسكرية.
ويشير الموقع إلى أن هيزمان أصبح منخرطا في معركة الديمقراطية، وأصبح عضوا في مجلس إدارة جماعة بورمية للدفاع عن الديمقراطية، وقام بزيارات لبناء المدارس، وأقام علاقة مع سكان راكين البوذيين "المحرومين"، حيث زاد موقفه حدة من مسلمي الروهينغا مع مرور الوقت، وأصبح يتبنى موقف الغالبية البوذية، التي ترى في المسلمين مهاجرين غير شرعيين يهددون الغالبية البوذية.
ويبين التقرير أن هيزمان يناقش بأن مواقفه من الجيش البورمي الذي حكم البلاد حتى عام 2010، يثبت أنه لا يدافع عن النظام، لكنه يرى أن الجيش في الأزمة الحالية تعرض للشيطنة، ولم يخف في مقابلة على "فيسبوك" مع جونستون، احتقاره للروهينغا أو الإسلام، مشيرا إلى أنه في الوقت الذي تم فيه توثيق الاغتصاب والتعذيب والقتل العشوائي للمسلمين على يد الجيش أو المليشيات البوذية، فإن هيزمان يرفض بعنف هذه الاتهامات ويتجاهلها.
وينقل الكاتب عن هيزمان قوله: "لم يكونوا هناك لاغتصاب النساء البنغاليات، لكن كل امرأة بنغالية ملعونة في المخيمات تزعم أنها تعرضت للاغتصاب"، وأضاف: "هذه الفرصة الكبرى في حياتهم من أجل الحصول على دعم الدول الغربية".
ويذكر الموقع أن هيزمان وجونستون يرفضان، مثل الحكومة البورمية، مصطلح "الروهينغا"، بل إنهما يشيران للسكان الذين لا يتمتعون بجنسية بـ"البنغاليين"، ملمحين إلى أنهم متطفلون جاءوا من بنغلاديش، منوها إلى أن هيزمان حظي بشعبية واسعة بين البورميين، خاصة في الأشهر الماضية، حيث يتابع صفحته 27 ألف متابع، ويتم مشاركة منشوراته بشكل مستمر، وتتم كتابة التعليقات الإيجابية عليها.
ويلفت التقرير إلى أن الحكومة البورمية تبنت مواقف هيزمان، خاصة التي ينفي فيها المزاعم التي تتحدث عن العنف الذي مورس ضد الروهينغا، مشيرا إلى أن سفارة ميانمار في لندن استخدمت في تشرين الأول/ أكتوبر واحدا من أبحاثه، ووزعته على النواب في البرلمان، وكان حذر فيها من الروهينغا والإسلام.
ويورد ماكلوغلين أن هيزمان تحدث في آخر زيارة له أمام معهد ميانمار للدراسات الاستراتيجية والدولية، وتحدث مع مسؤولين في السفارة الأمريكية في يانغون، مشيرا إلى أن السفارة أكدت هذا الكلام.
ويقول الموقع إن بورما نفت الاتهامات الدولية كلها، ورفضت السماح للممثلين الدوليين بالدخول إلى ولاية راكين؛ لتوثيق ما يرونه تطهيرا عرقيا وانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، لافتا إلى أن منظمة أطباء بلا حدود قدرت في كانون الأول/ ديسمبر عدد القتلى، في الفترة ما بين آب/ أغسطس إلى 24 أيلول/ سبتمبر 2017، بحوالي 6700 شخص، منهم 730 تحت سن الخامسة.
وينقل التقرير عن محققة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة لي، قولها: "طلبت مرارا من ميانمار السماح لمراقبي (حقوق الإنسان) مثلي، و(لجنة تقصي حقائق) والصحافيين الدوليين بالدخول إلى المنطقة، إن أرادت إثبات أن لا شيء هناك تخفيه، ويجب أن يكون السماح غير مقيد بشروط، وليس زيارات مع مراقبين".
ويفيد التقرير بأنه عندما سمح لكل من هيزمان وجونستون وماكورمك بدخول راكين، فإن الصحافيين والدبلوماسيين والخبراء استغربوا منحهم هذه الحرية في الحركة، حيث سافر الثلاثة من عاصمة راكين سيتوي، إلى المناطق الشمالية النائية في الولاية، وزاروا القرى المحروقة، ورافقهم الجيش في إحدى الجولات.
وينوه الكاتب إلى أن هيزمان زار البلد في الخريف الماضي، وسمحت له السلطات بالتحرك كما يشاء، مشيرا إلى أن الثلاثة أمضوا في الزيارة الأخيرة ساعات لتسجيل شريط "من أجل قول الحقيقة حول راكين"، بحسب هيزمان، الذي قال:"لا يعرف الناس خطورة ما يجري منذ سنوات، بل منذ عقود، وسيقوم البنغاليون بالقتل مرة تلو الأخرى".
ويتساءل الموقع قائلا: "لكن كيف سمح لهيزمان وفريقه بالدخول، لا أحد يعلم، وكل ما قاله هيزمان إنه يعرف مسؤولين في أعلى المناصب الحكومية وفي أدناها، على المستوى الوطني والمحلي ممن سهلوا دخوله، فيقول: (كان الإذن كاملا ودون قيود، ولم يكن هناك مكان لم يسمح لنا بزيارته)، ورفض المتحدث باسم الحكومة زاو هاتي التعليق، رغم المحاولات المتكررة للاتصال به".
ويورد التقرير نقلا عن هيزمان وجونستون، اللذين يزعمان أن الإسلام هو "دين عسكري"، قولهما إنهما حصلا على إذن مفتوح لأنهما يقدمان رواية مضادة تخدم الحكومة البورمية، وقال هيزمان: "كوني متحدثا باللغة الإنجليزية فإن هذه المهارة التي يحتاجونها.. وهم بحاجة لشخص مثلي ليساعدهم في تمثيلهم جيدا".
وينقل ماكلوغلين عن خبراء، قولهم إن شرعنة تقارير الحكومة تحمل مخاطر زيادة التوتر، حيث يقول المحلل السياسي المستقل في يانغون، ريتشارد هورسي: "ستؤدي مشاركتهم إلى تشويه سمعة الحكومة في ميانمار، بدلا من تقديم رواية بديلة، خاصة لو كانت هناك موافقة رسمية".
ويختم "ديلي بيست" تقريره بالإشارة إلى أن الناشطين من الروهينغا وجدوا أن وجود هذين الشخصين في راكين مثير للاشمئزاز، حيث قال الناشط والسياسي من الروهينغا سام نعيم: "يرحب في بورما بالمتعصبين والعنصريين كلهم طالما كانوا ضد الروهينغا".