هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جاءت الأحداث متسارعة السبت، بإعلان إسرائيل عن إسقاط طائرة إيرانية "مسيرة" دخلت أجواءها، ومن ثم قصف مواقع قالت إنها إيرانية في سوريا، وبعد وقت قصير الإعلان رسميا عن إسقاط طائرة حربية إسرائيلية من طراز إف-16 وإصابة أحد طياريها بجراح خطرة، في سابقة هي الأولى.
وعلى ضوء التصعيد الحالي، يتبادر للأذهان عدة تساؤلات، أبرزها: ما تداعيات إسقاط الطائرة الإسرائيلية ودورها في إشعال مواجهة شاملة على الجبهة الشمالية؟ وهل هذه الحادثة ستقلل من الغارات الإسرائيلية المتواصلة على الأراضي السورية أم ستزيدها؟
بدوره، أكد الخبير العسكري اللواء فايز الدويري أن ما نشهده حاليا سياسة تصعيد متدرج، موضحا أن "إسرائيل ستتعامل مع كل حادثة على حدة، وستنفذ ضربات انتقائية على قواعد صواريخ الدفاع الجوي، وعلى منظومة الرادار وعلى أي مواقع تتواجد فيها مليشيات إيرانية قريبة من خط وقف إطلاق النار".
اقرأ أيضا: تصعيد بعد إسقاط إف 16 إسرائيلية وقرار بفتح الملاجئ (شاهد)
وأضاف الدويري في حديث خاص لـ"عربي21"، أن "كل فعل له در فعل، بمعنى أنه إذا كان الرد السوري إيجابيا أي إنها استمرت في إطلاق الصواريخ، فإن إسرائيل ستستمر بالتصعيد حتى يرضخ الجانب السوري، ويتوقف عن الرد".
وتابع قائلا: "سيكون هناك قرار إسرائيلي بتوسيع دائرة القصف في سوريا وزيادة الأهداف التي يتم قصفها، وإسرائيل ستزيد من حدة هجماتها حتى تُجبر الجانب السوري على العودة إلى ما كان عليه في الرد في المكان والزمان غير الموجودين".
واستبعد الخبير العسكري أن تنعكس حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية، في الوصول إلى مواجهة شاملة، معللا ذلك بأن "سوريا وإيران غير مستعدتين وإسرائيل لا ترغب"، بحسب تعبيره.
الإسقاط شكل مفاجأة
وأكد أن "هذه الحادثة لن تقلل من الغارات الإسرائيلية في سوريا، ولكنها ستعدل من آلية التعامل"، مشددا على أن "الخطوط الحمراء الإسرائيلية ستبقى فاعلة، ولكنها ستزداد حذرا وستتخذ الوسائل الإلكترونية البديلة لمعالجة ما حدث".
وأشار الدويري إلى أن إسقاط الطائرة شكل مفاجأة، لأن سوريا لم تسقط أي طائرة إسرائيلية منذ حرب 1973، متابعا قوله: "الطيران الإسرائيلي اطمأن أكثر من اللازم في أن القدرات السورية محدودة جدا، ولا ترقى إلى مستوى إحداث خطر عليه".
وتوقع الدويري أن "تعيد إسرائيل قراءتها للمشهد، وتعيد حساباتها في طريقة التعامل مع أي تحديات مستقبلية"، نافيا أن تكون الحادثة جاءت ضمن "الردع المتبادل"، مبينا أن إسرائيل تمارس ردعا أحاديا الجانب، بينما سوريا يوجد في قاموسها النظري وليس العملي "التوازن الاستراتيجي والردع المتبادل".
اقرأ أيضا: صدمة إسرائيلية بعد إسقاط طائرة إف-16 بنيران من سوريا
وأردف قائلا: "إيران تعمل من خلال أدواتها وليست معنية بفتح صراع شامل مع إسرائيل، وتحاول العبث من خلال أذرعها، لتقول بأنها على عداء استراتيجي مع إسرائيلي، وهذا ليس إلا بروباغندا من إيران"، وفق قول الدويري.
في المقابل، قال المحلل السياسي والمختص في الشأن الإيراني الدكتور طلال عتريسي، إن "هذه خطوة متقدمة جدا تأتي في عملية الردع المتبادل وتحديدا الردع الموجه إلى إسرائيل، وهي خطوة جديدة ومهمة وخطيرة بالنسبة للإسرائيليين".
ورجح عتريسي في حديث خاص لـ"عربي21"، أن تعيد إسرائيل حساباتها كثيرا، مضيفا أنه "منذ اليوم سيفتح النقاش حول حرية حركة الطيران الإسرائيلي في سوريا، أو في أي حرب مقبلة تجاه لبنان، وسيكون محل بحث تقليل الغارات الإسرائيلية في سوريا".
وأكد عتريسي أن "استمرار القصف الإسرائيلي في سوريا، يعني الوصول إلى حرب متوقعة لا تريدها إسرائيل في الوقت الحالي"، مستدركا بقوله: "لكن لو توقفت إسرائيل عن غاراتها فسيؤثر ذلك سلبا على الأمن الإسرائيلي".
استبعاد المواجهة الشاملة
وذكر أن "الرد السوري على الاعتداء الإسرائيلي كان مفاجئا بالنسبة للإسرائيليين وللكثير من المراقبين، وحتى الولايات المتحدة الأمريكية"، معللا ذلك بأن "ما كان يحدث سابقا من قصف إسرائيلي دون رد سوري جعل هذا التوقع غير وارد".
ورأى المختص في الشأن الإيراني أن "الوضع السوري على المستوى الميداني يظهر تقدما كبيرا لصالح النظام وحلفائه وخاصة روسيا وإيران، منوها إلى أنهم "باتوا في المرحلة الأخيرة من تحقيق الإنجاز الميداني والانتهاء من مشروع داعش والنصرة وغيرها"، بحسب تقديره.
وأرجع الغارات الإسرائيلية في سوريا إلى قلق إسرائيل من تشكيل سوريا جديدة سيكون لروسيا وإيران حصة كبيرة ونفوذ واسع فيها، مؤكدا أن "إسرائيل تحاول أن تكون شريكا في المفاوضات بشكل غير مباشر، من خلال قصفها وتأكيدها المستمر أنها لن تقبل بتواجد حزب الله وإيران في سوريا".
واستبعد عتريسي أن تتدحرج الأمور إلى مواجهة أو حرب واسعة عقب حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية، مشددا في الوقت ذاته على أن "إسرائيل ستعيد حساباتها لأنه ليس في تخطيطها شن حرب واسعة في هذه اللحظة".
اقرأ أيضا: هكذا تسلسلت الأحداث وصولا لإسقاط الطائرة وما تلاها