بلغت حصيلة القتلى جراء الجوي العنيف الذي شنته
مقاتلات للنظام السوري وروسيا، خلال الأيام الخمسة الماضية على
الغوطة الشرقية
أكثر من 250 قتيلا، ومئات الجرحى من المدنيين العزل.
وتشهد الغوطة علاوة على القصف العنيف الذي
اشتدت ضراوته في الأيام القليلة الماضية، حصارا مطبقا وخانقا، على كافة الصعد منذ
عام 2013.
وجاء التصعيد الأخير عقب فترة هدوء نسبية خلال
محاولات الروس جمع الأطراف السورية، على طاولة التفاوض، في مؤتمر سوتشي لكنها فشلت
في مسعاها، بعد مقاطعة المعارضة وإسقاط مقاتلة روسية، قرب إدلب ومقتل طيارها.
وتثار تساؤلات بشأن أهداف القصف العنيف الذي
تشنه
روسيا على الغوطة الشرقية، واستهداف المدنيين العزل، والمراكز التجارية والذي
أوقع خسائر فادحة أرواح المدنيين.
المحلل السياسي السوري محمود عثمان قال إن
الروس خضعوا للرغبة الإيرانية بالحسم العسكري، للغوطة وجاء التصعيد الأخير بذريعة
مقتل الطيار الروسي، بعد إسقاط طائرته في إدلب.
وأوضح عثمان لـ"
عربي21" أن سياسة
الروس في العمل العسكري معروفة، وهم يتبعون مع الغوطة الآن نمط "غروزني"
حين مسحوا العاصمة الشيشانية، وحولوها إلى أرض محروقة، لمجرد تفكيرها بالاستقلال.
ولفت إلى أن تركيا حاولت إقناع الروس بالمضي
قدما في خطة مناطق خفض التصعيد، وتفكيك جبهة النصرة، التي تتخذ كذريعة لاستمرار
ضرب السوريين في المدن، وما تبقى من الثورة والجيش السوري الحر، لكن في المقابل
تدفع إيران الروس نحو الحسم العسكري، للتخلص من أي وجود معارض، على الأرض السورية.
وشدد على أن نهج
المجازر التي قام بها الروس
لإنهاء الثورة، ليس جديدا وما حصل في حلب، أبرز مثال حين تم دك المدينة بكل ما
تملك موسكو من قنابل بعد حصار طويل، ثم قامت بعملية تهجير لكافة السكان.
وبشأن الحديث عن
انتقام روسي من المعارضة لرفضها المشاركة في سوتشي قال عثمان "لن يتغير شيء
حتى لو شاركت المعارضة، والإجرام الروسي يستهدف أيضا الحصول على تنازلات من
الأمريكان، بقضايا لا يملكها السوريون مثل مسألة الدرع الصاروخي البالستي،
والعقوبات بحق شخصيات كبيرة في النظام الروسي".
وأضاف: "هم
يريدون من الولايات المتحدة أن تجلس معهم على الطاولة، للتفاهم حول قضايا دولية
خارج
سوريا على حساب دماء السوريين".
من جانبه قال الخبير العسكري العميد أديب
العليوي إن الروس ينتقمون من الولايات المتحدة، عبر قصف الغوطة الشرقية، بعد
قيامها بـ"إتلاف أعصابهم" في سوريا من خلال عدة ضربات ورسائل وجهت لهم
في الآونة الأخيرة.
وقال عليوي لـ"
عربي21" إن أمريكا
بيدها كل خيوط اللعبة، وترسل في كل يوم رسائل للروس تجعلهم يفقدون أعصابهم كان أبرزها
قصف الرتل في دير الزور والذي كان يضم ضباطا كبارا في الجيش الروسي، والطائرات
المسيرة على مطار حميميم، وغيرها من الحوادث.
ولفت إلى أن هجوم الطائرات على حميميم، كشف ضعف
المنظومة الأمنية والتقنية الروسية، وأثبتت أن الرادارات الروسية لم تستطع "كشف
أسراب الطيور حول القاعدة" على حد وصفه.
وشدد عليوي على أن هذا "الفشل" يتم
تعويضه بقصفالغوطة، بواسطة
الطيران دون اللجوء لاستهداف الجبهات، أو حتى بالتقدم البري، لعلم الروس أن الغوطة
قادرة على صد أي تقدم على الأرض.
وأضاف: "جبهة إدارة المركبات العسكرية في
حرستا أكبر مثال على قدرة الغوطة، على صد الهجوم البري" مشيرا إلى أن النظام حتى
الآن "لم يكن بمقدوره استعادة المنطقة، واكتفى فقط بمحاصرتها".
وبشأن القدرة العسكرية للغوطة على صد هجوم النظام
والروس والإيرانيين، قال عليوي "الغوطة لديها مخزون بشري وعسكري كاف لصد أي
هجوم لكن ما يحدث هو انتقام من المدنيين العزل، لكسر صمودهم على الأرض، بعد حصار
خانق مدة 5 أعوام".
وتابع: "لو اعتبرنا الغوطة تخوض معركة
استنزاف، فهي تستنزف منذ 5 أعوام، ولم تهزم إلى الآن وهذا دليل فشل للروس والنظام
وليس دليل قوة".