هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
برزت أزمة المصانع المغلقة والمتعثرة إلى السطح مجددا في مصر، في أعقاب إعلان حكومة السيسي التوقيع على عقود لإنشاء مدينة ترفيهية وأخرى سياحية على غرار "ديزني لاند" في العلمين بمحافظة مطروح على ساحل البحر المتوسط، باستثمارات تصل إلى نحو 3.5 مليارات دولار على مساحة أكثر من 5 آلاف فدان.
وانتقد خبراء اقتصاديون تجاهل الدولة الاستثمار في إعادة تشغيل المصانع المغلقة والمتعثرة، والتي يقدر عددها بنحو 4 آلاف مصنع وفق اتحاد نقابات عمال مصر (رسمي)، و872 وفق وزارة الصناعة، والتي وعدت "بإغلاق ملف المصانع المتعثرة نهائيا"، في عام 2017 والذى ظل عالقا لأكثر من 5 سنوات، دون تحقيق نتائج مرجوة حتى الآن.
السيسي التاجر
وفي معرض تعليقه؛ قال الخبير الاقتصادي، مصطفى شاهين لـ"عربي21" إنه "لا بد أن نفرق بين رجل الأعمال ورجل الدولة، فالأخير منوط به الحاجات الأساسية للمجتمع المرتبطة بالصناعات الإنتاجية، لكن ما يحدث أن السيسي يدير الدولة بمنطق التاجر"، لافتا إلى أن "من واجبات الدولة زيادة فرص الإنتاج أو فتح المجال لها على أقل تقدير".
وأكد شاهين أن القطاع الخاص "ليس معنيا بتوفير الحاجات الأساسية؛ لأنها ليست قضيته ولأن هدفه الأساسي الربح، كالمشروع الترفيهي الذي يسعى لتنفيذه"، مشيرا إلى أن "الأزمة الأكبر للدولة أن هذا السلوك يشجع نمطا استهلاكيا وليس نمطا إنتاجيا، بالرغم من أن النمط الاستهلاكي قد يكون مطلوبا، ونريده دعمه وزيادته ولكن ليس في عدم وجود أو غياب الاحتياجات الأساسية".
ورأى أن مثل تلك المشروعات الترفيهية "سقوم بها فرد أو مجموعة أفراد، أو شركة، وليس الدولة؛ فمصر لا يوجد بها استقرار اقتصادي، والاستقرار مرتبط بأمرين؛ أولهما عدم وجود تضخم مستمر، وثانيهما القدرة على توفير فرص العمل والتوظيف باستمرار".
اقرأ أيضا : قراءة في أبرز مؤشرات اقتصاد مصر بعد 7 سنوات ثورة (ملف )
وكشف شاهين أن المشكلة في مصر تكمن في أن الأزمات وحلولها معروفة، ولكن لا أحد يريد حلها ليظل الوضع كما هو عليه من معناه للمصريين، وإفقار لهم رغم توافر جميع عناصر نجاح أي اقتصاد، فما يحدث أشبه بعقاب للشعب المصري، على حد وصفه.
مشروعات إنتاجية لا استهلاكية
وفند المستشار الاقتصادي للمجموعة الدولية وإدارة المراكز التجارية، أحمد خزيم، اتجاه الدولة المصرية نحو مشروعات تجارية أكثر منها إنتاجية، قائلا: "الدولة هي التي تضع رؤية تراعي فيها المشروعات الإنتاجية التي تدر ناتجا قوميا حقيقيا في الاقتصاد القومي".
مضيفا لـ"عربي21" أن المشروعات المطلوبة هي التي يمكن أن تحقق عائدا ومن خلالها تسدد الدولة ديونها وفوائدها، وبالتالي لو كانت هناك رؤية ما كانت أن تظهر المشروعات بشكل عشوائي دون زيادة في الناتج القومي.
وفي هذا الصدد أكد على أن مصر ليست بحاجة إلى مشروعات ترفيهية، ومنشآت من حجارة، لا تقدم ولا تؤخر، في المقام الأول، لكنها يمكن أن تأتي بعد ذلك، الأولوية للمشروعات الزراعية والصناعية بمشاركة القطاعات الخاصة أو سياحية تدر عوائد بالعملة الصعبة.
ملف شائك
من جهته؛ قال رجل الأعمال المصري الأمريكي، محمد رزق، إن "المشروعات الترفيهية والطوب والأسمنت لا تبني اقتصاديات دول وقد قلت هذا الكلام من قبل في مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادي آذار/ مارس 2015".
وأضاف لـ"عربي21" أن "هذا النوع من المشروعات لا يحقق تنمية؛ لأنها مشروعات استهلاكية بحتة، ولا تضيف للاقتصاد شيئا"، مؤكدا أن "ملف المصانع المغلقة ملف شائك وقد تم ترحيله للمستقبل دون البت فيه لخطورته وتداعياته والتي ربما تدفع بعض البنوك للإفلاس بسبب هذا الملف".
اقرأ أيضا : خبراء: ثمار "تعويم الجنيه" وهمية.. وهذا ما حصده المصريون
ولفت إلى أن هناك مصانع اقترضت الدولار من البنك قبل التعويم بـ 8,88 جنيهات واليوم تطالبها البنوك بسداد الدولار بـ 17,90 جنيها، وهذا رقم خرافي لن تستتطيع تلك المصانع الوفاء به، وفي حال التعامل معها كديون معدومة على ميزانيات البنوك فسيقوض موقفها الائتماني، ويجعل بعضها يعلن إفلاسه، ورأى أنه "لا حل لمعضلة هذه المصانع المتعثرة من منظوري إلا بإسقاط الديون".