هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
"أنا مش سياسي".. هكذا قالها الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم أمس
الأول ـ 31/2/2018 أثناء افتتاح حقل للغاز!!.. العبارة كانت صادمة.. لأول مرة نسمع
من رئيس دولة قوله: "إنه مش بتاع سياسة".. فالرئيس -أي رئيس- سياسي..
وجاء عبر منافسة سياسية، وله مشروع سياسي، ويظل طوال فترة حكمه يدير الدولة
بالسياسة وينتظر أن يجدد له من خلال عملية سياسية.. يعني عمله سياسي خالص من ألفه
إلى يائه.. والمدهش أن الرئيس، نعى على "الآخرين" أنهم لا يعرفون معنى
الدولة.. وهو -أي السيسي- ظل 50 عاما يدرس معنى الدولة.. ثم يفاجئنا بعد 50 سنة دراسة..
أن إدارة الدولة ليست سياسة!! أزاي؟!
كلام
لا يمكن أن يقابل بارتياح، لأن البديل لـ"السياسة" هي
"العضلات".. بكل حمولتها من معاني القمع والقسوة في التعامل مع
المعارضين.
في
السياق.. استغرب البعض من قوله إنه قد يضطر إلى أن يطلب من المصريين تفويضا جديدا،
لمواجهة ما وصفهم بـ"الأشرار"!!
ولن
نتحدث هنا عن "الأشرار" كمصطلح فضفاض وغامض ويتسع ليشمل كل معارض أو
ساخط أو غاضب من سياسات الرئيس.. لأن المهم هنا، هو الكشف عن نيته في طلب تفويض
جديد.. صحيح أنه طلب مخيف ومفزع، لأن تجربة تفويضه الأول في 27 يوليو2013، ترتب عليها
حوادث دموية مروعة، قسمت المصريين وهددت وحدة الدولة.. ولا زلنا نسدد فواتيرها
نزيفا مستمرا من طاقة بلد على شفا متاعب اقتصادية، بلا حدود و بلا أسقف.
السؤال:
لم يحتاج الرئيس إلى تفويض؟!.. في تقديري أن طلبه، يأتي في سياق ما سمعناه عن معنى
إدارة الدولة وأدواتها والتي كما قالها صراحة ليس من بينها "السياسة"
وبديل الأخيرة معروف ولا يحتاج إلى كتالوج ليفسره.. ولعلنا نتذكر مقال الزميل خالد
صلاح الذي كتبه في "اليوم السابع" القريبة من السلطة، عندما عنونه
بمانشيت رئيسي يقول: "الديمقراطية لم تحرر العبيد ولكنها الحرب".. في
إشارة إلى "شرعنة القمع" في رؤية السلطات الحالية لإدارة الدولة.
لم
يأت "طلب التفويض" بعيدا عن هذا المعنى ولكن تطبيقا له، لأن الدولة -أي
دولة- تدار بالدستور والقانون والمؤسسات الرقابية والمحاكم.. وطلب التفويض يعني
إلغاء كل ذلك والقفز عليه وتعطيله . وبمعنى آخر إلغاء الدولة.. وسمها أي شيء آخر.
خطاب
الرئيس الأخير، كان من الواضح أنه صدر تحت "ضغوط" أو "قلق" من
شيء ما، ولا أدري ما إذا كان مناسبا أن يتحدث الرئيس بهذه اللغة قبل أقل من شهرين
من انتخابات رئاسية محسومة لصالحه؟! لأن الرسالة الأبرز التي تلقاها الجميع، هي أن
قادم الأيام قد تكون هي الأصعب والأخطر والأكثر تهديدا لـ"أمن الدولة"
منذ انهيار نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
المصريون المصرية