هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية تقريرا تحدثت فيه عن تبني تنظيم الدولة لجل العمليات الإرهابية المنفذة في العالم. فعادة ما ينسب التنظيم كل العمليات الإرهابية له، حتى لو كان الفاعل شخصا لا تربطه به أي صلة، وذلك بغية بث الذعر.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه عندما انفجرت قنبلة في خزانة أحد المراكز التجارية في مدينة سانت بطرسبرغ، حيث أصيب قرابة 14 شخصا، أعلنت قناة "ولاية" الإخبارية، أحد الأذرع الإعلامية لتنظيم الدولة، أن منفذ الهجوم عضو في مجموعة سرية لتنظيم الدولة، تستهدف دولة روسيا "الكافرة".
على خلفية ذلك، أعلنت السلطات الروسية أن هذا الخبر لا أساس له من الصحة، وأن الفاعل الحقيقي روسي يدعى ديميتري وينتمي للتيار اليميني المتطرف، وليس له علاقة بالإسلاميين. كما أكدت السلطات الروسية أن ديميتري كان مريضا نفسيا، وكان دافعه الانتقام من شخص يعمل في ذلك المتجر.
وأفادت الصحيفة بأنه في مطلع تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2017، أطلق رجل أمريكي، يبلغ من العمر 64 سنة، النار على تجمع كبير من الناس في أحد الحفلات الموسيقية في مدينة لاس فيغاس الأمريكية، ما أسفر عن مقتل 58 شخصا. وبعد ذلك بفترة قصيرة، أعلن تنظيم الدولة تبنيه للعملية الإرهابية، مدعيا أن من نفذها هو أحد مقاتلي "الخلافة".
اقرأ أيضا: تنظيم الدولة.. نحو إرساء "الخلافة" في أفغانستان
وفي فرنسا، أعلنت وكالة "نبأ" الإخبارية التابعة لتنظيم الدولة، مسؤولية التنظيم عن وجود قنبلة في مطار باريس، ليتبين فيما بعد أنه خبر كاذب. ومن الممكن أن نضيف إلى هذه القائمة من الاعتداءات التي ادعى تنظيم الدولة تنفيذها، هجوم منتجع وورلد مانيلا خلال شهر حزيران/ يونيو من سنة 2017، وهجوم هامبورغ في تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2016.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاعتداءات التي ينفذها تنظيم الدولة فعليا هي التي يتبعها بنشر معلومات عن منفذ الهجوم، على غرار هجوم برلين في رأس السنة، الذي نفذه أنيس عامري، حيث نشر تنظيم الدولة فيديو يعرض فيه عامري وهو يقسم يمين الولاء للتنظيم.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في قضايا الإرهاب، بروس هوفمن، أن تنظيم الدولة أصبح "منظمة دعائية" للأفكار المتطرفة فحسب، فقد أصبح على استعداد لتبني جميع العمليات الإرهابية على مستوى العالم. ويؤكد الموظف السابق في وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، بيتر فينسنت، أن "الاتجاه الجديد لتنظيم الدولة في تبني العمليات الإرهابية يدل على اليأس من العودة".
وأكدت الصحيفة أن تنظيم الدولة يسعى من خلال هذه الإستراتيجية إلى دفع المتعاطفين معه للتصرف بمفردهم تحت مظلته، بل وتشجيعهم على العمل بصورة مستقلة. كما يطمح التنظيم لزيادة عدد الهجمات الإرهابية بهدف بث مزيد من الذعر باسمه. وبين هوفمن أن "تنظيم الدولة يحاول أن يعزز الثقة في نفوس أنصاره، وفي نفس الوقت، يصور للعالم أن الاعتداءات تمت بتوجيهات من التنظيم نفسه".
وأوضحت الصحيفة أن تنظيم الدولة ينسب الاعتداءات التي فشلت في تحقيق هدفها إلى نفسه، على غرار اعتداء هجوم الشانزلزيه في حزيران/ يونيو الماضي، والذي لم يقتل فيه سوى منفذ الهجوم. وعموما، ينسب تنظيم الدولة لنفسه جميع الهجمات، بما في ذلك الهجمات التي لم يسمع بها إلا من الأخبار. ويبدو أن تنظيم الدولة قد انتهى تقريبا في سوريا والعراق، وفقد جميع الأراضي التي احتلها، إلا أنه ما زال متواجدا في شبه جزيرة سيناء في مصر وأفغانستان.
اقرأ أيضا: وول ستريت: كيف يحاول تنظيم الدولة العودة من جديد؟
والجدير بالذكر أن عدد الهجمات الإرهابية في أوروبا انخفض بشكل ملحوظ خلال سنة 2017. ففي سنة 2015، قتل قرابة 150 شخصا نتيجة العمليات الإرهابية، بينما لقي 135 شخصا مصرعهم جراء هذه العمليات في سنة 2016. أما سنة 2017، كان عدد القتلى نتيجة العمليات الإرهابية أقل من 60 شخصا. وبالطبع، تعد هذه الأرقام دليلا على أن تنظيم الدولة لم ينته بعد، إلا أن تأثيره انخفض بصورة واضحة.
وأوضحت الصحيفة أنه بعد أسبوعين من اعتداء هامبورغ بتاريخ 16 تشرين الأول/ أكتوبر من سنة 2016، أعلن تنظيم الدولة عن تبنيه للعملية. وفي الواقع، كان المجني عليه طالبا يبلغ من العمر 16 سنة؛ وبعد التحقيقات، كشفت السلطات الألمانية أن تنظيم الدولة ليس له علاقة بالاعتداء. وحتى الآن، لا يزال الفاعل غير معروف، وحتى تنظيم الدولة لم يعلن عن اسمه كما يفعل عادة.
وفي مانيلا، أعلن تنظيم الدولة أن أحد جنوده نفذ أكبر عملية قتل جماعي في الفلبين، حيث أشعل رجل النار في كازينو، وراح ضحية هذه العملية الإرهابية نحو 37 شخصا. وبعد التحقيقات، تبين أن الفاعل هو محاسب فلبيني خسر أمواله نتيجة المقامرة في هذا الكازينو.
وأفادت الصحيفة بأن كل ما ادعاه تنظيم الدولة حول منفذ هجمات لاس فيغاس من اعتناق الإسلام مؤخرا وتلقيب نفسه بأبي عبد البر الأمريكي، اتضح أنه محض افتراءات، وأن مصدر هذه المعلومات وسائل إعلام أمريكية. وقد اعتبر ذلك بمثابة ضربة قاصمة لمصداقية التنظيم عند أنصاره.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن تنظيم الدولة يعيش في حالة من الفوضى، وربما كانت ادعاءات التنظيم الكاذبة حول تنفيذ العمليات الإرهابية المنفذة في شتى أنحاء العالم بمثابة ورقته الأخيرة.