هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
باتت ما تسمى "صفقة القرن" التي شغلت مساحات واسعة من الصحافة العربية والغربية، تتضح ملامحها شيئا فشيئا، مع تصاعد التصريحات الأمريكية حول حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي في صفقة إقليمية تشمل تطبيعا من الدول العربية.
وانتقل السؤال المطروح عن حقيقة وجود "الصفقة التاريخية" كما يسميها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تفاصيلها.
فقد تكشفت بعض التفاصيل من خلال تصريحات لمسؤولين أمريكيين وتصريحات علنية أطلقها صهر الرئيس ترامب ومستشاره لشؤون الشرق الأوسط، جاريد كوشنر، متناولا الملامح العامة للصفقة.
من جهته، يقول الكاتب الصحفي الفلسطيني المقيم في واشنطن، أسامة أبو ارشيد: "إن الحل الذي تعكف عليه ادارة ترامب، لا يعالج القضايا البنوية والأساسية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إنما يعالج بعض الأعراض، وليس كل الأعراض، بما يخدم أهداف مفصلة لإسرائيل".
ولا يرى أبو ارشيد في حديثه لـ"عربي21"، أن الصفقة لها مستقبل للنجاح، "لأنها أولا غير عادلة، وثانيا لأن الإسرائيليين لن يقبلوا بأي صفقة يتنازلون فيها عن شبر مما يحكمونه"، وفق قوله.
ويشير أبو ارشيد إلى أن القائمين على إعداد الصفقة هم يهود متدينون، بمقدمتهم كوشنر، وممثل ترامب للمفاوضات الدولية جيبسون غرينبلات، والسفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان.
ووفقا لصحيفة "ميدل إيست آي" البريطانية، فإن الصفقة تتضمن إقامة دولة فلسطينية تشمل حدودها قطاع غزة والمناطق (أ) و(ب) وأجزاء من (ج) في الضفة الغربية، وتنص الصفقة على أن توفر الدول المانحة 10 مليارات دولار لإقامة الدولة وبنيتها التحتية بما في ذلك مطار وميناء بحري في غزة والإسكان والزراعة والمناطق الصناعية والمدن الجديدة.
ومن المقرر بحسب الصفقة، أن يؤجل وضع القدس وقضية عودة اللاجئين إلى مفاوضات لاحقة، فيما ستبدأ مفاوضات حول محادثات سلام إقليمية بين إسرائيل والدول العربية، بقيادة المملكة العربية السعودية.
فلسطين جزء من كل
بدوره، يرى الباحث والأكاديمي المصري عصام عبدالشافي، أن صفقة القرن الحالية جزء من كل، يستهدف المنطقة برمتها، مشيرا إلى استهداف المنطقة عبر ثلاثة مؤتمرات قبل نحو 100 عام ابتداء من سايكس-بيكو عام 1916، ووعد بلفور 1917، واتفاقية لوزان 1923.
ويضيف عبدالشافي في حديث لـ"عربي21" أن "فلسطين كانت جزءا من كل، ضمن ما أسميه استهداف دولة الخلافة، وبالتالي فإن الحديث عن صفقة القرن وربطها بفلسطين فقط قصور في الرؤية".
ويقول: "نتحدث عن مستهدَفين كثر من الصفقة، أهمهم: فلسطين، سوريا، اليمن، العراق، مصر، تركيا، السعودية وإيران".
وعلى الرغم من أنه يرى أن هناك أفقا للنجاح، يقول إنه سيكون مصير الصفقة الفشل، إذا توفرت الأسباب الآتية:
- تحقيق حالة نجاح في أي ثورة عربية، لأنها قد تعيد النظر في توازنات ومعادلات المنطقة السياسية.
- بروز دور الحركات الاجتماعية التي تقوم على دمج جميع المكونات، ليبرالية أو إسلامية أو يسارية، في مواجهة التغول أمام أمريكا، أو من يقف خلف صفقة القرن سواء كانت فرنسا أم بريطانيا.
- إعادة النظر في أنماط التحالفات الإقليمية، فإذا كانت الصفقة إقليمية فيجب مواجهتها إقليميا، يجب أن يكون هناك تحالف إقليمي حقيقي يواجه التحالف الذي يقف وراء صفقة القرن.
دور سعودي
وترددت الأنباء مؤخرا عن دور كبير للسعودية في صفقة القرن، خصوصا مع الزيارات المتكررة لصهر ترامب إلى المملكة.
وأوردت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان عرض على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خطة تقضي بإقامة دولة فلسطين دون الشطر الشرقي لمدينة القدس المحتلة.
وذكرت الصحيفة أن "مبادرة ابن سلمان هي الخطة الأكثر ولاء لإسرائيل، من أي وقت مضى".
لكن السفير السعودي لدى الولايات المتحدة، خالد بن سلمان، نفى الأمر، وشدد على تمسك الرياض بمبادرة السلام العربية أساسا للتسوية، واصفا الأنباء الواردة بالكاذبة.
من جانبه، يقول الكاتب الصحفي جمال خاشقجي، إن "صفقة القرن صفقة خاطئة، وذهبت أدراج الرياح بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ورد الفعل الهائل الذي خرج رفضا لها، فضلا عن أنه ألغاها بيان الديوان الملكي بتعليقه على قرار ترامب حول القدس".
ويقول خاشقجي إن الصفقة هي بين "اثنين لا يملكان أمر القضية الفلسطينية، فلا السعودية ولا غيرها تستطيع أن تتفق نيابة عن الطرف الفلسطيني. والفلسطيني الذي يقاوم تحت الاحتلال أقوى من أي شخص عربي خارج الأراضي المحتلة، وهو من يقرر".
ويختم بقوله، إنه "في هذه القضية من الأفضل أن نتبع فيها منهج الملك فيصل، بأن نرضى بما يرضى به الفلسطيني، فنوافق على ما يوافق عليه، وأتمنى على محمد بن سلمان الذي لا يملك أيا من أوراق القضية الفلسطينية، أن يحذو حذو الملك فيصل".