سمعت متأخرا بهيئة
الترفيه السعودية الناشئة في مهبط الوحي، التي عطف الملك بها على شعبه، تعويضا للسعوديين المساكين، المتخمين بـ"الرز"، والمحرومين من بعض أنواع الترف، فكأنها هيئة للأمر بالمنكر والنهي عن المعروف.
وكان الملك - ترفيها للشعب - قد اعتقل معظم الدعاة الإصلاحيين، مثل سلمان العودة وغيره، فتذكرتُ
الوزارات الغريبة في العالم. وهيئة الترفيه ما زالت في طور الطفولة، ولم تصبح وزارة شابة بعد. وكان جورج أورويل قد تخيل في روايته الخالدة "1984"؛ وزارات عجيبة في دولة الأخ الأكبر، مثل وزارة الحقيقة، التي شعارها: الجهل قوة. ووزارة الحب، وهي في الحقيقة وزارة الأمن والمخابرات. قبل أن ترى هيئة الترفيه النور، رأينا وزارات عجيبة أخرى، مثل وزارة المغتربين في
سوريا، التي تولّتها المرأة الحديدية السورية، بثينة شعبان، والتي زادتنا اغترابا. لقد كانت سوريا دوما تؤمن "بالعزم"، وهي في الفيزياء تعريفا: حاصل القوة ضرب الذراع. فالقوة خشنة في الأقبية مع الشعب، وناعمة معه في سرير الإعلام. ورأينا في رغدا، ونساء دي مستورا، أمثلة. وقد حوّلَ الأسد سوريا كلها إلى أنقاض، فقد قتل، وهجّر، وعوّق من بقي جسديا أو فكريا، ولم يبق فيها سوى النواعم، والقوارير المكسورة.
يخبرنا غوغل عن وزارة عجيبة في الهند، اسمها اليوجا، ولا غرابة كبيرة فيها، فاليوجا عبادة في الهند، مثل وزارة الأوقاف التي كانت يوما وزارة الاقتصاد والمالية، وأقوى منها، ومستقلة، ليس الخليفة عليها خليفة، ولا السلطان له عليها سلطان.. ووزارة السعادة في الإمارات، ووزيرها من القوارير، ووزارة الدعاية والتحريض في كوريا الشمالية، التي تحذو حذو وزارات جورج أورويل، حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل.. ووزارة استعادة القانون والنظام في بورما، ووزارة الجنس في إسبانيا، واسمها لا يناسب خيال اسمها، فهي للحض على إنجاب الأولاد، وإلا سُميّت وزارة "بتوع الليل وآخره"، أو وزارة المزز.. ووزارة النساء في تونس، ونخبة تونس، منذ بورقيبة، مشغولة بالقوارير والجنس.
وكان في العراق لجنة اسمها هيئة صور الرئيس صدام حسين، تشرف اللجنة على إجازة الصور والرسوم التي يرسمها الفنانون للرئيس، ومصر، أرض الكنانة، تستحق وزارة اسمها "وزارة الفلاتر"، ليس لخطب الرئيس، بل للفساد.
الشمس تكاد تشرق من الغرب، والأمور مقلوبة على رؤوسها، والحكومات العربية الموصوفة بالرجعية، صارت تقدمية جدا، وتريد تحرير إسرائيل المحتلة من بطش العرب الغاصبين!
وقد دعت هيئة الترفيه السعودية؛ الحاج جون ترافولتا، بطل فلم "الخنازير البرية"، ومعتنق ديانة السانتولوجيا، وهي ديانة تم إنشاؤها على يد كاتب الخيال العلمي الأمريكي رون هوبارد، الذي عاش في الفترة بين عامي 1911- 1986. والدين "فلسفة دينية تطبيقية"، يعتنقها أيضا توم كروز.. والكنيسة السانتية معروفة بابتزاز أعضائها، للحصول على أموالهم. ولا أظن أن ولي العهد السعودي سانتولوجي، فهو يكافح الفساد في صومعة الريتز.
السانتولوجي جون ترافولتا العليا، المعروف باعتداءاته الجنسية المثيرة، والمثلية، دُعي إلى بلاد الحرمين، ضيفا ليرفّه أهلها، فاستبشرتُ خيرا، كما استبشر علمانيون عرب، وباتوا يصفقون لولي العهد الجديد، الذي يريد عهدا جديدا غير كل العهود السابقة التي ستولي إلى غير رجعة، ويريد أن يجمع في الحرمين الدين والدنيا.. وما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، وما أقبح الحمق والإفلاس بالرجل.
رأينا حسناوات السعودية وحرائرها المحجبات المكنونات؛ يأخذن اللقطات التذكارية مع الحاج الراقص جون.. إذا كانت العبادة بالقوة يوما، فالسعادة أيضا ستكون بالقوة، لا حياة في المملكة إلا للسعداء والسانتولوجية.
السوري مريض، أول سؤال يسأله عند التعارف هو عن الطائفة، ومن الضروري ذكر أن وزيرة المغتربين الحنون بثينة شعبان، ووزير المصالحة، هما من الطائفة الكريمة. أما الطائفة الكبرى، فهي زبون عند الوزيرين، مع حسومات خاصة للشباب.
وكانت الدولة الموقرة قد رأت تأليف وزارة المغتربين، لكثرة أبنائها المغتربين، الذين يحبون السياحة في العالم، بسبب زحمة العمل، وكثرة الأموال التي يجنونها، وقد صارت سوريا كلها دولة للمغتربين والمغربين، وبثينة شعبان أقوى امرأة في سوريا.. أما علي حيدر، فتقوم وزارته بتأليف القلوب بين الضحايا والجلاد. كنا نتحدث يوما عن التطبيع مع المحتل، والآن نحن نطبع بين أفراد الشعب، والمرء يحتاج إلى لجنة مصالحة لتأليف نفسه مع نفسه، وقد صارت نفسه قطعا وفسيفساء.
ومن العدل القول: إن وزير الدفاع السوري كان يقوم بشؤون الترفيه أحيانا، لكن الذين يرفهون أنفسهم حقا هم المخابرات، كلما ضجر أحدهم أو ملّ، يذهب إلى القبو، ويقوم بتعذيب الإرهابيين، ويقتل حوالي عشرة سجناء، وهو العدد اليومي المقبول. ومن الحق ذكره، أن كل الوزارات تقوم بالترفيه، بأشكال مختلفة يعرفها السوريون.
لقد امتلأ بريدي الإلكتروني بدعوات من أصدقائي المناضلين، للتوقيع على عريضة لتحرير المناضلة الشقراء، عهد التميمي، التي تناضل بإصبعها الوسطى ضد الاحتلال. تقول الدعوة: "إذا وقّع عدد كاف منّا على هذه العريضة، فسوف نسلمها لقادة دول العالم كافة. كما سنسلمها لمحامي عهد، الذي سيقوم بإيصال رسائلنا إليها، لنرفع بذلك من معنوياتها داخل الأسر. أضف اسمك الآن لتعرف عهد أن هناك مليون شخص حول العالم يقفون معها". هذه هي ديباجة العريضة.
المقال ليست دعوة لوزارة اسمها وزارة تحرير عهد التميمي من الأسر، فهي ستخرج، قريبا. الاحتلال لن يظلم شقراء مثلها. أصدقاء لي أرسلوا يطلبون مني الاستنفار، بصورة أضع يدي فيها على عيني من أجل الطفل كريم. ما أجمل النضال هذه الأيام. إنه يشبه الاستجمام على شط بحر الهوى.