هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قام النظام المصري خلال الفترة الأخيرة بإلقاء القبض على كل من أعلن نيته الترشح لانتخابات الرئاسة، أو حرك دعاوى قضائية ضده، ما يعني قدرته على منعهم من خوض السباق الانتخابي.
وأثارت هذه التطورات تساؤلات حول السيناريو الذي يريده قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي لانتخابات الرئاسة وهل يريد فعلا إقامة انتخابات تنافسية حقيقية، أم أنه يسعى إلى الفوز بفترة حكم جديدة بعد منافسة شكلية مع أحد المرشحين الضعفاء، كما حدث عام 2014 أمام المرشح حمدين صباحي، ليظهر بعدها السيسي في مظهر الرئيس الذي اكتسح الانتخابات بسبب "شعبيته الكبيرة وحب المواطنين له".
اعتقال المرشحين
وكان المحامي الحقوقي خالد علي أول من أعلن نيته الترشح للرئاسة لكنه يواجه تهمة ارتكاب فعل خادش للحياء، الأمر الذي قد يعني ابتعاده من المنافسة، حيث تعد هذه التهمة جريمة مخلة بالشرف تحول دون ممارسته لحقوقه السياسية ومن بينها الترشح لأي انتخابات محلية أو برلمانية أو رئاسية.
وقضت محكمة الجنح بحبس "علي" ثلاثة أشهر بعد إدانته بارتكاب فعل فاضح أثناء الاحتفال بصدور حكم بمصرية جزيرتي تيران وصنافير، لكنه ينتظر الفصل فى جلسة 3 كانون الثاني/ يناير المقبل في استئناف تقدم به على الحكم بحبسه، وهو القرار الذي سيحسم إمكانية خوض الانتخابات من عدمه.
أما المنافس الأقوى للسيسي، وهو الفريق أحمد شفيق، الذي أعلن نهاية الشهر الماضي نيته خوض السباق الرئاسي وتم إبعاده على إثرها من الإمارات التي أقام بها منذ عام 2012، فيقول مقربون منه إنه يتعرض لما يشبه الإقامة الجبرية في أحد فنادق القاهرة، ولا يتحرك بشكل طبيعي، ويتعرض لضغوط كبيرة حتى يعدل عن فكرة الترشح للرئاسة.
ويواجه هو الآخر اتهاما مخلا بالشرف في قضية الاستيلاء على المال وغسيل الأموال والتزوير، حينما كان رئيسا لجمعية إسكان ضباط القوات الجوية في تسعينات القرن الماضي، ومن الممكن أن يحاكم شفيق بهذه التهمة ويتم منعه من الترشح للانتخابات الرئاسية.
وعلى الرغم من تأكيد محامية شفيق، دينا عدلي حسين، أن جميع القضايا التي تخص شفيق تم تبرئته منها أو حفظ التحقيقات بها لعدم كفاية الأدلة، إلا أن عددا من المحامين المؤيدين للنظام الحالي بادروا بتقديم بلاغات جديدة للنائب العام ضد شفيق بتهمة التحريض على الدولة والتعاون مع جهات معادية لمصر، بعد ساعات من إذاعته بيان ترشحه للرئاسة على قناة الجزيرة القطرية، الأمر الذي يعني أنه قد يتم تحريك هذا القضايا في أي لحظة، إذا ما أراد السيسي، ويتم منع شفيق من الترشح للانتخابات الرئاسية، بحسب مراقبين.
أما المرشح المحتمل الثالث وهو العقيد بالقوات المسلحة أحمد قنصوة، فتم اعتقاله بعد أيام قليلة من إعلانه عبر مقطع فيديو نشره على مواقع التواصل الاجتماعي الترشح للرئاسة وتحدي السيسي بتهمة الإضرار بمقتضيات النظام العسكري عن طريق ممارسة العمل السياسي والترشح لرئاسة الجمهورية.
وعلى الرغم من تأكيد قنصوة أنه أعلن خوض الانتخابات الرئاسية مرتديا الملابس العسكرية اقتداء بقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي الذي قام بنفس الخطوة عام 2014 إلا أن النيابة العسكرية قررت حبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات.
تهديد حقيقي للسيسي
وتعليقا على هذا الأمر قال المحامي الحقوقي إسلام مصطفى إن النظام الحالي لا يريد خوض منافسة حقيقية خلال السباق الرئاسي المقبل، مؤكدا أن النظام يريد فقط انتخابات شكلية، عن طريق منافسة مرشح ضعيف ليس له شعبية تذكر حتى يضمن اكتساح الانتخابات وليس الفوز بها فقط.
وأوضح مصطفى، في تصريحات لـ"عربي21"، أن السيسي قلق للغاية من إعلان شفيق ترشحه للرئاسة لأنه منافس حقيقي ما يزال يتمتع بشعبية كبيرة على الأرض خاصة بين أنصار الرئيس الأسبق حسني مبارك وأعضاء الحزب الوطني المنحل، مشددا على أنه في حالة توافر ضمانات حقيقية للنزاهة والحرية خلال عملية الاقتراع، فإنه من الممكن جدا أن يخسر السيسي هذه الانتخابات بسبب التدهور الكبير في شعبيته جراء القرارات الاقتصادية التي اتخذها خلال الشهور الأخيرة.
البحث عن كومبارس
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية مصطفي علوي إن الأزمة الحالية سببها أن عبد الفتاح السيسي يعتقد أن فوزه في الانتخابات الرئاسية لابد أن يكون بنسبة عالية جدا مثلما حدث في الانتخابات السابقة حينما فاز بنسبة 98%، مشيرا إلى أن السيسي يعتقد أنه لو فاز بفارق ضئيل من الأصوات فإنه دليل على وجود تهديد حقيقي لاستمراره في الحكم.
وأضاف علوي، في تصريحات لـ "عربي21"، أن السيسي نجح خلال السنوات الخمس الماضية من تثبيت أركان حكمه والتخلص من أي تهديد حقيقي له، لكنه يريد أن ينتصر في الانتخابات المقبلة انتصارا مشابها للزعماء السابقين أمثال عبد الناصر والسادات الذين كانوا يفوزون في الانتخابات باكتساح، على الرغم من أن شعبية السيسي قلت تماما في الشهور الأخيرة.
وأكد أن النظام اختار طريقة وضع العراقيل القانونية أمام أي مرشح قوي يهدد فوزه بالانتخابات تمهيدا لمنعه من خوض السابق الرئاسي من الأساس، مشيرا إلى أن السيسي يبحث عن مرشح كومبارس يخوض المنافسة أمامه حتى تكتمل العملية الانتخابية وتكون مقبولة دوليا دون أن تهتز صورته بفقدانه عددا كبيرا من الأصوات.