هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت مجلة "نيوزويك" مقالا للكاتب جون هولتيوانغر، يقول فيه إن اسم تنظيم الدولة ارتبط بعملين إرهابيين على مدى الشهرين الماضيين في نيويورك، في وقت تتلاشى فيه دولة التنظيم في العراق وسوريا.
ويشير هولتيوانغر، في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه أصيب في يوم الاثنين عدد من الناس في محاولة الهجوم الإرهابي في سلطة الموانئ، وهي مركز سفر الباصات وإحدى أكثر المناطق ازدحاما في مانهاتن، لافتا إلى أن المشتبه به بارتكاب الهجوم أصيب وتم اعتقاله ونقله إلى مستشفى قريب.
وتلفت المجلة إلى أن المشتبه به اسمه عقائد الله وعمره 27 عاما، وهو من أصل بنغالي ويعيش في بروكلين، مشيرة إلى أنه بحسب بعض التقارير، فإن عقائد الله استوحى فكرة الهجوم من تنظيم الدولة، والتحقيق جار في الموضوع.
ويفيد الكاتب بأن هجوم الاثنين يأتي بعد أكثر من شهر بقليل من هجوم لور مانهاتن، الذي تم باستخدام شاحنة، وقتل فيه ستة أشخاص، لافتا إلى أن المشتبه به في الهجوم، وهو سيف الله سايبوف، قام به باسم تنظيم الدولة، بحسب التقارير.
كم هجوما قام به تنظيم الدولة في أمريكا؟
ويبين هولتيوانغر أنه "منذ عام 2014، عندما أعلن تنظيم الدولة عن قيام الخلافة، وحصل على اهتمام العالم، كانت هناك سبع هجمات إرهابية قاتلة في أمريكا، مؤدية إلى مقتل 82 شخصا، بحسب دراسة من مؤسسة أمريكا الجديدة، ولا يعتقد بأن أي من تلك الهجمات كان منسقا مع تنطيم الدولة أو أي من شبكاتها، لكن يعتقد أن تنظيم الدولة هو مصدر الإلهام خلف تلك الهجمات، بحسب ما قاله ديفيد ستيرمان من مؤسسة أمريكا الجديدة لـ(نيوزويك)، الذي أضاف: (لكن في كثير من تلك الهجمات تطرح مسألة عما إذا كان لتنظيم الدولة الدور الرئيس في إلهامها أم لا، فهذه مسألة مطروحة للنقاش)".
وينوه الكاتب إلى أن الهجمات الست القاتلة تتضمن: حادث باستخدام شاحنة في مانهاتن، نتج عنه مقتل ثمانية أشخاص في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 2017، وحادث آخر في دينفر في كولورادو في كانون الثاني/ يناير 2017، تم خلاله قتل حارس نقل بإطلاق الرصاص عليه، وعملية فتح نار عشوائي في ناد ليلي في حزيران/ يونيو 2016، قتل فيه 49 شخصا، وفتح نار عشوائي في سان برنارديو في كاليفورنيا، في كانون الأول/ ديسمبر 2015، قتل فيه 14 شخصا، وهناك حادث في مور في أوكلاهوما في أيلول/ سبتمبر 2014، قام فيه المهاجم بقطع رأس زميل في العمل، بالإضافة إلى سلسلة قتل طالت أربعة أشخاص ما بين نيسان/ أبريل 2014 وحزيران/ يونيو 2014 في ولاية واشنطن ونيوجيرسي.
وتنقل المجلة عن ستيرمان، قوله إنه بالمجمل فإن هناك 12 حادثة عنف، "ليست بالضرورة قاتلة"، يعتقد أنها بإلهام من تنظيم الدولة تمت في أمريكا منذ عام 2014.
ويذكر هولتيوانغر أن أول مرة يعلن فيها تنظيم الدولة مسؤوليته عن عملية في أمريكا كانت في أيار/ مايو 2015، عندما قام رجلان، وهما ألتون سيمبسون ونادر صوف، بمهاجمة معرض مثير للجدل، تضمن رسومات كاريكاتيرية للنبي محمد "صلى الله عليه وسلم" في غارلاند في تكساس، وجرح في الحادث حارس وقتل المهاجمان، مشيرا إلى أن سيمبسون وصوف كانا على اتصال قبل الهجوم بعضو تنظيم الدولة جنيد حسين، الذي يقوم بتجنيد الشباب والشابات عن طريق الإنترنت، والأمريكي مجاهد مسكي، الذي غادر أمريكا ليقاتل إلى جانب حركة الشباب في الصومال، لكنه انتقل بولائه لتنظيم الدولة فيما بعد.
ويقول ستيرمان لـ"نيوزويك" إن ذلك الهجوم يعد حدثا "مكن" تنظيم الدولة وقوعه "بدلا من (ألهم) أو (وجه)"، باعتبار أن المسؤولين عنه كان لهم تفاعل مباشر على الإنترنت مع أشخاص مرتبطين بتنظيم الدولة.
ويستدرك الكاتب بأنه "حتى عندما يعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن هجوم ما، فإن ذلك لا يعني أنه قام بتدريب أو توجيه من قام بالهجوم".
وتنقل المجلة عن البروفيسور بيتر ماندافيلي، من جامعة جورج ميسون، قوله، إنه يجب التفريق بين الهجمات التي كانت بإلهام من تنظيم الدولة وتلك التي كانت بتوجيه منه، ويضيف ماندافيلي: "من الصعب جدا استشعار الهجمات الناتجة عن إلهام تنظيم الدولة، حيث يعتمد (استشعارها) على المحافظة على علاقات وثيقة واتصالات بين السلطات الأمريكية والمجتمعات القابلة للتأثر برسالة تنظيم الدولة.. أما الهجمات الموجهة في من ناحية أكثر سوءا -حيث تعكس قدرة التنظيم على التجنيد وتوفير الموارد وتنسيق الهجمات في الدول الأجنبية، بينما من الناحية الأخرى فهي أسهل للتحقيق؛ لأن الأشخاص المتورطين في الأحداث غالبا ما يكونون قد تركوا آثارا لشبكاتهم وارتباطاتهم التي يكون من المفيد تتبعها".
كيف ينشر تنظيم الدولة أثره في الولايات المتحدة؟
ويشير هولتيوانغر إلى أنه قتل 103 أشخاص منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمببر في هجمات جهادية على الأرض الأمريكي، وقام بكل واحدة من هذه الهجمات إما أمريكي الجنسية أو يحمل إقامة دائمة في وقت الهجوم".
ويجد الكاتب أن "هذا يعني أن خطر الإرهاب على الولايات المتحدة محلي المنشأ بشكل كبير، أكثر منه ناتجا عن الأجانب، والأهم من ذلك أنه لا أحد من الإرهابيين المسؤولين عن الهجمات القاتلة يأتي من أحد البلدان ذات الغالبية السكانية المسلمة التي حددها ترامب في قائمة منع السفر".
ويقول هولتيوانغر: "لكون تنظيم الدولة مني بهزيمة نكراء في العراق وسوريا -بما في ذلك خسارته لعاصمته الرقة- فإن الآلاف من مقاتليه الأجانب عادوا إلى أوطانهم، ومن مقاتليه الأجانب البالغ عددهم 40 ألف مقاتل والقادمين من 110 بلدان، هناك حوالي 129 أمريكيا لم يعد منهم لأمريكا سوى سبعة".
ويلفت الكاتب إلى أن "شبكة الانترنت كانت أداة فاعلة في يد تنظيم الدولة، فمن 129 شخصا تم تجنيدهم للقتال في الشرق الأوسط قام 101 منهم بتنزيل ومشاركة مواد دعائية جهادية على الإنترنت بحسب مؤسسة أمريكا الجديدة، بالإضافة إلى أن هناك أدلة شبيهة في عملية الدفع نحو التطرف على الإنترنت بخصوص الهجمات التي كانت بإلهام من تنظيم الدولة، التي تم القيام بها محليا، حيث كان أكثرها أثرا المذبحة في نادي بالس الليلي في أورلاندو".
وتورد المجلة نقلا عن الخبير في الإرهاب مايكل سميث الثاني، قوله: "منذ عام 2014 قام تنظيم الدولة بشن أشد وأكثر حملات التجنيد والتحريض فعالية على مستوى العالم أكثر من أي مجموعة إرهابية أخرى في التاريخ"، ويعتقد سميث أن على شركات مواقع التواصل الاجتماعي فعل المزيد للتقليل من "جاذبيتهم" للإرهابيين.
ما هي طبيعة التهديد الذي يشكله تنظيم الدولة لأمريكا؟
ويبين هولتيوانغر أن "تنظيم الدولة خسر منذ آب/ أغسطس 2017 78% من أراضيه في العراق و58% من أراضيه في سوريا، فبين هذا وبين العدد القليل المنتمي للتنظيم من الأمريكيين كمقاتلين أجانب مقارنة مع القوة الكلية للتنظيم، فإن التنظيم لا يشكل سوى تهديد صغير جدا، كما يتضح هذا أيضا من الأرقام المتدنية من عدد القتلى بسبب العمليات الجهادية في أمريكا منذ أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، والتهديدات الأخرى، مثل العنف باستخدام الأسلحة النارية، تشكل خطرا أكبر للأمريكيين بشكل يومي، لكن هذا لا يعني أن أمريكا آمنة تماما من تنظيم الدولة".
ويقول ماندافيلي للمجلة: "لا يشكل تنظيم الدولة بنفسه تهديدا وجوديا على الولايات المتحدة، لكن إن نجح في القيام بعمليات أو الإلهام بتنفيذ سلسلة من العمليات على الأراضي الأمريكية، فإن ذلك قد يفاقم من خارطة الاستقطاب السياسي القائمة في البلد، وهذا سيجعل أمريكا أقل مرونة، ويساعد على الشعور المتزايد بأن أمريكا في حالة تراجع، ولذلك فإن التهديد هو أقل من تنظيم الدولة ذاته، وهو نتيجة ثانوية للطريقة التي نرد فيها بصفتنا أمة لجهودهم في إيذائنا".
ويخلص الكاتب إلى القول: "باختصار فإن الطريقة التي ترد فيها أمريكا على الإرهاب قد تشكل خطرا أكبر لصحة الوطن من أي هجوم أو تنظيم إرهابي".