هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت المناورات المتلاحقة التي تجريها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الجنوب؛ قلقا فلسطينيا متزايدا من إقدام الجيش على تصعيد محتمل، وذلك بعد شروعه بمناورات جديدة على طول الحدود مع غزة، تمتد حتى يوم الخميس المقبل، وتعد الثانية في نفس المكان وفي أقل من أسبوعين .
يأتي ذلك بينما قرر المجلس المصغر للشؤون السياسية والأمنية في إسرائيل توسيع نطاق نشر بطاريات القبة الحديدية المضادة للصواريخ في مناطق متفرقة.
ورغم أن الناطق العسكري باسم سلاح الجو الإسرائيلي قال إن المناورات تأتي في إطار خطة سنوية، ولا علاقة لها بالأحداث الأخيرة في المنطقة، إلا أن محللين عسكريين لم يستبعدوا تصعيدا مفاجئا على جبهة الجنوب، خاصة في ظل شح المعلومات عن طبيعة هذه المناورات ومستواها، والأهداف الحقيقة من ورائها.
الخبير في الشؤون العسكرية الدكتور محمود العجرمي قال إن هناك إشكالية حقيقة ظهرت في استعدادات جيش الاحتلال خاصة في الحرب الأخيرة على قطاع غزة وما سبقها من مواجهات، طالت كل قطاعات الجيش، مشيرا إلى أن تقرير ما يسمى "مراقب الدولة" الذي صدر مؤخرا تحدث عن هذا التقصير بشيء من التفصيل.
وقال العجرمي لــ"عربي21 " إن التقرير المذكور تناول تطور قدرات حركة حماس وتمكنها من صناعة طائرات مسيرة مختلفة المهام من بينها هجومية، وإنتاجها أيضا ما يشبه غواصات صغيرة يمكن تزويدها بالمتفجرات.
وتابع: "كل ذلك يشير إلى أن هناك ثغرات جدية في الجهوزية القتالية لدى الجيش، تطال بشكل خاص سلاح المشاة الذي يعاني من تسرب في وحداته القتالية و رفض للخدمة العسكرية فيه".
اقرأ أيضا: خوفا من هجوم.. جيش الاحتلال ينشر القبة الحديدية في تل أبيب
وربط الخبير العسكري بين ما جرى من عدوانات متكررة على قطاع غزة خلال السنوات السابقة ، وبين رفع مستوى الكفاءة في صفوف الجيش وأضاف: "واضح أن هناك تآكل حقيقي في قدرات الجيش الردعية، فلم يتم إنجاز أي أهداف سياسية منذ عقد من الزمان على ضوء كل العمليات والحروب التي خاضها الجيش طيلة الفترة السابقة".
وفي هذا الاطار تابع يقول: " بعد حرب تموز 2006 أنشأت إسرائيل وزارة الجبهة الداخلية وهو ما مثل حينها تحولا نوعيا في استراتيجية الدفاع لدى الاحتلال، على اعتبار أن كل المعارك تجري داخل فلسطين المحتلة".
وأشار إلى أن أنه قبل حرب لبنان الأخيرة كان العدوان يجري بقرار من المستوى السياسي خارج حدود فلسطين المحتلة وبغزارة نيران، وفي أوقات محددة، وبغية إنجاز أهداف سياسية محددة وكل ذلك كان ينجح، ولكن بعد عام 2006 لم ينجح أي شيء.
وعلى سبيل المثال قال أن هناك أكثر من 19 في المئة سكان مستوطنات غلاف غزة لم يعودا حتى اليوم إلى تلك المناطق منذ بدء الحروب على غزة.
وشدد على أن هذه المناورات تعكس أزمة في الجيش، مستبعدا أن تكون مدخلا أو انعكاسا لعدوان جديد قد يجري في غزة.
أما المختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر قال إن الجبهة الجنوبية مع غزة تبدو ساخنة أكثر من أي وقت مضى، وذلك رغم وجود رغبة فلسطينية بعدم التصعيد حاليا، خاصة في ظل أجواء المصالحة والوضع السياسي المتأزم.
وقال أبو عامر لـ"عربي21" إن جبهة غزة تأخذ اهتماما أكبر من غيرها خاصة مع الحديث المتلاحق عن وجود إنذارات بهجمات على ضوء حادثة تفجير نفق للمقاومة جنوب قطاع غزة، إضافة إلى اشتعال جبهة سيناء وتصاعد هجمات تنظيم الدولة هناك مع وجود خشية إسرائيلية من أن تطالها هجمات.
ورأى أن المناورات ناتجة عن وجود رغبة إسرائيلية في وجود استعداد لأي طارئ رغم عدم وجود مؤشرات على نوايا للتصعيد، وأضاف: "لكن في المقابل لا أحد يضمن أو يعرف طبيعة الأهداف الكامنة من وراء هذه المناورات المتواصلة على قدم وساق بصورة ملحوظة".
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يستخلص الدروس والعبر من كل المواجهات السابقة، لافتا إلى أن إحدى أهم هذه الدروس تتمثل في إظهار الجيش في حالة جهوزية دائمة واستعداد لاندلاع أي مواجهة في الجنوب أو الشمال.
اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي: لسنا مضطرين لنكون الأكثر أخلاقية في العالم
وفي هذا السياق مضى يقول: "الجيش الإسرائيلي مصمم خصيصا للاستعداد للحرب القادمة وخوضها، وهذا يتطلب رفع كفاءته واستعداده، حيث لوحظ أن العام الجاري شهد أكبر نسبة للانتحار في صفوف جنود الاحتلال، وبلغ عددهم نحو 17 جندي، وهناك من ربط ارتفاع هذه النسبة بالتدريبات القاسية التي يستمر الاحتلال في إجرائها في مناطق وعرة".
وحول شن عدوان على غزة قال: " قيادة الجيش لا تبدو متسرعة نحو عملية عسكرية كبيرة في غزة، وذلك بخلاف رغبة المستوى السياسي الذي يريد هذه المواجهة للفت الأنظار عن بعض المشكلات السياسية الداخلية وهذا مل يفسر قرار المستوى السياسي الذي أمر الجيش بنشر منظومة القبة الحديدية على الحدود سواء في الشمال أو الجنوب، وذلك بعكس رغبة القيادة العسكرية التي رات في هذا القرار مدعاة لجلب التوتر وتسخين للجبهة الجنوبية دون مبررات". لكن أبو عامر أكد في القوت ذاته أن المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل بحالة جهوزية دائمة، تحسبا لأي طارئ.