هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حصلت "عربي21" على تفاصيل تكشف حجم خسائر الجيش اليمني في محوري ميدي وحرض الحدوديتين مع السعودية، في المعارك التي خاضها ضد الحوثيين وقوات المخلوع، علي عبدالله صالح، على مدى عامين ونيف.
كما تميط المعلومات اللثام عن مقتل قيادات عسكرية وجنود يمنيين بنيران صديقة مصدرها القوات السعودية التي دخلت المعركة قبل أشهر وفقا لمصادر عسكرية.
حرب استنزاف
وأفادت مصادر عسكرية قريبة من قيادة الجيش الوطني بأن جبهتي "ميدي" و"حرض" الحدوديتين مع المملكة، مثلتا "بؤرة استنزاف" لقواتها في المعارك التي خاضتها في أوقات غير منتظمة تنعدم فيها أي استراتيجية عسكرية ضد المسلحين الحوثيين المسنودين بقوات المخلوع صالح، طيلة الفترة الماضية.
وأضافت المصادر التي اشترطت عدم الإفصاح عن هويتها في حديثها لـ"عربي21" أن هناك "ثقبا أسود في المعركة التي خاضها الجنود الموالين للشرعية، في هاتين المنطقتين المترابطتين ببعضهما، خسروا فيها المئات من العسكريين في قتال خاسر لم يحقق أي مكاسب ميدانية سوى السيطرة على عشرات الكيلومترات فيهما".
وكشفت المصادر عن أرقام صادمة لعدد القتلى من الجنود التابعين للمنطقة العسكرية الخامسة (قوات شرعية) الذين قتلوا في المواجهات مع مسلحي الحوثي وقوات صالح في حرض وميدي الواقعة ضمن مسرح عملياتها خلال أكثر من عامين.
أكثر من ألف قتيل
وقالت المصادر إن أكثر من ألف جندي قتلوا من هذه القوات كما أصيب ما لايقل عن 3 آلاف أخرين، في معارك دارت في كيلومترات محدودة، حيث "افتقرت هذه القوات للتخطيط والدعم اللازم من السعودية التي ترتبط مع هاتين الجبهتين بحدود طويلة".
وتابعت المصادر أن قوات الشرعية "خاضت في صحراء حرض وميدي الساحلية حرب استنزاف حقيقية، دون أن تحظى بأي إسناد من قوات التحالف العربي، قبل أن تشق القوات السودانية غبار المعارك وتعبر الحدود السعودية نحوها، وتشارك بفعالية، لكنها لربما أيضا تعرضت للخذلان وزج بها في محرقة مشابه للقوات الحكومية".
وكان الجيش السوداني أعلن في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن مقتل 412 عسكريا من قواته في مواجهات خاضها ضد الحوثيين وقوات المخلوع علي عبدالله صالح.
اقرأ أيضا: "عربي21" تكشف أسباب تعثر الجيش اليمني في ميدي وحرض
ومضت المصادر بالقول: "شبهات كثيرة و تكهنات واسعة تحيط بهذه المنطقة العسكرية التي تعاقب على قيادتها منذ تشكيلها، خمس قيادات عسكرية بارزة، قدم الثاني استقالته منها، في العام 2016، وهو اللواء، عادل القميري، قائد معركة استعادة ميناء وأجزاء من مدينة ميدي على البحر الأحمر، احتجاجا على حالة الخذلان التي تعرض لها وعدم استجابة التحالف للخطة التي وضعها
في حين جرى تكليف 4 قادة أخرين في قيادتها، دون أن تتغير ملامح هذه الجغرافيا البائسة، فيما استقال آخرهم قبل أشهر، في ظروف غامضة.
موقع ومسرح العمليات
وتقع مدينتي حرض وميدي في محافظة حجة (شمال غرب) الحدودية مع المملكة السعودية، وعلى بعد حوالي 123 كيلو متراً من العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثيين منذ خريف العام 2014.
وتحتلان أهمية كبيرة، حيث ترتبط "حرض" بمنطقة عسير السعودية عبر معبر "الطوال" البري، بينما ترتبط "ميدي" ومينائها الذي يحمل نفس الاسم، بحدود بحرية مع جازان، بل تشكل حائط صد من هجمات حوثية عن طريق البحر.
كما تعد المنطقة الخامسة، إحدى المناطق التابعة للجيش اليمني وتنتشر في محافظتي الحديدة وحجة (غرب وشمال البلاد) ومركز قيادتها مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أكثر من عامين ونصف، لكنها تدير عملياتها الحربية من الأجزاء الخاضعة لسيطرة الشرعية في مدينتي ميدي وحرض، بالإضافة إلى غرفة العمليات المشتركة المكونة من التحالف والشرعية في جازان.
وتتكون المنطقة من ستة ألوية عسكرية، وقد تناوب على قيادتها خمسة قادة: الأول اللواء الركن محمد راجح لبوزة، والثاني اللواء عادل القميري، واللواء علي حميد القشيبي، واللواء توفيق القيز، واللواء اسماعيل زحزوح.
عنصر بشري متمدن
وبحسب المصادر فإن القوة البشرية التي يتألف منها الجيش الوطني في ميدي وحرض، والذي ينتمي أغلبهم لما يعرف بـ"إقليم تهامة" حسب التقسيم الفيدرالي للبلاد، الذي يضم الى جانب محافظتي الحديدة وحجة "ريمة والمحويت" (غرب عاصمة الإقليم)، "زُج بهم في معركة غير متكافئة مع العدو لا من حيث الخبرة القتالية أو العتاد اللازم".
وأشارت الى أن المكون البشري "عبارة عن كثلة متمدنة حديثي العهد بالسلاح، فمنهم طلاب جامعات، ومعلمين، وأطباء، تم الدفع بها في مواجهات خاسرة، دون أي إسناد حقيقي من قوات التحالف".
نيران صديقة
من جانب آخر، كشفت المصادر القريبة من قيادة الجيش في "ميدي وحرض" عن مقتل عسكريين يمنيين بينهم قادة ميدانيين بنيران صديقة من القوات السعودية التي دفعت بلواء من قواتها للمشاركة في القتال بهاتين البلدتين.
ووفقا للمصادر التي تحدثت لـ"عربي21"، فإن "هناك عشرات الجنود بينهم ضباط سقطوا بنيران الجيش السعودي إما بقصف مدفعي أو باستهداف عبر عربات برادلي التابعة لهم، و بمزاعم وقوعها عن طريق الخطأ".
وردا على هذه المزاعم، أوضحت المصادر ذاتها أنه "من غير المعقول أن يتم استهداف جنود وضباط الجيش الوطني في الخطوط الخلفية، بالمدفعية أو بالقنص من عربات "برادلي"، ثم تنسب إلى أنها أخطاء".
لكنها قالت: "من المعروف أن الأخطاء قد تحدث باستهداف الخطوط الأمامية لحليف من حليفه، لكن القصف السعودي استهدف الخطوط الخلفية للجيش ما أدى الى مقتل ضباط وجنود كان أبرزهم محمد الغيلي، بغارة جوية، والنقيب عبدالله الدغبشي حيث تم استهدافه من قبل عربة سعودية من نوع "برادلي" بالقرب من قلعة ميدي شمال غرب حجة، في أيلول/ سبتمبر الماضي.
ولم يتسن لـ"عربي21" التواصل مع قيادة الجيش في منطقتي "ميدي" و "حرض" للتعليق على المعلومات الواردة في التقرير.