هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نوفال أوبسرفاتور" الفرنسية حوارا مع القيادية السابقة في الموساد الإسرائيلي، سيما شاين، التي شرحت مختلف أبعاد الرؤية الإسرائيلية للصراع القائم بين إيران والسعودية، وتداعياته على منطقة الشرق الأوسط.
وقالت الصحيفة، في الحوار الذي ترجمته "عربي21"، إن الباحثة في المعهد الوطني للدراسات الأمنية بتل أبيب، والقيادية السابقة لمكتب التحاليل في الموساد، قبل أن تصبح المديرة المساعدة للمجلس الأمني الوطني، شرحت من وجهة نظرها الرؤية الإسرائيلية للأزمة الحالية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يتحدث فيه البعض عن وجود تحالف ثلاثي بين واشنطن والقدس والرياض.
وفيما يتعلق بسؤال الصحيفة عن الدور الذي تلعبه إسرائيل في هذا الصراع، أفادت سيما شاين، بأن الأحداث التي جدت خلال الأسابيع الأخيرة تشغل دون أدنى شك بال إسرائيل، إلا أن الصراع السوري يشغل البال أكثر من لبنان.
وأوضحت القيادية السابقة في الموساد أن اندلاع الحرب الأهلية في سوريا رافقه ظهور مخيمين، أحدهما يدعو إلى مناصرة بشار الأسد ويعتمد شعار "شيطان تعرفه خير من شيطان آخر لا تعرفه". في المقابل، ظهر مخيم آخر ينادي للإطاحة بالأسد، بسبب وضعه لإيران على الحدود الإسرائيلية وتعامله مع حزب الله، إلا أن الحكومة آثرت عدم التدخل.
ورأت سيما شاين، أن ما يحدث في سوريا جراء التدخل الإيراني يعتبر كابوسا في حد ذاته، وذلك بسبب اعتماد بشار الأسد التام على الإيرانيين وحزب الله والمليشيات الشيعية. وذكرت القيادية السابقة في الموساد أن الشغل الشاغل لإسرائيل الآن هو دحر تنظيم الدولة. ومن ثم ستهتم بالوجود الإيراني على الحدود، الذي يعتبر مصدر قلق، خاصة أن مليشيات إيران قادرة على الدخول إلى لبنان والقتال إلى جانب حزب الله في غضون ساعات معدودة.
وردا على سؤال الصحيفة حول القلق الإسرائيلي من أن يتحول لبنان إلى أرض صراع وقتال، وإمكانية تكرر السيناريو السوري، أوضحت سيما شاين، أن الإسرائيليين لا يرغبون في العودة إلى الوراء. كما دعت سيما شاين إلى عدم نسيان الماضي الأليم والحرص على تفادي تكرار نفس الذكريات المريرة. وفي هذا السياق، بينت شاين أن السعودية أشعلت هذه الأزمة لترسل بإشارات محددة أو زعزعة الاستقرار، ولكنها لا ترغب حتما في إعلان الحرب.
في المقابل، تعتقد القيادية السابقة في الموساد أن حزب الله وإيران يرغبان في نشوب حرب، مشيرة إلى الأصوات التي تدعوا إسرائيل إلى ضرب حزب الله. وحيال هذا الشأن، أكدت سيما شاين، أن إسرائيل لن تضرب حزب الله أو أي جهة أخرى بطلب من المملكة أو غيرها، فضلا عن أن الكيان الصهيوني لن يعلن الحرب ولن ينخرط فيها.
أما عن التدخل السعودي في الشأن اللبناني من خلال إعلان الحريري استقالته من الرياض، فقد أوضحت سيما شاين، أن ما حدث يشير إلى الجزء الظاهر في قمة الجبل الجليدي، ولكن ما خفي فهو أعظم. وأفادت شاين بأنها لا تعتقد أن الأمير محمد بن سلمان أعد إستراتيجية واضحة لإحداث تغيير في لبنان.
وفي هذا الإطار، أشارت سيما شاين، إلى الشائعات التي تفيد بأن السعودية بصدد تقديم مساعدات للجماعات المتطرفة في لبنان بهدف إدخال البلاد في دوامة الفوضى. كما أوردت أن قرار السعودية بالتدخل في لبنان من خلال استبعاد الحريري ليس مجرد قرار سطحي، وإنما هو مبادرة تخفي وراءها الكثير من القرارات التي تتخطى مسألة التفاوض حول الشأن اللبناني.
وفي سؤال الصحيفة المتعلق بالحلف الثلاثي الإسرائيلي الأمريكي السعودي، قالت سيما شاين، إن هذا التحالف موجود ولكنه هش، على الرغم من المصالح المشتركة التي تجمع أعضاءه. وتتجاوز هذه المصالح مواجهة إيران، لتشمل موضوع الإخوان المسلمين وحماس ومحاربة الفكر الجهادي. كما يعزز هذا التحالف وجود صداقات جيدة بين إسرائيل من جهة ومصر والأردن من جهة أخرى، اللذين يعدان بدورهما أصدقاء السعودية.
وأكدت القيادية السابقة في الموساد وجود أرضية ملائمة للمصالح المشتركة والتعاون بين هذه الدول، على غرار التعاون الاستخباراتي القائم الآن. وأفادت سيما شاين، بأن الكيان الصهيوني ومصر والأردن والسعودية يتشاركون في صداقتهم للولايات المتحدة، إلا أن هذا لا يعني أن تترجم الصداقات إلى تعاون مباشر بين هذه الدول.
وفيما يتعلق بتساؤل الصحيفة عن إمكانية نشوب حرب مباشرة بين السعودية وإيران، استبعدت سيما شاين، هذا الاحتمال مبينة أن كل طرف يحاول استخدام ما أمكن من وكلاء في الصراع القائم بينهما، خاصة من خلال لعب ورقة الأقليات. ولكن، يبقى خروج الوضع عن السيطرة رهين الأحداث المستقبلية.
وفي الختام، ذكرت العميلة السابقة في الموساد أن العداء الأمريكي لإيران لن يساهم بأي حال من الأحوال في تهدئة الصراع في الشرق الأوسط. لذلك، سيكون من الأفضل لإسرائيل استدراج الولايات المتحدة الأمريكية للتدخل هناك، لما تملكه من وسائل للتأثير في المنطقة من أجل التخفيف من حدة التوتر.